Part 6 - عائلة

384 8 1
                                    

انسحب كل من الاخوين من المكان، بعد ان وضعا رجلاً بدلاً من جومالي، واتجها الى جوار اخيهما الاكبر واغلقو الباب خلفهم، كان الباب خفياً يبدو وكأنه خزانة رفوف من جهة، ومن جهة اخرى باب، كانت فكرة فارتولو عندما اشترى البيت ولم يعلم به احد سوى ميدات، حملاه ع اكتافهم الى السيارة "سأتصل بعلي ليأتي، وقدير ليرتب المكان"...  
"بهدوء" قال صالح ليرد عليه قدير "ابتعد انت آبي، جرحك لازال حديثاً"، لم يجادل، فتح لهم الباب وقادهم الى السرير والغرفة يبقى بها، عدل السرير ووضعوا جومالي به، بدأ كل من الاخوين بازالة ملابس الاكبر ومحاولة غسل جروحه، فيما يُسمع منه صوت همهمة، توضح انه يتألم مع كل لمسة يلمسانها، "صالح اترك عنك" "لنفعل شيئاً حتى وصول علي" "قدير ذهب ليجلبه" "اعرف، لكن لا استطيع الجلوس والنظر فقط، يحب ان نفعل شيئاً ما" كان يشعر بالدوار لكنه تجاهله، يحاول قدر استطاعته امساعدة من امامه، فقي قاموسه هو لا يفرق معه طريقة معاملة اخوته له، فسيسعى دائماً ليكون عوناً لهم، هكذا سمع عن الاخوة، وهذا ما قالته له والدته، فقد كبر مع هذه المبادئ، نهض قليلاً ليجلب اقمشةً نضيفة لينظف بها جروح الاكبر، وحضر الشاش والمعقمات، توقف للحظة عندما اسودت دنياه، لازال في مرحبة التعافي، "يا صالح لترحم نفسك قليلاً" هتف سليم الذي يراقب كلا اخويه، "لا ينتهي الامر بك في سريرٍ اخر كحاله" انهى كلامه مع دخول علي، الذي استلم زمام الامور، "ليبقى معي احدكم" واشار لسليم، فيما ابتعد صالح للخلف، يشعر بالمكان يدور حوله، الغثيان، يشعر بحمل ثقيل ع صدره، تركهم واتجه لدورة المياه، انتبه علي الى حال الاخر فنادى قدير "لتبقى معه"،  واكمل عمله مع جومالي، حيث اخذ علاماته الحيوية، ضمد جراحه، اعطاه محلولاً وريدياً "يحتاج صور اشعة، وفحوصات دم، الثانية استطيع حلها اما الصور ضرورية" "ليستيقظ وآخذه" بقي سليم بجوار جومالي "انا سأرى صالح آبي حاله لم تعجبني" "سيكون خيراً" ، انسحب علي الى الغرفة الاخرى، فقد قلق ع صالح الذي شحب لونه وخرج من الغرفة قليل، لحق علي باخيه وصالح الى غرفةٍ اخرى، ليجدهما جالسين ع الدرج امام باب البيت، اي بالحديقة مقابل بيت ادريس، ويتحدثان، اقترب منهم "هل انت بخير؟" رفع صالح نظره لعلي واشار له ليجلس "بخير، لا تقلق" "مع ذلك تعال لافحصك بالداخل" اكمل قدير "لا ترد ليس بخير، كان يشعر بالغثيان والدوار لهذا اخرجته من المنزل، ليخفف الهواء البارد من غثيانه ولو قليلاً" "هل تناولت اي شيء صالح؟" سأل علي ليرد الاخر ساخراً "ماذا حصل لفارتولو؟" "لم يحصل شيء لكن الا تناديك عائلتك هكذا؟، اجبني الان" "ايفيت" نظر له علي بحدة "ماذا تناولت عجبا؟" لم يجب الاخر ليمد علي يده لصالح "هيا انهض، عمي ادريس امنك عندي وانا لن اخون امانته، هيا لترتاح قليلاً، وقدير هلا احضرت شيئاً يؤكل، احسب حساب الجميع" خرج قدير فيما بقي صالح وعلي بغرفته "ارفع قميصك لارى" كان جرحه واضح بانه نزف منذ مدة، وحتى واضح عليه علامات الالتهاب، فتصرف علي سريعاً ليأخذ العلامات الحيوية، نظف الجرح واعاد تضميده والاخر صامت يتألم لكنه لا يظهر ذلك، "اعطني يدك" اخرج عدة انابيب ومحلول ملحي، فيما تململ الاخر "هل هذا ضروري؟" رد علي "لنرى، ضغطك منخفض، حرارتك مرتفعة، نبضك سريع، جرحك التهب، ماذا تريدني ان افعل؟ هل احضر مشروباً ونتبادل الهموم!" "هذا افضل" رد الاخر بانفعال "يا آبي!" ابتسم الاخر "اني اتعبك معي علي جيم" "هلا صمت قليلاً، دعني اركز، ثم ما فعلته انت لنا اكثر من هذا، لن استطيع سداد دينك مهما حاولت" كان سليم يستمع لكلامهما حين تدخل "والله حاولت معه لكنه عنيد لا يسمع، لا يأكل ان لم تطعمه، ولا يشتكي من امر اصابه ان لم تسأله" رد الاخر ساخراً "اجتمعتماً علي الان؟ اين قدير ليكتمل العدد؟" "ذهب ليحضر الطعام" رد صالح "الساعة الواحدة بعد منتصف الليل من اين سيحضر الطعام؟" "لا تقلق انت، يعرف من اين يحضر" اقترب سليم وجلس ع طرف السرير ووضع يده ع جبهة اخيه "كم حرارته؟" رد علي "مرتفعة ٣٩، لهذا سأبدأ بكورس مضاد حيوي وريدي، واخذت فحص زراعة لاعرف نوع البكتيريا المسببة للالتهاب" "ومتى تصدر نتائجها؟" "دوامي بعد ساعتين، وينتهي مساءً سأعود والنتائج معي باذن الله، الا فحص الزراعة يحتاج ثلاثة ايام" قاطعهم دخول قدير مع الطعام، قسموه بينهم، اكل صالح بقدر استطاعته مع ضغط الباقين عليه، وضع علي علاجه في المحلول وخرج لعمله، بقي سليم يتنقل بين اخوته، في حين ان قدير ينام بجوار صالح، مما قلل زيارات سليم له، وبقي بجوار الاكبر...
حل الصباح، استيقظ صالح ع صوت والده، الذي اتى لتوه... "اهلاً بابا" هتف سليم فيما دخل ادريس الى البيت يتفقد اطرافه "رأيت قدير يخرج قبل قليل، وعلي كان هنا مساءً رأيت سيارته، فهمت ان امراً ما قد حدث، لذا لن تخبئ اي شيء يا سليم، اخبرني ماذا حدث؟ واين صالح؟" يسمع صالح ما يحدث ولكن وكأن الصوت بعيد او في بعدٍ اخر، فتح عينيه بتعب، واعتدل بجلسته في السرير، يستمع لما يجري بالغرفة الاخرى، "صالح بخير يا ابي، لا تقلق، لكن.." كان صوت سليم يُسمع من الغرفة الاخرى متبوعاً بصوت والده، "لكن ماذا؟.. ماذا هناك سليم؟" اشار سليم لادريس للغرفة التي يبقى بها جومالي "لكنك قلت ان صالح بخير" "صالح بالغرفة الأخرى وليس هنا"  ينظر ادريس باستغراب لابنه، كل جملة من سليم تدخل ادريس في دوامة اعمق من التي قبلها، فقرر بالنهاية الدخول الى الغرفة، فتح الباب بتردد ودخل، بمجرد ان اخذ اول خطوة لداخل تلك الغرفة ارتسمت ع وجهه معالم حزينة وسعيدة بذات الوقت، تعبر عن اختلاط مشاعرة في تلك اللحظة "جومالي" همس فيما تقدم بتردد التفت الى سليم "ماذا حدث؟" روى له سليم ما حدث بالتفصيل، اقترب ادريس من جومالي مع استيقاظ الاخر، "بابا!" "هل انت بخير؟" نظر الاخر حوله، مجيباً "بخير، ماذا حدث؟ اين انا وكيف وصلت الى هنا؟" اعتدل جالساً في السرير ينوي النهوض لكن لم يدعه الآخرين، فاجاب سليم "صالح، انقذك، يعني كنا سوية واخرجناك من هناك" واكمل راوياً ما حدث وارتسم ع وجه الاخر معالم الرضا وعدم الرضا، كيف سيرضى في حين ان من انقذه هو ذات الشخص الذي يعتبره عدواً له، "واين ذهب ذلك ال*** يا ترى؟" "جومالي!" رد ادريس بنبرة غاضبة، ليجيب الاخر "أليس كذلك بابا! انه قاتل اخي، خائن يعمل مع العدو، كما انه ابن زنا" اصمته ادريس "لن اسمع لسانك يتلفظ بهذه المصطلحات مجدداً، صالح اخوكي، ابني كما تكون انت ابني.." و اكمل سليم "آبي! لولاه لما كنت هنا" "لا احتاج مساعدته" نهض هائجاً من الغرفة ليجد صالح يقف امام الباب ، "ابتعد" "الى اين ستذهب وانت بهذه الحالة حباً بالله؟" سأل صالح بنبرة باردة "اذهب الى الجحيم ما دخلك؟" "هل ستقع مجدداً بين يدي الحملان يا ترى؟" "سأنهيهم ثم سآتي خلفك، كن مستعداً" دفع صالح بعنف اسقطه ارضاً وقصد الباب، يشعر بألم يجتاح جسده، وكأن قطاراً دهسه لكنه يتجاهل ويتظاهر بالقوة، امسك بيد الباب ينوي الخروج، ليتوقف بعد ان سمع والده يصرخ عليه بغضب "جوماالي، لن تخرج من هنا وستجلس وستستمع" "لكن، بابا!" "لن اعيد كلامي يا هذا" اقترب منه ونظر اليه قبل ان تهوي يده بصفعة مؤلمة، كان ادريس قد قرر مواجهة ابنه بما انه هائج ولا يفكر بماذا يفعل، نطق ادريس "لماذا فعلت هذا؟ لماذا جعلتنا ندفنك وانت حي يا ***، وصلنا خبر موتك، اقمنا عزائنا، لكن كما ارى انك حي ترزق ولم تفكر حتى بالمرور علينا لتخبرنا، انك حي، هل تعرف بما مرت به! بما مرت به والدتك؟ام هذا لا يهمك! فقط تلحق باخوتك تشير لهم وتطلق عليهم النار" لم يرفع الاخر نظره بل اكتفى بالاعتذار "ارفع نظرك الي لارى" نزلت صفعة اخرى ع وجهه تُبعت بعناق يفرغ شوق كليهما، في طرف الغرفة ساعد سليم صالح ع النهوض "هل انت بخير؟" همهم الاخر بالايجاب، وهو يضع يده جرحه متألماً "هل انت متأكد؟" ثم سمع والده الذي يريد ان يطمئن "انت بخير اولوم اليس كذلك؟" "بخير يا ابي" انهى كلامه وجلس ع الاريكة بقربه"هل انت متأكد؟" "ايفيت" كان جومالي يتابع اهتمام اخيه بصالح مستنكراً ذلك لا يفهم كيف اختلفت الموازيين...
لاحقاً، اشار لهم إدريس "ليتصل احدكم بياماش ليأتي هنا هو ايضاً لنتكلم، كان ادريس ينظر اليهم بحزم، ويبادل جومالي بنظرات غاضبة، بينما اقترب من صالح ليتفقده فيما نظر الى سليم الذي انهى مكالمته مع ياماش "ماذا قال علي، الفتى حرارته مرتفعة" رفع صالح رأسه "يوك بشي بابا" "كيف لا يوجد شيء!..." تجاهل صالح ونظر لسليم الذي شرح لوالده ما شرحه له علي ليلة امس، فتنهد الاخر بتعب، توقف للحظة ونظر اليهم "براڤو، يقولون انجب وستجدهم سنداً لك عندما تشيخ، وقالوا يذهب همهم عندما يكبرون، انظر اين نحن الان! الاصغر يقتل الاكبر، لماذا ليحرق قلب ابيه الذي لم يعرف عنه اي شيء، والاخر اتفق مع الاول لينقلب ع عائلته، الثالث زور موته وخرج ليقتل الاول، وانتهى الامر باطلاق النار عليه" نظر جومالي الى والده باستغراب وقبل ان ينطق قاطعه والده "انت لم تكن تعلم عن الحملان، فلماذا هربت يا ترى؟" صمت الاخر ولم يجب ليكمل ادريس "لم تهتم لكونه مصاب وبدأت تشتم به ورميته ارضاً، هل تعرف ان رصاصتك تلك لازالت بجسده، بجوار شريان ما، ان اهتزت ستكون نتيجتها مأساوية، في تعرض الى اصابة او ما شبه في ذات المكان" نظر جومالي وكأنه لا يهتم وتمتم "ليأخذ عقابه اذاً" رد ادريس غاضباً "لتعاقب امك اذاً، لنعاقبها ايضاً، رمته بالشارع وهو طفل! وعاد وهو يظن اني انا من رماه للجحيم، لتعرف شيئاً ليكن بعلمك، لو قتلناه حينها لكنا قد لبينا له طلبه، وان قتلته الان لن يحزن، لكنك ستنتهي بطفل يتيم اخر.." قاطعه جومالي وهو يضحك "هل انت تصدقه ايضاً!" "ولماذا سيكذب بأمر كهذا!" "لينال استعطافكم" تدخل صالح هنا "اي استعطاف يا هذا، صدقني اني انال جزاءي كل يوم عندما ارى ابني يكبر بين الحملان، يهددون باخذه وقتل امه، وانا لا يوجد ما اخسره سواهما، كبرت ولا شيء مهم في حياتي، ولما الكذب كانت امي فقط هي الشخص الوحيد الذي يهمني امره وهي ذهبت وتركتني، يا هذا هل تعرف طفلاً حاول الانتحار؟ وجدت اعلى جسر فوق المياه ورميت نفسي من فوقه، عل روحي تفارق هذا الجسد لكن لا، استيقظت بعد مدة ع طرف الشاطئ، ها لم ينقذني احد، بل قذفتني تلك المياه ع حافة الحياة، لم يسمح لي بالموت، كنت قد مت عشرات المرات اساساً، ما الفرق! لكني كالفينق، اموت واحيا، تلك كانت احدى المرات التي حاولت انهاء حياتي، كطفل لم يتجاوز الثانية عشرة،..." قاطعه صوت الجرس، فتح سليم الباب، واذ انه ياماش وقد وصل لتوه، "ماذا يحدث هنا؟" هتف لحظة دخوله، لكن نبرته تضائلت حين وجد اخوته وابيه بذات المكان، اقترب من ادريس مقبلاً يده، وعانقه، ثم قلب نظره بين اخوته وتنهد براحة "اوف بيه، انتما بخير، الحمدلله"  ابتسم كلاهما له، اقترب من سليم وعانقه، استأذن من والده واكمل "جميعكم هنا ما شاء الله! وانا لا احد فيكم يعلم ما حالي، هل اقلق ع صالح الذي اصيب واختفى! ام ع سليم الذي حاول الانتحار! ع جومالي الاكبر من كلاهما اختفى من وسط شجار، وكما ارى ما شاء الله صنعو منك لوحة فنية، ابحث هنا واركض هناك، لكن لا فائدة لا خبر عن اي منهم، بقيت لوحدي..." صمت ونظر الى والده الذي اومئ بالجلوس، وجلس هو مقابلهم، "هل انتم بخير؟" سأل اخوته بعتب، ليومئ له صالح بالإيجاب فيم اجاب جومالي "بخير، لا شر يصيبنا" "جيد" "اين اصبت؟" اشار صالح لجانبه الايمن، فيما رد ياماش "وما حالك الان؟" "اييم" رد سليم "لا تستمع له لازالت تلك الرصاصة في جسده قد تنهي امره باي دقيقة" رد ياماش قلقاً "ما الحل! يعني لن نبقى ع اعصابنا للابد؟" "يوجد حل، لكن بحاجة الى مشفى وجراح ماهر، الجراح موجود لكن المريض لا يستطيع اولا يريد الذهاب للمشفى" فاكمل سليم شرحه لحال ابن ابن ابيهم، فيما يستمع الباقون، ثم اكمل ادريس وهو يشرح نقاط قوة الحملان او لنقل نقاط ضعف الكوشوفالي، ماذا يملكون ضدهم، وماذا قد يفعلون، "سننسى حساباتنا السابقة بين بعضنا" وكان ينظر لجومالي الذي يحدق بصالح، "سنضع خصوماتنا جانباً" وهو ينظر لسليم "سنوحد فرقنا، وسنعيد الحفرة، لنقل هذا ما ستفعلونه، "لن تتحرك لوحدك" مشيراً لجومالي "لن تخبئ اي شيء" وهو ينظر لصالح "ستراقب من بعيد" وهو ينظر الى سليم "ستحمي وستحتمي باخوتك، وستكونون يداً واحدة لا فرقة وقائد" وهو ينظر لياماش، "رجال الحفرة اخوتكم وانتم اخوتهم، لا تتركو طرفاً لهم ناقص، حتى يكونو هم طرفكم الناقص، ستوحدون جمعهم، وستقومون بلم شملهم، الى هنا وينتهي الكلام، ينتهي الشجار، اريد فعلاً، لنستعيد الحفرة، ثم لكل حادثٍ حديث..." وضع ادريس النقاط ع الحروف واشار الى الطريق التي يجب ان يسلكها ابناءه، وبقي هو ينظر اليهم من الخلف، يراقب خطاهم..
في مستودع في احد الاطراف القريبة للحفرة، اجتمع ياماش واخيه صالح برجال الحي ، كيف استطاعوا جمعهم اساساً لا احد يعلم ، فمنذ دخول الحملان للحفره وسيطرتهم عليها انقسم ابنائها قسمين معاديين لبعضهم بعضاً ، (اليوم وقبل ان نخبركم ما سبب جمعنا لكم سنصلح بينكم) ، قالها ياماش وهو يطالع ميكي الذي كان ينظر لجيلاسون بغيظ فيما قال جيلاسون وهو يبادل ميكي ذات النظرات : آبي لايوجد داعي لجمعنا سوياً ، قل ماتريده على الفور ولنساعدكم إذا إستطعنا ، وإن لم نستطع دعنا نذهب ، لاكلام لي ما هذا ال *** ، قالها مشيراً لميكي الذي إشتاظ غضباً ثم صرخ متقدماً من جيلاسون ناوياً الإنقضاض عليه : لمن تقول *** ، ياهذا لمن تقول ، الآن إن لم ابلعك كلماتك لايكون اسمي ميكي ، جيلاسون : هيا تعال ، أرني ما تستطيع فعله تعال ، انقض ميكي عليه ممسكاً إياه من ياقته ثم لكمه ليرد له الآخر اللكمه ، وعلى حالتهم هذه علق بقيه الشباب مع بعضهم ، ناظرهم ياماش ببرود ، بروده لايعكس تلك النيران داخله ، يشاهد ابناء حيه يتقاتلون ، كشحنتي سالب وسالب متنافرتان ، منذ متى وهذا التفكك بين ابناء الحي ، الم يكن حيهم يُضرب به المثل من شده ترابط ابناءه وتماسكهم ، زفر الهواء من فمه بغضب ثم اخرج سلاحه من خصره واطلق رصاصه بالهواء مفرقاً ذلك الشجار ، ان لم تبتعدوا عن بعضكم بعضاً سأفرغ هذا المسدس برؤوسكم ، قالها ياماش وهو يصوب ناحيتهم ، لم يعد يحتمل رؤيه اؤلئك الرجال الذين يعتبرون كأخوته يتشاجرون ، لكن إطلاقه النار بالهواء وتهديده لهم لن يكفي ، لذلك اكمل صارخاً بهم : ياهذا هل فقدتم عقولكم ؟! ، كيف تفعلون هذا بأنفسكم ؟! ، انا حقاً أتعجب منكم ، ألستم اخوه ؟! ، ألم تكونوا تتجولون بالحي وانتم تنادون بعضكم بعضاً اخي واخي ، مالذي غيركم الآن ؟! ، ميكي : انتم السبب ، لقد تخليتم عنا وهذه نتيجه افعالكم ، ياماش وقد ارتفعت نبرته اكثر وأكثر : انها حجج ياهذا ، ذهابنا والحملان مجرد حجج وضعتموها لأنفسكم ، إن لم تكونوا من الاساس سوياً لايفرق بينكم شيئ ، ياهذا ألم تكبروا سوياً ، ألم تأكلوا من ذات المائده ؟! ، كيف استطعتم معاداة بعضكم هكذا ؟! ، كيف استطعتم ضرب وإيذاء بعضكم هكذا ؟! ، اجيبوني كيف ؟! ، لقد نشأتم سوياً ياهذا يجب ان لايفرق بينكم شيئ ، يجب ان تقوى علاقتكم ببعض اكثر واكثر في كل محنه بدلاً من ان تتزعزع ، هل يعجبكم حالكم هذا ؟! ، كالحيوانات المفترسه تنتظر الفريسه حتى تنقض عليها ، ألا تريدون تحسين وضعكم ، ألا تريدون ان تخرجوا من بيوتكم وانتم مطمأنين على عائلاتكم بدلاً من ان تأتوا للمنزل وانتم خائفين من ان يصيبهم مكروه ؟! ، جيلاسون انت هل تآمن بأن تخرج وتترك زوجتك لوحدها بالمنزل بينما اؤلئك ال*** يتجولون بالحفره ؟! ، اومئ جيلاسون برأسه نافياً فيما اكمل ياماش : وهذا ما اقصده ، يجب ان نتحد الآن