Part 1- بداية من فيض

1.8K 31 19
                                    

لقد أنقذتني اختي سعادات ...
قالتها الفتاه البيضاء بعفويه وهي تنقل انضارها بين اعمامها غير منتبه لذلك الأسمر الذي ومنذ سماعه بأسم حبيبه قلبه إشتعلت عيناه من الغضب ، اطال النظر لتلك الفتاه البيضاء ثم قال بتساؤل وهو يقترب منها قليلاً : من انقذك ؟! ، من انقذك ؟! ، اجابت الفتاه البيضاء وهي لازالت تبتسم غير مدركه لما تقول : اختي سعادات ، إنها تختبئ هناك في غرفه المؤونه لانها حامل وتشتهي المخلل كثيراً ، اتسعت عيناه صدمه عندما سمع آخر كلماتها ، هل حبيبته التي امضى اشهر بالبحث عنها بجميع بقاع واراضي إسنطبول محتجزه بمنزل والده الذي لا يبعد عنه سوى نصف ساعه ، وما كاد يتكلم ليقاطعه ياماش وهو ينفي برأسه وتليه سنا التي قالت بهمس : إنها ليست بوعيها ياصالح دعك منها ، اكملت الفتاه البيضاء كلامها وهي تنظر لعمها ياماش بقلق : لكن انا لا استطيع ان ابقى هنا كثيراً ياماش آمجا لأن جدتي ستغضب مني إذا تأخرت بالعودة للمنزل وقد تنام اختي سعادات باكراً ولن تستطيع مساعدتي للدخول للمنزل ، كلمات اكشين هذه اكدت لذلك الأسمر بأنها حقاً فاقده لعقلها ولا صحه لكلامها البته ، لذلك تنهد بعمق وعاد أدراجه للوراء بينما قال جومالي وهو يقبل رأس الفتاه البيضاء : لاتقلقي ياعزيزه عمك انتي ، لن تغضب منك جدتك البته ، انا سأتكلم معها ، لكن مارأيك ان تبقي هنا الليله معنا وغداً سنذهب سوياً إلى جدتك ، اكشين وهي تبتسم : حسناً جومالي آمجا كما تريد ، المهم ألا تغضب جدتي ، مسح جومالي على رأسها بلطف ثم قال لها محاولاً إخراجها من الغرفه قليلاً لانه لم يعد بإستطاعته كبت دموعه اكثر من هذا : أيتها الفتاة البيضاء ، مارأيك ان تذهبي الآن للمطبخ مع هذا الصديق - مشيراً لميدات - وتحضري لنا كأس شاي يا عزيزتي ، أومأت الفتاة البيضاء برأسها وهي تبتسم ثم استقامت واتجهت للمطبخ ، نهضت سنا من خلفها بنيه مساعدتها ليمنعها ياماش قائِلاً : أتركيها تعتمد على نفسها قليلاً ياعزيزتي ، اومأت الأخرى برأسها وعادت لمكانها بينما تعالت شهقات جومالي وهو يقول لياماش قاصداً إبنه أخيه : رائحه كهرمان ... لازالت بها رائحه كهرمان ، بكى الآخر بعد ذكر أخيه الاكبر لاخيهم الفقيد على عكس صالح الذي تهرب منهم متجها لدوره المياه محاولاً ضبط أعصابه قليلاً ، لازالت كلمات الفتاه البيضاء تتردد برأسه ( لقد ساعدتني اختي سعادات ) ، غسل وجهه بالماء البارد ثم مسح على شعره الطويل معيداً إياه للخلف متنهداً بعمق ، لايعلم ماذا يفعل ، هل يصدق الفتاه التي لاعقل برأسها ويذهب لوكر الحملان السود لعل وعسى ان يجد حبيبه طفولته هناك ، كلما فكر بهذا يتذكر حالته الفتاه وهي تهذي بالكلام ، تاره تتكلم عن والدها المتوفي وتاره عن جدتها وغضبها ، انهى صراعه الداخلي ثم خرج من الحمام وذهب للمطبخ حيث تقف تلك الفتاه البيضاء برفقه صديقه يحضرون الشاي سوياً ، لم ينتبهوا لذلك الذي يراقبهم من بعيد لازال غارقاً بصراعاته ، خرج ميدات من المطبخ ليسأل عن مكان السُكر عندما لاحظ إنتائه ، وفور خروجه من المطبخ إنتهز صالح الفرصه وذهب ناحيه الفتاه البيضاء وهو يسألها بهدوء : عزيزتي اكشين ، دخلت من تحت السياج لكي لاتغضب منك جدتك إذاً اليس كذلك ؟! ، اكشين : إيفيت ، فتحت ثقب من تحت الأسلاك ومن هناك دخلت إلى الحديقه ، ومن الحديقه ذهبت إلى غرفه المؤونه ومن النافذه دخلت للغرفه ، دائماً افعل هكذا ، صالح : إذا ساديش ؟! ، تنام في غرفه المؤونه لكي تأكل المخلل عندما تشتهيه ؟! ، اكشين وهي تبتسم : إيفيت ، لقد كبر بطنها للغايه ، واصبحت تشتهي تناول المخلل كثيراً ، صالح وهو يبتسم بحزن : إذاً كيف حالها هل هي بخير ؟! ، اكشين : بخير للغايه حقاً ، إرتجفت نبرتها وهي تقول : لكن ... لكن هناك بعض الرجال الغريبون بالمنزل وانا إختبأت بسريرها لشدة خوفي منهم ، تنهد صالح بعمق وهو ينظر لها بينما اخرجت هي من جيبها ورقه صغيره وناولتها صالح وهي تقول بصوت منخفض : ها وهذه الرساله لقد اعطتني إياها لكي اوصلها لك ، قالت لي لاتدعي احد يراها ولا تعطيها إلا لعمك صالح ، اخذ الورقه من يدها تزامناً من دخول ميدات للمطبخ فخبئها بجيبه بسرعه وخرج من المطبخ مسرعاً ناحيه غرفته ليقرأ الرساله ، منذ رؤيته لتلك الورقه الصغيره إرتجفت اوصاله ، شعر بالامل يدب في قلبه من جديد ، اخرج الرساله من جيبه بتوتر وفتحها بأيدي مرتجفه ، تنهد بعمق ثم بدأ بقراءه الرساله التي كان مفادها ( عزيزي صالح ... انا وابنك بخير للغايه ، نعيش بصعوبه لكن لانزلنا على امل انك ستأتي وتنقذنا بيوم ما ، لازلنا محتجزين بمنزل ابي ادريس ، ارجوك لا تتأخر لا اريد لأبني ان يولد بهذا المكان ) ...
عدة كلمات من زوجته وحبيبه قلبه كانت كفيله بأن تزعزع كيان ذلك الأسمر ، بعد ان اوهموه بقتلها لقد ارسلت له رساله دبت في قلبه السعاده والحياه من جديد ، وبالتأكيد سيتحرك بأسرع وقت لكي ينقذ حبيبه طفولته وإبنه ولو كلفه الأمر حياته بالكامل ، بدأ بالتفكير مالذي سيفعله لإنقاذ حبيبته وكيف سينقذها من هناك ليقاطع تفكيره صديقه الذي طرق الباب ودخل متسائِلاً عن غيابه ليجيبه صالح وهو يخرج من الغرفه ويخفي الرساله بجيبه : لاشيئ لقد كان رأسي يؤلمني قليلاً ، خرج مع صديقه للصاله وجلس مع إخوته على مضض ، يشعر بنيران تلتهم قلبه ، يريد ان يتحرك بسرعه لكي يخلص حبيبته من يدي اولئك الحملان لكنه سينتظر للمساء لامحاله وبالفعل بعد عده ساعات كان قد حل المساء وتجاوزت الساعه الواحده والنصف ليلاً ، وبعد ان تأكد ذلك الأسمر من ان جميع من بالمنزل قد غفى خرج من المنزل متسللاً للخارج ، كان ينوي الذهاب لمنزل والده الذي تحول لوكر الحملان السود وبدون التفكير بأي خطه سابقه ، سيترجل بسلاح وحسب ، ومع ان الأمر جنوني بعض الشيئ إلا انه لم يجد طريقه أُخرى سوى هذه لإنقاذ زوجته من بين إيدي الحملان السود ، لم يستطع التفكير اساساً سوى بهذه الطريقه ، وكما اخبرته الفتاه البيضاء فعل ، عندما وصل لمنزل والده تفقد السياج حتى وجد الطرف المثقوب ودخل منه لداخل الحديقه ، ودون ان يراه احد تسلل لمنتصف الحديقه حتى وجد رجلين من الحملان السود يقفون امام باب المنزل ، ولكي يلفت إنتباههم بعيداً عنه اخذ حجره كبيره بعض الشيئ ورماها بعيداً عنهم لتصدر صوت قوي وهذا كان سبباً لذهاب الرجلين ناحيه الصوت وهذا ماسهل الطريق للداخل ، وعلى الفور ودون ان يفكر رفع سلاحه امام وجهه ودخل للمنزل قاصداً غرفه المؤونه حيث تكمث هناك زوجته وحبيبه قلبه ، تفاجئ قليلاً عندما وجد المكان مُظلم لكنه اكمل طريقه وهو ينادي باسم حبيبته بصوت منخفض لعل وعسى ان يجد رداً منها لكن عبث ، لا وجود لمخلوقٍ هُنا ، او هذا ما كان يعتقده ، فعندما فقد الأمل بوجود حبيبته بالداخل هم بالخروج ليوقفه صوت سلاح يأتي من خلفه إلتفت بسرعه ليجد ماكان يتمناه وما يخشاه بذات الوقت ، حبيبه طفولته ... لكنه لم يتمنى ان يجدها هكذا ، تقف عاجزه مرتعبه بين يدي محسون وهو يصوب سلاحه على بطنها ، إرتجفت اوصاله من خوفه عليها ولم يعد يعلم ماذا يفعل ، بحركه تلقائيه رفع يديه للأعلى معلناً إستسلامه ، محسون وهو يجهز سلاحه للإطلاق : أرمي سلاحك ارضاً ياهذا ، رمى صالح سلاحه ارضاً ثم قال بعدما إبتلع ريقه بخوف : تمام ... تمام لكن لاتؤذيها ارجوك ، ارجوك خذني انا واتركها هي لتذهب ، محسون وهو يبتسم بخبث : ولمَ لا آخذ كلاكما مثلاً ، يعني اقتلها امامك والعكس صحيح ، قال جملته تلك قبل ان ينقض عليه من الخلف عدة رجال من الحملان السود ويقيدوا حركته ثم يأمرهم محسون بأن يخرجوه للخارج ، ووسط تخبطات ذلك الأسمر جروه لخارج المنزل بعنف حتى وصلوا لعتبه باب المنزل هناك حيث يقف شيتو يهمهم بسخريه على حاله صالح ، رموه ارضاً بينما امسك احد الرجال بزوجته الحامل مصوباً سلاحه على رأسها وهذا ماشل حركته واستسلم لهم بالكامل ، لقد وقع بموقف لا يُحسد عليه ، زوجته امامه تبكي بخوف بينها وبين الموت شعره وهو عاجز كل العجز عن إنقاذها ، قال صالح بغضب لشيتو وهو لايبعد عينيه عن حبيبته : اتركها وخذني عوضاً عنها ، شيتو وهو يتقرب منه بخبث : لكن إذا اخذتك لن استفيد بشيئ ، لدي لك عرض افضل ، إما ان توافق وتعود للعمل معنا بالمخدرات او ... او سيلد ابنك بيننا وسيصبح اخاً للحملان السود ، ها مارأيك ؟! ، صالح وهو يبتسم بسخريه : تقصد اخاً لل *** أليس كذلك ؟! ، شيتو وهو يقف معطياً ظهره لذلك الأسمر الذي يحاول جاهداً ألا يضعف امام الأعداء : اي ما فهمته منك انك لست موافق على العوده للعمل معنا ، حسناً لايهم ، اساساً زوجتك على وشك الولاده ، قد تلد اليوم او غداً ، لنرى كيف ستتصرف عندما يأتي مولودك للدنيا وهو بعيد عنك ، انهى كلماته تلك مشيراً لرجاله بضرب صالح ، لم يكد ذلك الأسمر ان يدافع عن نفسه لينقض عليه عده رجال وينهالوا عليه بالضرب واللكمات تأتيه الضربات من كل مكان ، لايستطيع حتى حمايه وجهه وصوت حبيبته تبكي وتترجي الرجال بأن يتركوه اشعره بالعجز اكثر واكثر ، تلك المسكينه تنتحب وتصرخ بأعلى صوت بأن يبتعدوا عن حبيبها لكن عبث ، يضربونه بشده ومن كل مكان ، عده رجال مقابل رجل واحد بالطبع لن يستطيع أن يجاريهم ، كان صوت حبيبته يبتعد بكل لحظة رويداً رويداً ويحل مكانه صوت صرير ، لم يقوى ع حماية نفسه ، وحتماً لم يستطع حماية عشق طفولته ايضاً ، أُخذوا منه امله ووضعوا امامه خيار خيانة اخوته فقط... لم يعد يشعر بتلك الركلات واللكمات اللي جعلت من جسده لوحةً دموية حتى فقد وعيه اخيراً مستسلماً للواقع المرير، بل هرباً منه، تركوه جسداً مهترئاً، و الاخرى لازالت تنتحب، افلتت من بين يديهم اخيراً واقتربت منه تحاول الطبطبة ع جروحه ومسح دماءه ، اقتربت مقبلةً وجنته وهمست باذنه بصوت قريب للبُكاء : سننتظرك ولو عدت بعد عمر، لكن لا تفرط بنفسك ، فرقهم عدد من الحملان، الذين جرو جسد صالح خارج المنزل واما هي فأدخلوها لمكانها المعتاد ...
