3| يا قُـدسُ!

57 5 0
                                    

كُتبت بتاريخ ٥/ ٤/ ٢٠٢٣م.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دماءٌ أم ألسنةُ لهبٍ؟ تحسبون معرفة ذلك تصنع فرقًا؟ لا فارقَ؛ فهما سِيان!

يتعالىٰ صراخي وأنا أشعر بالهَراوىٰ تهوي علىٰ عظامي تدّكها دكًّا، ولكن لا لستُ أنا من يخرُّ متقهقرًا؛ فكم من مرّةٍ ضُربت وجُرِرت فيها من النَّواصي للرُّكب علىٰ أيديهم؟ كلا، تلك المرّة أعنف من سابقتها كثيرًا وصراخي يتعالىٰ أكثر وأكثر ودمائي تنفجر من كلّ موضع في جسدي، عظامي تطقطق عظمة تلو الأخرىٰ تصنع سيمفونيّة نوتها الموسيقيّة صرخاتي المتحشرجة في حُرقةٍ وأنا أشعر بالسُّجاد أسفلي يتشرّب دفء دمي.

ألازلتم تعتقدون أنّني أتألّم من هذا كلّه؟ صُراخها باسمي يخترق أذنيّ حتى في غمرة تلك الأحداث المخزية، واستبحاتهم الرِّجال والنِّساء علىٰ حدٍ سواء،أحاول الصُّراخ باسمها ولكن عبثًا يُحبس صوتي ولا يجد له مخرجًا. استنجدَت باسمي بنبرةٍ اختلط يأسها وألمها بحُرقتها:

«عزيـز، أخي!»

أحاول جاهدًا فتح عينيّ ونزع حجابهما عنهما، ولكن من تورُّمهما لا أستطيع ولا أرىٰ سوىٰ طيفًا لها وهم يتكابلون عليها ويتزايد صراخهم، يسحبونها الآن من رأسها جارّين إياها أرضًا وهم يحاولون نزع حجابها عنها وهي تتلوّىٰ بشراسة، كدتُ أصرخ من جديد وأنا لا أزال أتصدّىٰ وأقاومهم بجسدي، لأجد ركلةً عرفت طريقها إلىٰ فكّي وطعم الدماء يغزوا فمي أكثر وأكثر، لا أراها أمام عينيّ الآن ولا أسمع سوىٰ صيحاتها الباكية.

حاولت أن أفلتَ من جديد وأن أقف بدلًا من انبطاحي أرضًا هكذا، أحاول اللحاق بها رغم أيديهم النجسة المُمسكة بعضديّ وعظامي المهشّمة ورؤيتي الضَّبابيّة، صرختُ بأعلىٰ صوتي باسمها واستنجادها يضيع وسط استنجاداتٍ أخرىٰ:
«قُدس! اتركوها لا شأن لكم بها!»

جاءت ضربة الهِراوة على مؤخّرة رأسي لأسقط رغمًا عني من جديد علىٰ جسر أنفي تلك المرّة، تمتمتُ بما استطعت عليه من بين أنيني:

«قُـدس..»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القُدسُ حرّةٌ، القدسُ عربيّةٌ، القُدسُ أبيّةٌ.
دامت القُدسُ بعزّتها تسمو، وبعنفوانها تثور ولا تعلن استسلامًا، مهما عتا الغاصبون وتجبّروا وعاثوا في أراضيها فسادًا وإفسادًا 🇵🇸.

قد استشهد السّلام Where stories live. Discover now