زيارة الطبيب

98 6 3
                                    

استيقظ محمد صباحا كالمعتاد، وجه كاسف اللون سيء الحال، مع هالات سوداء تحت عينيه، متعب منهك، قرر ان يرتدي قميصه الاسود ذاك مع سرواله الرمادي وحذائه الشتوي مضيفا سترته السميكة، اتجه مسرعا صوب اقرب طبيب نفسي مع انه كان يؤمن ايمانا شديدا ان الامراض النفسية التي تنبثق من الفرد لا يعالجها الا المرء نفسه وليس شخصا اخر. 

تابع الجلسة الاولى والثانية و وصل حتى للثالثة لكن لم يلاحظ فرقا يذكر، فكانت اسئلته بديهية و تفتقر للخبرة النفسية بل ولم يفهمه بشكل واضح كما كان يتمنى ...تابع بحثه عن حل لعراقيله، لكن الأسى كان كالغيم الأسود الذي يحجب الشمس، ويملأ سماء حياته ظلاما و حزنا  وكان كظل يسري معه يتبعه اينما خطى خطوة في حياته وبدا يتسائل ان كان وقته يتناثر سدا وان كان ماله يسرف هباءا منثورا وان هذه الدنيا لن ترحم ضعفه لنفسه، بل وجاءت في راسه افكار اذ ماكان الخلل يكمن فيه او انه لايعرف طريقه المناسب و قد تاه في كومة قش ليست له، لكنه كان يتذكر كلاما قيل له منذ زمن ارجع له بصيصا من الامل الطفيف واستعاد عزيمته و فتاتا من تفاؤله، فشارع لتغيير الطبيب الذي كان يؤنسه لفترة من الزمن ،ولكن دون جدوى تذكر ومع هذا ظلت روح المحاولة تدفعه بلطف فقد كان يعتقد انه يجب ان يكون و لو شخص واحد في هذا العالم الشاسع من بين ملايين الاشخاص يمكن ان يفهمه ، و يفضفض له عن ما يعاني منه وهذا ماكان كضوء شمعة في نهاية نفق عاتم طويل ...

حتى جاء اليوم الذي نصحه صديقه ادم بطبيب يقال عنه انه ذو دقة مهنية وخبرة عالية ويمدحه الكثيرون فبدون اي ارتياب اخذ بنصيحته تلك و الياس على شفا حفرة منه ...


في صباح يوم اجازته اين الشمس تعالت من الافق بازغة مع تلك الضحكات التي تلاطف الجو بنعومة، استيقظ محمد وتعلو وجهه ابتسامة ساحرة مع تلك الملامح الهادئة، كانت عيناه جنة في الارض تشبه الاحلام والرؤى و كان جمال الكون قد اجتمع فيه حتى انه عجز الكلام  عن الكلام،  فنور بعينيه انبثق بشعاع يترجم الامل ، كأن لم يلقي من الحياة كرهها كأن لم يرى فيها العتمة ...

غسل وجهه و تناول فطوره واخذ بارتياد ملابسه مع سترته الزرقاء الداكنة لتقيه من فخر الشتاء و ردائه الناصع ومن لالئه التي تنبثق من الغيوم الرمادية، ثم اخذته قدماه الى عيادة الطبيب حيث استقبلته الموضفة باحسان و تمنت له الشفاء و ها هو الان يدق الباب بطرقات تكاد تسمعها الاذان ...

_صباح الخير ...قالها محمد بعد جلوسه في الكرسي بابتسامة جذابة. 

_صباح الخير يا محمد انا الدكتور خالد وسوف اكون شريكا لك في مرحلتك هذه و مستمعا لك بكل صدر رحب. 

_اتمنى هذا فقد حاولت من قبل وارجو ان تكون هذه هي الاخيرة.

_اتمنى لك هذا الان ساطرح عليك بعض الاسئلة. 

مملكة افينتورينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن