5

20 6 2
                                    

بعد أن عدنا إلى المنزل قمت بإعداد الطعام لتناوله معا ثم قمت بتشغيل التلفاز وظهرت محاضرة دينية

جلست على الكرسي للاستماع إليها ، وكان صديقي يتصفح بهاتفه ثم أطفأه وبدأ يستمع للمحاضرة الدينية أيضاً. لقد تحدثت عن الجنة و الاعمال الحسنه ، ..... حين انتهت

نظر لي صديقي وقال : اسمع جميع ما ذكر بالتلفاز نقوم به نحن في بلدتي .أنها عن الأخلاق وانا لم اخطىء ابدا فأنا احترم القانون و اقف في الطابور دون أي خرق للقواعد ولم اقتل شخص أنا اطيع والدي أيضاً ، و اساعد الفقراء و الأيتام و اعتني بالبيئة و الحيوانات اساعد كبار السن أيضاً وجميع اصدقائي يعرفون أن هذا صحيح... أيعني هذا بأنني سأدخل الجنة ؟

قلت : بالطبع لا

قال : لكن لماذا ! أليست هذه الأشياء من تدخل الى الجنة .

قلت : أسمع حتى أن كنت جيدا فأنت لا تفعل هذا لله  انت تفعل مايلزمك به القانون . او مايجعلك انسان محترم انت تقوم بمساعده كبار السن وغيرهم لتنال بعض من التقدير ولاتقتل أحد لأنك ستسجن انت تعتني بالبيئة وتساعد والداك لتنال التقدير فقط . فالنفترض انك لا تفعل هذا ألم يكرهك الناس عندها ؟
انت تقوم بهذه الأشياء لأنها أساسيات الحياة الكريمة وليس لانك تريد الجنه . أن الإيمان بالله والصلاة أحد أهم قواعد الدخول الى الجنة .

قال : اسمع لقد حدثني شيخ ذات مرة عن نبيكم موسى و فرعون حيث قام نبيك بالدعاء على فرعون ليموت اربعين سنة ولم يستجب له لأنه باراً بوالدته .  ان إلهك لم يستجب لنبيه رغم أن فرعون لم يؤمن بالله لكنه انجاه من الموت إلا يعني أنني سأدخل الجنه لأنني بر بوالدي . ؟

قلت : صديقي صحيح أن الله لم يستجب لنبيه موسى و يجعل فرعون الظالم يموت لأربعين سنة . لكنه لم يرحمه من العذاب في الآخر بل سيذهب الى جهنم . لقد امتع الله فرعون  في دنياه قال تعالى (وَجَعَلُواْلِلّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ{30} ابراهيم ....

لقد متع الله فرعون بأربعين عاماً من الحياة في الدنيا لكنه لم يرحمه من هول ملايين السنين في النار أن مصيره النار لانه ضل عن طريق الله .

قال : قال إلهك أيضاً ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ﴾ [الطور: 17-20].
أليس هذا وصف الجنه اذا بماذا تختلف الجنة عن الحياة أليست مغوية أيضاً فإن الله يغويكم أيضاً بحوريات جميلات و سُرر عالية وقصور واسعة وطعام وشراب ليس كمثله شيء . اذا بهذا أليست الجنة مغوية وتشبه الحياة . لم لاتتمتعون بحياتكم الان أنها كالجنة . إن كنتم مسلمين فعلاً فلم تجركم اشياء موجودة في الآخرة   من اغراءات و عروض و لا تجركم نفس الأشياء في الحياة ؟

قلت : قال تعالى ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110] 
﴿ مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ ﴾ [العنكبوت: 5]
أن الله لا يبشرنا بطعام و حوريات فقط أنه يبشرنا بـ لقاؤه فحين يكون الإنسان مسلم حقيقي سيعرف أن لقاء الله اهم من كل مغريات الجنة .
فهناك من يتعامل مع الله بالتجارة ، حيث يقوم بالصلاة والصيام ليحصل على الجنة وحياة الرفاهية الخالدة أنه يمتنع عن الأكل الان ليأكل ماهو افضل واشهى بالجنة ويغض النظر عن الجميلات ليحصل على من هن اجمل بملايين المرات في الجنة . بهذا يكون من يفعل هذا تاجر فهو يبدل بضاعته بماهي افضل واحسن .

وهناك من يعبد الله عبادة وخوف . فهو يصلي ويصوم خوفاً من جهنم التي تصلى فقط أنه يتذلل لربه لانه لايريد أن يحترق طوال خلوده فقط بهذا يكون العبد خائفاً أن يخطئ طوال حياته ويفعل الصواب كي لايعاقبه سيدهُ ، بهذا يكون العبد عبدا مسجون وليس حر بتصرفاته

أما النوع الثالث و الاخير فهو عبادة الله حباً . فحين تحب الله من كل قلبك ستكون صلاتك كهدية لمن تحبه لاتريد شئ مقابلها سوى أن يحبك حبيبك أيضاً سيكون كل ما تقدمه من أفعال حسنه عبارة عن هدايا ، لم تطمع بالجنه ابدا حين تحب الله بل ستطمع بالله ستفعل ماتفعل لتلتقي بحبيبك فقط لتكون خالداً معه في الآخر لتراه على هيئة حقيقية لم يكن له شبيه في الجمال  . بذلك ستفرح بكل ماتفعله

قال : برأيك اي نوع من هؤلاء يستحق الجنة أكثر ؟

قلت : صديقي انت تعرف جواب سؤالك هذا فعلاً .

قال : قال إلهك أيضاً في سورة البقرة (46): { الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون }، اي انكم تظنون انكم ستلاقونه ظناً فقط و قال أيضاً في الآية الرابعة في المطففين (15): { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون } يعني انكم ستحجبون عن الله

قلت : صديقي كلمة " الظن بالعربية تعني اليقين أما اليقين فهو التأكد الكثير " اي أن المسلمون متأكدين كثيراً أنهم سيرون الله .

أما في الآية الكريمة الثانية فكتاب الله لم يختص حديثه عن المسلمين فقط بل خص الكفار وكل شيء أما كلمة محجبون في خطاب موجه للكفار فقط اي أنهم سيحجبون ويمنعون من رؤية الله في الآخرة

أما الخطاب الموجه المسلمين فهو قوله تعالى في الانشقاق (6): { إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه }،
كادح تعني *laboring مسارع بالخيرات والعمل الصالح  مجاهد في عمله للقاء ربه . وقال الله فملاقيه اي من جاهد في عمله تجاه الله سيلاقيه سيراه وهذا ما فضل الله المسلمين به .


(laboring: تعني من أسرع بعمله الجيد )

أثناء الطريق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن