💙

1 0 0
                                    

#النصوص_الدالة_على_ليلة_القدر_مدلولاتها

بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى أهله وصحبه وسلم ، مشاهدي الكرام نحس جميعاً حينما يبدأٌ العشر الأخير من شهر رمضان المبارك بأننا سنواجه ليلة فيها من أبرك الليالي ، وأعظمها عند الله جلّ جلاله ، ألا وهي ليلة القدر ، هذه الليلة العظيمة " القدر يعني ذات القدر العظيم ، وذات المنزلة الرفيعة عند الله جلّ جلاله "، فنزلت هذه الآية رداً على استفسار الصحابة ، فقال سبحانه :

﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾

[ سورة القدر]

وقال جلّ جلاله في مطلع سورة الدخان :

﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾

[ سورة الدخان : 3-4]

هاتان الآيتان الكريمتان تشيدان بهذه الليلة العظيمة ، ولله سبحانه وتعالى في خلقه شؤون ، فقد يفضل بعض الأماكن على بعضها الآخر كما فضل مكة المكرمة على سائر بقاع الدنيا ، وأنها أبرك وأفضل الأماكن في العالم ، وفضل المساجد الثلاث المسجد الحرام ، ومسجد المدينة المنورة ، والمسجد الأقصى على بقية المساجد ، وكذلك ميّز بعض الليالي كليلة النصف من شعبان ، وليلة القدر ، ويوم الجمعة ، ويوم عرفة ، والعشر الأوائل من ذي الحجة ، فضل كل ذلك على بقية الأيام والليالي ، لحكمة جليلة في هذا ، والحكمة واضحة المعالم ، في أن هذه الليلة المباركة اقترنت بنزول سائر الكتب السماوية الأساسية في العالم ، فالزبور نزل في الليلة الخامسة من ليالي شهر رمضان ، والإنجيل نزل في السابع من شهر رمضان ، والتوراة نزلت في اليوم الخامس عشر من شهر رمضان ، والقرآن العظيم نزل كما روى الإمام أحمد في مسنده لأربع وعشرين خلت من رمضان أي الأيام الفردية في العشر الأخير من رمضان ، التمسوها في العشر الأخير من رمضان ، أي في اليوم الخامس والعشرين، فقد تكون ليلة القدر في الواحد والعشرين ، أو الثالث والعشرين ، أو الخامس والعشرين ، أو السابع والعشرين ، وهو ما عليه أغلب جمهور العلماء ، أو في التاسع والعشرين ، فهذا يدل على مزيد هذا الفضل ومزيّته ، في نزول الكتب السماوية الكبرى في شهر رمضان ، ومنها اقتران هذه الليلة بنزول القرآن الكريم ، هذه الليلة العظيمة كما نزلت فيها هذه الكتب السماوية وبالذات خاتم الكتب السماوية وهو القرآن الكريم ، كذلك اقترنت بنزول الملائكة ، ملائكة السماء إلى الأرض لتدعو للصائمين والصائمات والمؤمنين والمؤمنات ، ربنا اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ، وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم و ذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم ، وقهم السيئات :

﴿ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُِ ﴾

[ سورة غافر : 9]

كذلك اقترنت هذه الآية بوجوب أمر ثالث وهو نزول الخير والبركات والأرزاق، فشهر الصيام شهر يزاد في رزق المؤمن فيه ، وبالذات تتنزل الرحمات و الفضائل ، ففي ليلة القدر يتجلى الرب عز وجل و ينزل إلى السماء الدنيا و هذا نزول معنوي و ليس نزولاً مكانياً كما نفهم لأن الذات الإلهية ليس كمثله شيء و هو السميع البصير ، إنما هذا لتقريب ذلك المعنى إلى أذهان الناس ، ينزل ربكم إلى السماء الدنيا فيقول في ليلة القدر وفي وقت السحر: هل من داع فأستجيب له ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من مبتلى فأعافيه ؟ هل من مسترزق فأرزقه ؟ حتى يطلع الفجر ، فإن نزول الخيرات و البركات و التجليات الإلهية في هذه الليلة كل ذلك اقترن بهذه الليلة المباركة ، ليرتقي مستوى المؤمنين و المؤمنات ليكونوا على مستوى الحدث ، و يعرف قدر هذه الليلة ، و يستغل هذه الليلة من أجل تحقيق منافع كثيرة له في الدنيا و في الآخرة .

#فضيلة_الدكتور_محمد_راتب_النابلسي

طريق إلي الله حيث تعيش القصص. اكتشف الآن