فراشة الحب، الجزء الأول / الكاتبة : رويدة الدعمي

~ فــراشــة الحــب ( ٨ ) .

َ

~ فــراشــة الحــب (٨) .

لم تتغير حياة فاطمة حتى بعد أن أصبحت موفورة المال!! فبعد فتح خيبر أهداها والدها الرسول أرض فدك وغيرها من الأراضي فأصبحت الأموال تنهال على الزهراء من كل حدب وصوب، فيروى أن فدكًا لوحدها كان دخلها أربعة وعشرين ألف دينار، وفي رواية سبعين ألف دينار سنوًيا..
لكن ماذا فعلت بها الزهراء؟!
وقبل أن نجيب نعود فنتساءل: هي ابنة من؟ ومن أمها؟!!
أليست ابنة تلك السيدة الجليلة التي وضعت كل أموالها في خدمة الدين؟؟ ألم تمت خديجة والدة الزهراء بسبب آلام الجوع والمرض بعد أن عاشت ظروف الحصار مع زوجها؟! أين ذهبت أموال تجارتها الرابحة لكل تلك السنوات الماضية وهي سيدة قريش؟!
شاءت الأقدار أن تصبح ابنتها أيضًا ذات مال وفير ودخل سنوي عالٍ يقدَّر بآلاف الدنانير في حين أن الدرهم الواحد كان في ذلك الوقت يكفي لشراء حاجات كثيرة، بل إن ثلاثين درهم فقط كانت كافية لشراء خادم أو خادمة فكيف بمن يملك آلاف الدنانير وملايين الدراهم؟!!
ِلم تبنِ فاطمة القصور ولم تعمِّر الدور ولم تلبس الحرير ولم تقتنِ الديباج والنفائس، بل صارت تنفق كل ذلك على الفقراء والمساكين وفي سبيل الدعوة إلى اللّٰه ونشر الإسلام..
وهكذا كان حال زوجها علي الذي أسس مائة عين ماء في طريق الحج وجعلها وقفًا للحجاج ينتفعون منها كل عام، وقد بلغت صدقات أمواله في السنة أربعين ألف دينار وكانت هذه القيمة كافية لبني هاشم جميعًا!! هذه بالنسبة لصدقات العلن أما صدقات السر فالله وحده أعلم ما مقدارها؟!
عامان تقريبًا من حياة الوفرة والعزة والكرامة، كانت الزهراء فيهما تعيش أسعد أيام حياتها بين أب عظيم وزوج كريم وأولاد تنير وجوههم وتضيء قلوبهم عتمة ماضيها الحزين..
لقد انتشر دين والدها في جميع أنحاء الجزيرة وأصبح هو الدين الأول في المنطقة من بين جميع الأديان! لقد شهدت مع والدها فتح مكة وكانت قد خرجت معه فيمن خرج معه من النساء يصاحبهم عشرة آلاف من المسلمين!!
كان لواء الفتح بيد زوجها علي بن ابي طالب..
ظلت الزهراء تسير إلى جانب أبيها مزهوة بنصر اللّٰه وقد رأت الأصنام تتساقط الواحدة تلو الأخرى تحت أقدام أبيها وبيد من؟ بيد زوجها وبعلها علي!
رأت بأم عينها كيف أن عشيرتها قريش التي حاربت أباها أشد المحاربة هي نفسها تلك العشيرة التي تلوذ به اليوم وتقول: أخ كريم وابن أخ كريم،
وأبوها يقول لهم : اذهبوا فأنتم الطلقاء!!
لقد صار بإمكانها هي وزوجها وبعد كل هذه الحياة العزيزة مساعدة جميع فقراء المسلمين بل وغير المسلمين أيضا..
لقد قسمت وقتها بين عبادة اللّٰه تعالى وبين خدمة الزوج والأولاد وخدمة المجتمع، كانت تنشر عبق أحاديثها الطاهرة بين جموع النسوة اللاتي يحضرن إلى بيتها يوميًا لينتهلن من فيض كلماتها المباركة :
(من أصعد إلى اللّٰه خالص عبادته أهبط اللّٰه عز وجل له أفضل مصلحته).
(خير للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال).
(ما يصنع الصائم بصيامه إذا لم يصن لسانه وسمعه وبصره وجوارحه).
(حبب إليَّ من دنياكم ثلاث: تلاوة كتاب اللّٰه، والنظر في وجه رسول اللّٰه، والإنفاق في سبيل اللّٰه).
وعندما كانت تصلي فيراها ولدها الحسن عليه السلام تدعو للآخرين ولا تذكر نفسها كان يسألها عن السبب فتقول :( الجار قبل الدار).

#نــهايــة_الفــصـــل

____
🖊 الكاتبة : رويدة الدعمي .
📚 فراشة الحب ج ١ .

~ في أمـان اللّٰه ورعايـة ١٤ معصـوم 🌸✨.

MAHDI_1188

َ