أشرقت شمس الصباح وفي ذلك المنزل الصغير تحديداً حيث يمكث الأخوه وإبنه اخيهم اكشين الفاقده لعقلها ، تستيقظ باكراً وتتجه للمطبخ لتعد طعام الفطور لتجد هناك عمها جومالي الذي سبقها وجهز الفطور قبلها ، اكشين وهو تبتسم لعمها : صباح الخير جومالي آمجا ، جومالي وهو يقبلها من رأسها : صباح الخير ياورده عمك ، عساه خيراً ياحبيبتي لِما إستيقظتي باكراً ؟! ، ام انكِ لم ترتاحي بالنوم هُنا ؟! ، اكشين : استغفرالله آمجا ، لقد ارتحت كثيراً لكنني استيقظت باكراً لأجهز الفطور ، لكن على مايبدو انه اصبح جاهزاً ، جومالي وهو يربت على خدها برفق : اجل ياورده عمك لقد جهزته ، فقد بقي ان ننقله للخارج ، انتي انقليه للخارج وانا سأوقظ عمك الكسول ذلك ، قال كلماته تلك قبل ان يخرج من المطبخ متجهاً لغرفه اخيه الأصغر ياماش والذي تفاجئ عند رؤيته مستيقظاً يمشي بالغرفه بتوتر ويحمل هاتفه بيده ، فقال له وهو يقترب منه بقلق : بيبي ماذا حدث هل هناك خطب ما ؟! ، ياماش وهو يفرك جبينه بتوتر : شي ... جومالي آبي صالح ... صالح ليس موجود بالمنزل ولقد اتصلت به عده مرات لكن هاتفه مغلق ، كان ياماش قلقاً للغايه على إبن أبيه على عكس اخيه الأكبر الذي زال قلقه بعد معرفه ماسبب توتر اخيه الأصغر ، ولمَ سيتوتر من غياب صالح وهو اساساً لايراه إلا كعدو له وللعائله ، جومالي وهو يخرج من الغرفه : وهل هو صغير لتقلق عليه ، ربما وجد شيئاً إخر ليؤذينا به ونحن نشغل بالنا به ، اساساً لِمَ يعيش معنا لازلت لا أفهم ، ياماش وهو يلحق اخيه الأكبر : جومالي آبي حباً بالله هل تترك تلك المواضيع لوقت لاحق ونتحرى عنه ربما هو بخطر ، لم يكن البارحه على مايرام ، لابد انه بمشكله وعلينا ان نساعده ، جومالي بغضب : انا لن اساعد ذلك ال*** مهما حصل هل كلامي مفهوم ؟! ، إذهب وابحث عنه لوحدك ، وإن شاءالله لاتجده ، كل حديثهم هذا دار امام تلك الفتاه البيضاء التي ابتسمت ببلاهه وقالت وهي تلعب بخصلات شعرها : لا تقلق ياماش آمجا ، لقد ذهب صالح لإحضار اختي سعادات من المنزل لكي تأتي معنا لزياره جدتي ، صُدم ياماش وجومالي مِما سمع ، هل ما تقوله الفتاه صحيح ؟! ، هل حقاً ذهب صالح لمنزل الحملان السود ؟! ، كلا كلا لايُعقل... تمتم ياماش بهذه الكلمات وهو يتقرب من الفتاه البيضاء ليسألها بهستريه : عزيزتي اكشين من قال لك هذا ؟! ، أقصد من اين علمتي ان صالح ذهب ليحضر اختك سعادات ؟! ، اكشين : لقد اخبرني بنفسه ياماش آمجا ، ياماش بصدمه وهو ينظر لأخيه الأكبر : طبعاً ذهب ، بالتأكيد تهور وذهب بنفسه لمنزلهم ، اللعنه كيف لم انتبه ؟! ، كيف لم افكر بهذا ؟! ، لقد كان واضحاً بأنه سيذهب لمنزلهم ، منذ ان سمع بأسم اختي سعادات وهو بلا عقل ، لابد انهم امسكوا به ، سأذهب لأراه ، قالها وهو يتجه ناحيه الباب بنيه الخروج ليمسكه جومالي من ذارعه وهو يقول : هل حقاً ستذهب وتخاطر بحياتك لإنقاذ قاتل أخيك ؟! ، ياماش بغضب : اجل ، اجل سأخاطر بحياتي لإنقاذ اخي وأبن أبي ، حتى لو كلفني الأمر حياتي ، انهى كلامه وهو يسحب ذارعه من يد اخيه الأكبر ويتجه للباب ، إرتدى حذائه بسرعه وفتح الباب ليُصدم مِما رأى ، اخيه وأبن ابيه الذي كان ذاهباً لإنقاذه مرمي على الأرض في حالهٍ يُرثى لها ، فاقداً لوعيه ، الدماء والكدمات تُغطي وجهه وكامل جسده ، تراه كالجثه الهامده لولا صدره الذي يعلو ويهبط ببطئ شديد ، تجمد ياماش بمكانه لعده لحظات قبل ان يهرع لأبن ابيه ويحاول إيقاظه وهو يصرخ بأعلى صوت : صالح ، صالح ارجوك اجبني هل تسمعني ؟! ، صالح ارجوك رد علي ، صرخ بأسم اخيه الأكبر ولعل وعسى ان يأتي ويساعده قليلاً بحمل جسد ذلك المسكين للداخل ، وبالفعل اتى جومالي على صوت صرخات اخيه الأصغر ليتفاجئ هو الآخر من حاله صالح ، لايكذب لقد إختلطت مشاعره تلك اللحظه ، لقد احس بالخوف والقلق عليه عندما رأه بهذه الحاله ، لكن ألم يكن قبل قليل يتمنى عدم عودته للمنزل ، مالذي حدث الآن ومالذي غير افكاره ؟! ، ياماش وهو يصرخ بصوت مرتفع : جومالي آبي ارجوك تعال وساعدني لننقله للداخل ، وضعه سيئ للغايه ، هرع جومالي ناحيه اخيه الأصغر ثم قال له : اترك عنك يا ياماش انا سأحمله للداخل انت فقط خذ اكشين لغرفتي ولا تدعها تخرج لكي لاترى الدماء ، ثم جهز لي عده قطع قماش نظيفه ووعاء به بعض الماء واحضر علبه الإسعافات الأولية بطريقك ، هيا هيا بسرعه ، إمتثل ياماش لكلام اخيه الأكبر ودخل للداخل مسرعاً ينفذ ما طلبه منه بينما حمل جومالي جسد ذلك الفاقد لوعيه بحذر وادخله للداخل ، مدد جسده على الأريكه ثم بدأ بخلع قميصه الملطخ بالدماء وفي تلك الأثناء كان قد اتى ياماش بما طلبه منه اخيه الأكبر ووضعهم على الطاوله بجانب الأريكه ليأخذ جومالي بسرعه قطعه قماش بيضاء ويبللها بقليل من الماء ثم يمسح بها الدماء الجافه من جسد ذلك الأسمر ، وبعد ان أزال جميع الدماء الجافه اخذ قطنه صغيره وبللها بالمعقم قليلاً ثم اخذ يمسح بها على جروح جسده ليبدأ صالح بالأنين من شده الألم وهذا ما اقلق ياماش ليسائل قائلاً : جومالي آبي لو ننقله للمشفى ألا يكون جيداً ؟! ، جومالي وهو ينفي برأسه : كلا يابيبي ، ليبقى بجانبنا وامام اعيننا يكون افضل ، ثم انني سأنتهي من تعقيم جروحه وسيكون بخير ، لاتوجد أي إصابات خطيره او كسور لاتقلق عليه ، انت اذهب واحضر ملابس جديده لكي نلبسه إياها وخذ هذه الملابس المتسخه للحمام ، ذهب ياماش فعلاً لإحضار الملابس الجديده بينما اكمل جومالي عمله ، عده دقائق كان قد إنتهى من تعقيم جروحه ، اخاط العميقه منها وضمد السطحيه أيضاً وبمجرد ما إنتهى كان قد عاد ياماش بملابس جديده فألبسه إياها بمساعده ياماش ، لا يعلم لِمَ يهتم به بهذا الشكل اساساً ، كان قبل قليل يتوعد له ويتمنى موته ، موت قاتل اخيه ، لكنه اخيه ايضاً سواءً قبِل بهذا ام لم يقبل ، سواءً صدق هذا ام رفض التصديق ، مهما فعل لن يستطيع إنكار الحقيقه ، اطال النظر لذلك الأسمر الفاقد لوعيه ، كان الأخ الاكبر يعيش صراعاً داخلياً حاداً ، لايعلم هل مافعله من الصواب ام لا ، يشعر بالندم قليلاً لأنه ساعده وعالج جروحه فبالنهايه لا يراه إلا كقاتل أخيه لكن لايجوز ان يبقى هذا جريح امام عتبه منزله ايضاً ، اخرجه من اعماق صراعه الداخلي صوت ميدات وهو يصرخ بخوف وقلق : آبيي ، ارتفع صوت صراخه وهو يقترب منه بسرعه قائلاً : آبي مالذي حدث لك ؟! ، نقل انظاره بينهم وهو لازال يصرخ بصوت مرتفع : ياماش مالذي حدث لأخي ؟! ، ليجبني احدكم حباً بالله ، اخذه ياماش على جنب وشرح له كل ما حصل ليعود ميدات ويجلس بجانب اخيه النائم أما ياماش فجلس بجانب اخيه الأكبر ، كان يعرف جيداً الصراع الذي يعيشه اخيه جومالي لكنه قرر عدم التدخل لعل وعسى ان يجد حلاً بنفسه ويخرج من هذا الصراع بمفرده عدا انه يعلم جيداً بأن جميع ما سيقوله لن يجدي نفعاً البته ، مرت عده ساعات تقريباً الجميع يجلسون فوق رأس صالح على حالهم ينتظرون إستيقاظه ، واخيراً بدأ ذلك الأسمر بفتح عينيه واستعادة وعيه رويداً رويداً ليصرخ ميدات فرحاً وهو ينادي: آبي آبي هل انت بخير ؟! ، واكمل على كلامه ياماش وهو يتسائل قلِقاً : صالح هل تسمعنا ؟! ، كيف تشعر اجبنا هل انت بخير؟! ، طلب صالح قليلاً من الماء وهو يسعل بشده ليناوله ياماش كأس الماء ويساعده على الشرب قليلاً وبعد ان إنتهى عاود إسإلته ليجبه صالح بصوت متعب يجاهد ليخرج الحروف من فمه : حسناً اهدءا قليلاً انا بخير لا تقلقا علي ، ياماش وهو ينهض بغضب مقلداً اخيه صالح بسخريه : لا تقلقا علي... ارتفع صوته وهو يصرخ بغضب : اللعنه على افعالك ياصالح ، كيف تذهب لمنزل الحملان السود لوحدك ؟! ، على الأقل كنت اعطنا خبر بما ستفعل ، لقد تركتنا وذهبت بمفردك ياهذا ، صالح محاولاً تبرير افعاله : لم ارد إشغالكم بهمي على كل حال لقد ذهب كل ما فعلته هباءً منثوراً ، ياماش بتعجب : مالذي تقصده بكلامك ؟! ، صالح : كلامي واضح للغايه ، لم اجد سعادات هناك ، جومالي وهو ينظر له بتعجب : وهل كنت تتوقع ان تجدها حقاً ، ايها المعتوه بالطبع لن تجدها ياهذا ، اساساً لو كانت على قيد الحياه وانا اشك بهذا لن يتركوها بالمنزل فهذا سيكون واضحاً للجميع ، نظر ياماش لأخيه الاكبر جومالي وحاول إسكاته وتغير الموضوع قائلاً وهو يجلس بجانب اخيه صالح : المهم الآن ان تكون بخير بابامن اولو وسنحل كل شيئ لاحقاً لاتقلق ، سنبحث عن اختي سعادات وسنجلبها للمنزل أيضاً ، كل شيئ سيكون بخير ، اومئ صالح برأسه ايجاباً بخفه وقد إملتئت عيناه بالدموع ، ما كان يريد ان يخبئ عليهم أنه وجد حبيبه قلبه بيد الحملان السود لكنه إضطر للكذب لعله يجد خطه أُخرى لإنقاذها دون تدخل إخوته ، نهض ميدات للمطبخ ليعد لأخيه المُصاب قليلاً من الحساء بينما نطق جومالي وهو لا يبعد ناظريه عن صالح : ياهذا كيف وصلت للمنزل بمنتصف الليل ، ماذا لو لحق بك أحد الحملان السود وكشفوا مكان منزلنا ؟! ، صالح بتوتر : اساساً لم آتي انا للمنزل ، لقد فقدت وعيي واسيقظت الآن ، ياماش بصدمه : هل تعني أنهم من وضعوك امام المنزل ، هذا لايعقل ، هذا يعني انهم يعلمون مكاننا ، جومالي وهو ينقل ناظريه بين إخوته : أصبح الوضع خطيراً جداً ، يجب ان نغير مكاننا بسرعه قبل ان نتعرض لهجوم من اؤلئك ال*** ، استقام مكملاً كلامه : انا سأنقل الفتاه البيضاء لمنزل والدي ثم سآتي لكي آخذكم لمكان آخر ، ياماش : إلى اين سنذهب ؟! ، جومالي : لدي منزل آخر بوسط الغابه ، سنبقى به عده ايام لنبتعد عن أنظارهم قليلاً ، انتم تجهزوا سنخرج فور عودتي ، ميداات ، ناداه جومالي ليخرج الآخر من المطبخ وهو يرتدي مئزر الطبخ ، جومالي وهو يمسح على وجهه بغضب : ال*** على همك ياهذا ، اترك الآن الحساء واذهب وجهز السياره ، سنخرج من هنا واحتاج وجودك معي ، نظر ميدات لأخيه صالح بتعجب ليومئ له صالح إيجاباً ثم يقول : لتذهب معه يا ميدات ولتبقى هناك ايضاً ، خذ حذرك من الفتاه البيضاء ومن والدي ، ميدات : لكن آبي ... صالح بغضب : لا اريد اي إعتراض ياهذا ، إفعل كما اقول لك وحسب ، تنهد الآخر بضيق ثم خلع عنه مئزر المطبخ قائلاً : تمام سيد جومالي ، كما تريد ، نظر لياماش مكملاُ كلامه بتردد : شيئ ياماش ... لقد تركت البصل على النار ، لو تلقي عليه نظره يكون جيداً للغايه ، ياماش : تمام سأكمل الحساء عوضاً عنك انت لاتقلق ، اومئ الآخر برأسه ثم خرج ليلحق به جومالي ومعه الفتاه البيضاء بينما جلس ياماش قليلاً مع ابن ابيه ثم إتجه للمطبخ ليتفقد الحساء تاركاً ذلك الأسمر لوحده بالغرفه غارقاً بصراعاته ، لقد اصبح بوضع لا يُحسد عليه ، واقف بين نارين تماماً ، إما سيقف بجانب إخوته وينسى حبيبته وإبنه الذي لم يولد او يسينقذ حبيبته وسيكسب كره إخوته ، كان يحاول ان يفكر بخطه ترضي الطرفين لكنه لم يستطع بتاتاً ، لذلك سلم عجله القياده لفارتولو الذي فكر بخطه سريعه غير مهتم لما سيحصل مستقبلاً ، وقعت عيناه على هاتف المنزل الذي كان موضوعاً على الطاوله بجانبه ليأخذه ويتصل بشيتو ، فقد قرر أخيراً ان يختار طرف حبيبته وإبنه ، عده لحظات واجاب شيتو على الهاتف ليدخل صالح بصلب الموضوع مباشرةً قائلاً : حسناً موافق ، سأعمل معكم وبالمقابل ستترك زوجتي ، اجابه شيتو ساخراً : من الجيد انك اتخذت قرارك باكراً ياسيد فارتولو لأن زوجتك أنجبت الليله الماضيه طفلاً يُشبهك كثيراً....
يتبع...

الحفرة - نصف الحقيقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن