2| ليست أورشليم.

90 12 4
                                    

(كُتبت بتاريخ ٣/٣/ ٢٠٢٣م.)

-----------------------------------------------

«من قلبي سلامٌ لإسرائيل.»

التقطت أذنيّ دندنة خافتة من ذلك الجنديّ القابض علىٰ ساعديّ مُكبّلًا كلا معصميّ خلف ظهري، وجّهت رأسي نحوه أسأله بعجبٍ وصدمةٍ بالغةٍ وبعض الدِّماء السائلة على وجهي تجد طريقها إلى فمي فور أن فتحته:

«أعربيٌ أنت؟»

التفت نحوي الجندي الشَّاب يومئ برأسه ببديهيّة وكأنني أسأله عن مسلّمة كونيّةٍ. سألته من جديد وكامل عروقي تنبض غضبًا لا دمًا:

«بأيّ حقٍ نلت عروبتك يا هذا؟»

هزّ كتفيه يجيبني ببساطةٍ:
«بحقِّ سلامنا مع إسرائيل.»

هتفت مستهجنًا أكرّر كلمته الأخيرة:
«إسرائيل؟ ما هذه الإسرائيل يا فتى؟ وسلام من ذاك؟»

ردّ عليّ يُكمل سرد مسلّماته:
«إسرائيل هي التي عُدنا إلى رُشدنا واشترينا سلامنا الداخلي بسلامنا معهم، فلتعِش إسرائيل ولتبقى أورشليم عاصمتها ومهد حضارتها.»

انفرج ثغري يكشف عن ابتسامة مخضّبة بالدِّماء أتحدّث بثقة:
«لِتَعش إسرائيلُ ولدَ سِفاح أوروبا اللقيط، وبطاقة أمريكا المُحترقة، وليبقَ في أذهاننا الكيان الصّهيوني غاشمًا اغتصب فلسطين يخطف واسطة عِقدها، جاعلًا من بيت مقدِسها أورشليم!»

تعالت ضحكات الجندي الكريهة يسألني بصوتٍ ساخرٍ لاذع:
«أخبرني أن ما تهذي به من هرطقةٍ أنه بحقِّ تل أبيب؟»

شعرتُ بوميض كاميرا يدنو منّا، لأكشف عن صفيّ أسناني الدامية أصحّح هذيانه وعينيّ صوب العدسة بابتسامة جسورة ومقلتين التمع التمرُّد فيهما:
« بل بحقِّ يافا، يا هذا.»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

-ليست تلّ أبيب؛ بل يافا.
-ليست إسرائيل؛ إنما (الكيان الصّهيونيّ)؛ فاعترافنا بأنّ اسمها إسرائيل إقرارًا بأنّها دولة، وما هي بدولة ولن تكون ما حيينا.
-ليست أورشليمَ هي؛ هي قُدسنا وأقصاها قبلتنا الأولى، وحَرَمه ثالث وجهتنا ❤️.

قد استشهد السّلام Where stories live. Discover now