لنتخلص منهم ، يجب ان نقف صفاً واحداً ونضع ايدينا ببعض لننهيهم ونعود لحياتنا السابقه ، هل انتم معي لكي نعيد الحفره إلى سابق عهدها ، هل انتم معي لنزيل العقبات من الطريق لتعود المياه لمجاريها ، هل انتم معي ؟! ، انهى كلامه وهو ينقل انظاره بينهم ، ليشاهد بأعينهم الحيره والتردد ، فأكمل قائلاً وهو يتقدم ويقف بينهم : اسمعوا انا اعلم بأن صلحكم الآن لن يتم بليله وضحاها ، لكن على الاقل حاولوا لنتخلص من اؤلئك الذين يدعون انفسهم الحملان ثم سيتصلح كل شيئ رويداً رويداً ، الآن اجيبوني هل انتم معي ؟! ، جيلاسون وهو يربت على كتف ياماش : نحن معك آبي خطوةً بخطوه ، دعنا نتخلص من اؤلئك ال*** ونعود إلى ما كنا عليه ، ابتسم له ياماش بفخر لينظر إلى ميكي قائلاً : وانت ياسيد ميكي ؟! ، ميكي بتردد : معك ياماش آبي ، ياماش : جيد للغايه ، إذاُ الخطه كالتالي ، الآن انتم ستعودون إلى الحي وكأن شيئاً لم يكن ، ستتصرفون بشكل طبيعي للغايه لكي لاتلفتوا إنتباه احد ، في هذه الفتره سيكون العمل كله علينا ، صالح سيعود للعمل كالمعتاد وينتج للحملان بضاعتهم اما انا واخي جومالي سنأمن الاسلحه حتى موعد التسليم ، هناك سيأتي دوركم انتم ، فئه ستذهب مع جومالي آبي إلى موقع التسليم لتشعل حرباً بين المشترين والحملان والفئه الاخرى ستأتي مع سليم آبي لكي يهدم الحفره على رؤوس ما تبقى من الحملان بالحي ، هل كلامي واضح ؟! ، اومئ الرجال برأسهم إيجاباً وقد عاد بريق اعينهم ، عاد الحماس إليهم ، لقد لمحوا اخيراً قليلاً من النور في آخر النفق المعتم ، انتهى إجتماعهم عند تلك النقطه تحديداً ، بعد ان اعاد لهم ياماش بصيص الأمل إلى قلوبهم ، كان فخوراً بإنجازه ، لقد قطع المرحله الصعبه وماتبقى هو القليل ، حتى انه تحمس وفرح لفرح اؤلئك الشباب ، لايصدق متى سيعود الحال للحفره كما كان ، لكن فرحه وحماسه تبدل لتساؤل وتعجب عندما لمح اخيه صالح يجلس بزاويه المستودع واضعاً رأسه بين يديه وغارقاً بتفكيره ، فإقترب منه متعجباً قائلاً : بابامن اولو هل انت بخير ؟!، رفع الاخر رأسه بقله حيله قائلاً : انا بخير ياماش جم لا تقلق ، ياماش وهو يجلس بجانبه : إذاً اخبرني مالذي يشغل بالك ؟! ، صالح بحزن : سعادات وطفلي ، كيف سأنقذهم ؟! ، لقد سمعت خطتك لقد كانت مثاليه لكنني اخاف للغايه ... اخاف من ان يصيب سعادات والطفل اي اذى ، ياماش مبتسماً : كلا ياصالح يبدوا انك لم تسمع ماقلته جيداً ، لقد قلت بأن جومالي آبي وقسم من شباب الحفره سيذهبون لموقع التسلم والقسم الآخر سيذهب مع سليم آبي لكي يفرغوا الحفره من الحملان ، تبقى انا وانت ، سنذهب نحن لكي نخلص اختي سعادات والطفل ، انت لاتقلق لقد درست كل شيئ بدقه ، ابتسم صالح بخفه لأخيه الاصغر ثم اردف : سننقذها أليس كذلك ؟! ، ياماش : اجل بالتأكيد سننقذها ، وانت ستأخذها بحضنك وستحمل طفلك بين يديك ، انا اعدك بذلك صدقني ، اومئ له صالح وقد إرتاح قلبه قليلاً ، في تلك الأثناء دخل جومالي عليهم برفقه كمال قائلاً : لقد تم الأمر ، ياماش بتعجب : اي امر ؟! ، جومالي : امر الأسلحه ، كان يوجد مستودع للأسلحه خاص بالباشا خارج الحفره ، لقد زرناه وتفقدنا الأسلحه ، جميعها تعمل وبشكل جيد للغايه ، اي انها تفي بالغرض وتزيد ، وانتم ماذا حدث معكم ؟! ، هل تكلمتم مع شباب الحي ، انهى كلامه منقلاً انظاره بين اصغر إخوته ليجذب إنتباهه هدوء صالح وشحوب وجهه ، فتقدم منه واضعاً يده على جبهته يتحسس حرارته فيما قال ياماش : اجل آبي لقد تكلمنا مع الشباب واخبرتهم بالخطه ، بالبدايه كان إقناعهم صعباً لكنهم إقتنعوا اخيراً وتحمسوا لفكره عودته الحفره كما كانت ، قاطع جومالي ياماش مخاطباً اخيه صالح : لان حرارتك مرتفعه هل اخذت دوائك ؟! ، صالح : كلا لقد نفذ مساء البارحه ، ياماش بقلق وهو يتفقد اخيه صالح : هل حرارتك مرتفعه ، كيف لم انتبه يا إلهي ، هل انت بخير ياصالح ؟! ، صالح : حسناً لاتكبر الموضوع انا بخير لاتقلق ، فقط رأسي يؤلمني قليلاً ، جومالي : حسناً لنذهب إذا للمنزل ، لترتاح قليلاً ياهذا وغداً نكمل حديثنا ، قالها مخاطباً صالح الذي اومئ براسه إيجاباً ، حقاً انه متعب بل متعب للغايه ولايوجد مجال ليكابر على المه ، اساساً انه يتحمل هذا الألم منذ الصباح ، نهض بتثاقل من على الكرسي ، لكنه وما إن تقدم خطوتين حتى دارت به الدنيا وفقد توازنه ، لحسن حظه كان اخيه جومالي يقف بجانبه فألتقطه سريعاً قائلاً : على مهلك ياهذا مالذي حصل لك ؟! ، صالح وهو يتمسك بذراع اخيه الأكبر : لا اعلم جومالي آبي ، لكنني اشعر بالدوار قليلاً ، جومالي وهو يسحبه ناحيه الكرسي : حسنا اجلس قليلاً هنا ، وانت يا ياماش اذهب واحضر السياره إلى امام الباب ، هيا بسرعه ، اومئ ياماش برأسه إيجاباً ثم ذهب مسرعاً برفقه كمال ، اما جومالي فلا ينفي خوفه وقلقه على اخيه الأصغر ، مع انه هو السبب في معاناته هذه ، هو من اطلق عليه واصابه ، ألا يرغب بموته وأخذ إنتقام اخيه كهرمان منه ، لماذا إذاً شعر بالخوف والقلق عليه ، مرت عده لحظات على جومالي شعر بها كسنوات وهو يسند رأس اخيه على كتفه ، ليأتي اخيراً كمال قائلاً : السياره جاهزه جومالي آبي ، ساعد جومالي اخيه صالح النهوض ثم اسنده حتى وصلا للسياره ...
في بيت قدير ...
حيث يجلس جومالي في غرفه الجلوس يهز قدمه بتوتر ويناظر الباب المفتوح الذي يظهر من فتحته ولو قليلاً من ذلك السرير حيث يستلقي اخيه صالح وعلي يقوم بعلاجه، سأل جومالي معاتباً نفسه وياماش: كيف لم تنتبه لتعبه يابيبي ؟! ، ألم تلاحظ شحوبه ياهذا ؟!، قالها جومالي لياماش الذي دخل تواً للمنزل يحمل بيده كيس الادويه...
يتبع...

الحفرة - نصف الحقيقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن