الفصل الأول

927 54 18
                                    

#نوفيلا_الظن
بقلم دفنا عمر
#الفصل_الأول.
------------

الشك جحيم يستعر بقلب صاحبه..يقتات على روحه دون رحمة..ينصب له شرك تلو الأخر..فلا يعرض عنه قبل أن يسقط سقطته الأخيرة..في غياهب ظنون لا تثمر سوى الهلاك.

-------------

يلملم أشيائه من فوق مكتبه الخاص بإحدى الشركات المعروفة حيث يعمل، وعيناه تتفقد ساعة يده بلهفة كي يعودة لمنزله، فمازالت مشاعره نحو عروسه مشتعلة، يشتاق لبثها فيوض عشقه الجارفة..خمسين يومًا فقط هما كل رصيدهما وهما زوجان، بعد صبر حصد وصالها بشرع الله تحت سقف بيته الذي ما انتظر سواها تتسيد عرشه.

_طبعا ياعم "فيصل"مستعجل ترجع للعروسة، لسه جديد ومادخلتش مرحلة النكد والطلبات وهم العيال ومشاكلهم.

رمقه بامتعاض: يا ساتر عليك، ابعد عينك عني الله يكرمك انا لسه بقول يا هادي، وبعدين ربنا ما يجيب هم.. ده يوم الهنا لما ربنا يرزقنا بالذرية الصالحة.

قهقه صديقه: يارب يا سيدي أنا أكره يعني، المهم متنساش الأسبوع الجاي هزورك مع المدام بتاعتي عشان تتعرف على العروسة، واستطرد بعفوية دون نية سيئة: وبصراحة انا عندي فضول اشوف اللي شقلبت كيانك كده ومابتصدق تخلص شغل وتطير عليها.

أحنقته أخر كلماته بشئن فضول صاحبه، فزوى بين حاجبيه قليلا ثم قال باقتضاب: إن شاء الله يا مؤمن.. سلام.

لم. ينتبه الأخير لحالته العابسة وشرع بلملمة أشيائه هو الأخر للرحيل خلفه، بينما وصل فيصل لباب شقته ودس مفتاحه بدائرة المزلاج والجا يبحث عنها لتتسمر عيناه على شيء أزعجه بشدة، ضلفتي النافذة الكبيرة مشرعة ويطل منها رجلا ينفث غليونه وعيناه ترشق بتفاصيل الردهة بوقاحة، هم بالذهاب إليه فأختفى الرجل خلف نافذته، مشط محيطه بحثا عنها لتستقر قدماه على أعتاب مطبخها ليهتف دون مقدمات:

_ أنتي ازاي فاتحة الشباك علي أخره كده يا "سيدرا"؟ أفرضي حد من الجيران شافك بلبس البيت؟! أنا فعلا شوفت واحد في شباك قصادنا وكنت ههزئه لولا اختفى في بيته.

حدثها بوجه صارم قابلته هي بدلال وهي تقترب مطوقة عنقه بذراعيها ثم شبت قليلا لتطبع قبلتها الرقيقة فوق خده، قبلة هدأت غضبه لكن لم تخمد نيران غيرته المفرطة.

_ أنت جيت لقيتني فين يا حبيبي؟

تسائلت بهدوء كأنها تحدث طفلها ليغمغم بخشونة:
في المطبخ.
_ وتفتكر حد ممكن يشوفني في المطبخ اللي تقريبا معزول وبعيد عن مرمى الشبابيك اللي برة؟

صمت محتفظًا بملامحه الجامدة لتستأنف برقة: أنا قلت أهوي البيت بشوية الشمس بتوع النهار لحد ما تيجي، كنت لابسة إسدالي لما فتحت الشبابيك كلها والله، وبعدين غيرت إسدالي بقميص نوم مريح وجيت المطبخ أعمل الغدا لحد ما توصل، ومن وقتها مخرجتش منه لحد ما انت جيت دلوقت..ثم لثمت ذقنه بنعومة: يعني حبيبي مالوش حق يتعصب ويزعل.
_ ولا حتى أغير؟!
همسها بصوت عاد له مذاقه الهائم المتيم متخليا عن غضبه بعد علمه أنها لم تبرح مطبخها مستورة بين جدرانه، لتصدر منها ضحكة مشاكسة التهم بقيتها بقبلة ثم حملها بين ذراعيه متمتما بين شفتيها: شكلنا هنأجل الغدا شوية.
____________

نوفيلا "الظن"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن