َ
~ فــراشــة الحــب (١) .
ما أسعدها وقد أطلق والدها عليها لقب ( أم أبيها ) ..
لم تحب شخصًا كما أحبته!
ليس لأنه والدها فحسب بل لأنها لم ترَ إنسانًا نورانيًا مثله في حياتها ..
لقد عاهدت ربها أن تكون كأبيها في العبادة والأخلاق والمحبة لكل الناس ..
نعم المحبة لكل الناس لذلك صار يحلو لنا أن نطلق عليها لقب ( فراشة الحب )..
كانت كالفراشة أينما حلت تضفي الحب والسلام والنور .. لا يسؤوها غير أمرٍ واحد ! و هو أن ترى والدها يتأذى من الآخرين دون سبب !
كانت في السادسة من عمرها عندما رأت أحد المشركين يرمي القاذورات على ثياب أبيها، حينها لم تملك نفسها إذ صارت تشبع ذلك المشرك تقريعًا وتوبيخًا، ثم التفتت إلى أبيها تمسح عنه تلك القاذورات وهي تبكي من شدة الحزن عليه ..
حينها أطلق عليها والدها الرسول ذلك اللقب الشريف لأنه رأى فيها حنو الأم على وليدها !
منذ نعومة أظافرها وتلك الحورية الأنسية تقاسي الألم فلقد عايشت كل تفاصيل المعاناة في شِعب أبي طالب من حصار دام لثلاث سنوات، كانت في بداية الحصار الذي فرضه المشركون عليهم بعمر سنتين فقط !
في هذا العمر الذي فطمت فيه الزهراء من اللبن وفي بداية تعلمها المشي كانت تسير على رمضاء الشِعب بصعوبة بالغة، وتعلمت النطق وهي تسمع أنين الجياع وصراخ الأطفال المحرومين وسط ذلك الحصار،
وبدأت تأكل في زمن الحرمان والفاقة، وإذا ما استيقظت في هدأة الليل وجدت الحرس يدورون بحذر وترقب حول أبيها يخافون عليه من غدر الأعداء في حلكة الليل، ثلاث سنين تقريبًا والزهراء عليها السلام في هذا السجن لا يربطها بالعالم الخارجي أي شيء حتى أكملت الخمسة سنوات !!
وعندما انتهى الحصار كانت قد دخلت عامها السادس حينها فقدت والدتها ( خديجة ) نتيجة المرض والمجاعة التي سببها الحصار فصار تعلق تلك الفراشة بوالدها أكثر من ذي قبل ..
مما زاد من هذا الحب هو استشعارها حزن أبيها و هو يودع زوجته الوفية التي ساندته بكل ما تملك ووفاة عمه ابو طالب الذي عرض روحه وما يملك أيضًا فداءً لإبن أخيه رسول الرحمة والإنسانية .
في الوقت نفسه يحس الأب الرسول بوطأة الحزن الذي خيم على قلب فاطمة، ويرى دموع الفراق تتسابق على خديها، فيرق القلب الرحيم، وتفيض مشاعر الود والابوة الصادقة، فيحنو رسول اللّٰه على صغيرته فاطمة، يعوضها من حبه وحنانه ما فقدته في أمها من حب ورعاية وحنان .
عرفت من والدها الرسول "صلى اللّٰه عليه وآله" بأن اللّٰه أسماها ( فاطمة ) لأنه فطم محبيها من النار فصارت تبادل الناس جميعًا ذلك الحب لعل الجميع يكونوا من محبيها فيفطمهم اللّٰه من النار لأجلها !
كانت تجلس بعد الصلاة تدعو للناس جميعًا وتتوسل إلى اللّٰه أن يهديهم بأن يكونوا مؤمنين بما نزل على والدها ( محمد ) من تعاليم الدين الجديد .
تتمنى في قرارة نفسها ورغم حداثة سنها أن تصدح بأعلى صوتها لتخبر الجميع وخاصة المشركين واليهود بأن والدها صادقٌ أمين لا يمكن أن يكون كاذبًا أو ساحرًا أو مجنونًا كما يتهمونه !
كانت تبكي وتتألم لجرأة هؤلاء الجهلة الطغاة على رجل يريد أن يُخرجهم من الظلمات إلى النور، نعم عندما كان يعود إلى بيته وقد لطخ التراب وجهه ورأسه وعلقت بعض النفايات التي يرميها الجاهلون على ثيابه أثناء طريق عودته إلى داره، كانت تلك الفراشة النورانية تهب نحوه ما ان يدخل الدار باكيةً محزونة مما ألمَّ به فتنفض التراب عنه وتأتي بالماء وتغسل رأسه ووجهه الكريم، فيرى رسول اللّٰه دموعها ويستشعر حرقة قلبها فيسليها بقوله :
( لا تبكي يا بُنية فإن اللّٰه مانع أباكِ وناصره على أعداء دينه ورسالته).#نــهايــة_الفــصـــل
____
🖊 الكاتبة : رويدة الدعمي .
📚 فراشة الحب ج ١ .~ في أمـان اللّٰه ورعايـة ١٤ معصـوم 🌸✨.
أنت تقرأ
فراشة الحب، الجزء الأول / الكاتبة : رويدة الدعمي
Spiritualكتاب لأجل السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ولأجل تعريف الناس بحقها ومظلوميتها سلام اللّٰه عليها وأن يقربهم أكثر من سيدتنا الزهراء عليها السلام فيتعرفوا عن كثب على بعض من جوانب حياتها القدسية فيرتشفوا من نبع عطائها المبارك ويتحسسوا طعم حبها وحنانها...