قيام و خشوع

1 0 0
                                    

سألوني: من انت. اما الآخر فسأل : من تكونين بينما الاخرى سألت : من أين أتيتي
نظرت إليهم جميعا ثم اجبتهم بكل هدوء قائلة: أنا عبد من عباد اللّه تعالى، خلقت من ضلع آدم الذي خلق من الحمأ المسنون( أنا سورة النساء و المجادلة و النور ( منقول) ) أنا إبنة آدم و إبنة حواء،أنا شموخ آدم و كرامة حواء ،الجميل بي أني أحب الله و أحب الرسول محمد عليه صل الله و سلم  ،
أني مسلمة و أرفع رأسي بديني و إلاهي ، سألوني : أي الكلام أحب إليك.
فقلت :أشهد أن لا إله إلّا اللّه و أن محمداً رسول اللّه .
سكت تزامنا مع وجود ذاك النور الذي يغشى بصري و الذي بت أراه مؤخرا و لكن هذه المرة أراه مختلفا ، أجل مختلفا إختلافا جميلا جدا ابهرني و اسعدني .ربما لأن ما سيحدث مختلف عن ما سبق ...و هنا علمت أني سأفارق هذه الحياة...إبتسمت أجمل ابتسامة و أوسع ما قد ابتسمت يوما و انا أستمتع بما أراه و بداخلي حسن ظن عما أراه. وبداخلي نداء يتمنى أن لا تنتهي هذه السكرات على الرغم من حدة الألم إلا أني عشت و أحسست ما تمنيت ان أعيشه يوما وهو قول بلال حين قال  :امتزجت حلاوة الإيمان مع مرارة العذاب فغلبت حلاوة الإيمان مرارة العذاب..
و اي حلاوة هذه التي اشعر بها لطالما تمنيت ان يحدث هذا على الرغم من ذنوبي  و التي أثقلت كاهلي و التي لطالما دعوت الله أن يغفرها لي و لطالما لدي حسن ظن بالله ...فهو أقرب إلي من حبل الوريد... واخيرا سأقابل وجه رب كريم ..وجه اللّه إلاه العالمين . اغمضت عيني وانا أستشعر مدى الراحة و الطمأنينة والسكينة ، وكأني في ه‍ذه الدنيا ما سمعت و عرفت من الراحة والسكينة سوى مجرد اسم لا معنى له مقارنة بما يحدث معي في تلك اللحظات المعدودة ..و حاولت أن استنشق اكبر قدر ممكن من الهواء و اذا بي اقوم بالزفير .
و قد فتحت عيناي فجأة فإذا بي أرى ظلاما قد غط محيط المكان الذي أتواجد فيه و لا يتخلله سوى نور القمر المضيء في الغرفة على نصف المكان و فوق سريري من خلال نافذة غرفتي ...فعلمت أن ما كنت فيه ليس سوى مجرد حلم...حلم جميل ليته يتحقق..رمشت بعيني مرتين و ابتسمت بأمل على أن تكون خاتمتي حسنة بإذن الله. أدرت وجهي الى اليمين ناحية نافذتي المفتوحة.. فرأيت..كم بدا القمر جميلا في تلك اللحظة مضيئا ،منيرا ، هادئا ، حالما، ساطع النور ،بين شدة سواد و ظلام السماء...ابتسمت ثم نظرت الى الوقت فإذا بها الساعة 2 ليلا و لم يتبقى على اذان الفجر سوى ساعة و خمس دقائق ، نهضت من السرير و انا انفض الكسل من حولي و بقي مكاني  في ذاك السرير تلفحه نسمات الفجر الخفيفة في ذاك الصيف توضأت و ارتديت ملابسي الخاصة فقط بالصلاة ثم فرشت سجاد الصلاة و كم بدت بهية و ضوء القمر ساطع فوقها .كبّرت بالتكبير و دخلت في الصلاة و ما اجمل الاحساس في تلك اللحظة ، الوقوف بين يدي اللّه ، وقوف ما أشعرني إلا بالأمان ، و الاحتماء باللّه من شرور هذا العالم الخارجي ..ركعت مع التسبيح و تلألأت عيناي بالدموع، وقفت مع حمد الله و قد اقشعر جسمي ، و سجدت مع التسبيح و قد فاضت عيناي بالدموع "سبحان ربي الاعلى، سبحان ربي الاعلى ، سبحان ربي الاعلى" ثم لم أدري ما أقول و قد شعرت برغبة عارمة بالبكاء ، سكت و لم يعد يسمع في تلك الغرفة سوى صوت شهقاتي،غلبني البكاء ،فبكيت كما لم ابكي قط، بكيت بحرقة أحسستها بين نبضات قلبي ، و بكيت و بكيت و بكيت و لسان حالي يردد " يا الله" ، فقط يا الله، هذا ما ردده لساني بعد التسبيح اسكت قليلا ،ثم انادي يا الله مناداة سرية بيني و بين الله،
و قد تذكرت قوله تعالى حين قال في كتابه الكريم{كٓهيعٓصٓ ١ ذِكۡرُ رَحۡمَتِ رَبِّكَ عَبۡدَهُۥ زَكَرِيَّآ ٢ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ نِدَآءً خَفِيّٗا ٣ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ ٱلۡعَظۡمُ مِنِّي وَٱشۡتَعَلَ ٱلرَّأۡسُ شَيۡبٗا وَلَمۡ أَكُنۢ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّٗا ٤}
و ما أحوجني إلى نداء خفي أنادي به ربي ، رب البرية ،و أني فعلا كما قال النبي زكريا{ وَلَمۡ أَكُنۢ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّٗا ٤ }  و إني كنت كلما وضعت يدي اليمنى على مكان قلبي و انا أهمس يا اللّه فكان لفظ الجلالة بلسما ودواء لجرح قلبي ، و جبرا طيبا لما في خاطري،
ولم اجد ما أعبر به عن حالتي في تلك اللحظات سوى دموع تنزل من عيني دون توقف ، وقد ظننتها قد تبخرت و انتهت منذ زمن طويل و أمد بعيد ، و شعرت ربما بنوع من الضيق في صدري لأنفاسي و لكن ايضا شعرت بانشراح نفسي .انشراح في صدري لم يكن له وجود إلا بذكر اللّه دائم الوجود .. دعوت اللّه بكل ما يتمناه قلبي و خاطري  باليقين و حسن الظن.   وبعد فترة من الزمن ردد لسان حالي مكررا يا اللّه فسمعت نداء الحق يصدح من المسجد بكل وضوح في المكان مناديا *اللّه أكبر اللّه أكبر* و انا اعلم جيدا أن اللّه أكبر من أي ألم و اكبر من كل ألم ، و اللّه قادر على جبر كسري وخاطري
* أشهد أن لا إله إلاّ اللّه* وانا اعلم جيدا بأنه لا إله إلاّ اللّه فلا معبود إلا اللّه ،  و لا مالك الملك إلا اللّه ، و لا قادر إلا اللّه ،و لا قوي إلا اللّه ، و لا خالق إلا اللّه ، و لا مصور إلا اللّه ، ولا محي إلا اللّه ، ولا مميت إلا اللّه ،و لا معز إلا اللّه و لا مذل إلا اللّه و لا ناصر إلا اللّه، و لا منتصر إلا اللّه، وحده لا شريك له و لا منازع له في الملك
وقد سمعتها مرتين تأكيدا على أنه لا إله إلا الله.
* أشهد أن محمدا رسول اللَّه* و انا اعلم جيدا بأن الرسول محمد هو رسول الله إلينا خير قدوة في الأخلاق و الاحسان و المعاملات و الطاعات والعبادات و خير من ملك أطيب القلوب و انقاها قلب الرسول عليه افضل الصلاة و أزكى التسليم ،و خاتم الأنبياء والمرسلين ،سيدنا محمد ،و شرف الدين، وشرف كل العالمين من مشارق الأرض ومغاربها.
وتأكيدا و يقينا بأن محمدا رسول الله.
و قد كررت كلتاهما مرتين علما أنهما أحد اساسيات و اركان دين الإسلام إلا وهي الشهادتين *أشهد أن لا إله إلا الله *و *اشهد ان محمدا رسول اللَّه*
وما بعدها في الآذان*حي على الصلاة**حي على الصلاة* فكانت الصلاة اكمل ما يكون كي يكون الإنسان واقفا بين يدي اللّه تعالى و كأن اللّه تعالى يقول اقبلوا ايها العباد على الصلاة اقبلوا وليدعوا كل انسان و كل عبد بما يجول في خاطره و بما يشغل قلبه و بما يتمناه من الدنيا و الآخرة وكأن الصلاة هي مفر لنا بين الفينة و الأخرى من غفلات الدنيا إلى خالق الكون بأسره ، و هي فعلا كذلك  ، وقد جعل اللّه تعالى هذه الصلوات ذات صلة مع الوقت تيسيرا لعباده و حتى لا يكون للعبد اي عذر  على عدم قيامه بالصلاة فكان الصبح عند طلوع الفجر و قبل بزوغ الشمس و كان الظهر عندما تتوسط الشمس في السماء و كان العصر في آخر فترة النهار الى غروب الشمس..وكان المغرب عند غروب الشمس وقت ظهور الشفق الاحمر أما العشاء فكان عند حلول الليل و اكتساح السماء بسواده..
وما يليها *حي على الفلاح* حي على الفلاح*
و هذا معناها اقبلوا ايها العباد لله تعالى من اجل الفلاح و الفلاح هنا بمعناه الفوز و النصر ،
الفلاح في الآخرة و الفوز بها ، والفلاح في الدنيا بتسيير أمور الخير، فالوقوف بين يدي اللّه فلاح ،الصلاة فلاح ، و الدعاء إلى اللّه فلاح ،و البكاء من خشية اللّه فلاح ،و الفرار إلى اللّه عزّ وجل فلاح ،و أن عزنا و نصرنا و فلاحنا بيد الله وان عزة المسلم في ذله إلى الله ،وعلى الرغم من اختلاف اوقات الصلاه إلا أنها تضل فلاحا مما دل على الإنسان أن فلاحه ليس مربوطا بوقت معين أو زمن معين بل الفلاح للجميع و في كل حين و خاصة بين يدي اللّه، و ما ذكرني هذا إلا بقول الشيخ جابر البغدادي حين قال~و أن عزة المسلم في ذله إلى اللّه
و أن سجود الأسباب لك يوم تسجد لربّ الأسباب
و إن سجدت للأسباب عصتك و كنت عند اللّه مذموما
و إن سجدت لربّ الأسباب أطاعتك الاسباب و كنت عند اللّه محمودا
فٱفهموا يا عباد اللّه من أين تأتي سبل النصر
و من أين يأتي رياحين النصر ~
ثم يصدح ب * اللّه أكبر اللّه أكبر* تكبيرا و تعظيما و اجلالا لله تعالى و هذا بما بدأ به الآذان و تذكيرا بأن الله اكبر من كل شيء و أن الله على كل شيئ قدير و تهوينا للإنسان على مصائبه و ذنوبه فلا يقول الإنسان يا رب اني لدي هم كبير و لكن يقول يا ايها الهم اني لدي رب كبير فالله اكبر الله اكبر
و ما بعدها * لا إله إلاّ اللّه* توحيدا باللّه تعالى و أنه لا اله إلا هو رب كل شيء و خالق كل شيئ صاحب ال٩٩ اسما ذو الجلال و الاكرام  لاشريك له منزل التوراة و الإنجيل و القرآن و الزبور قال تعالى {وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّٰلِحُونَ }و قال تعالى{نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ ٣ مِن قَبۡلُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلۡفُرۡقَانَۗ}
و ختامها مسك بقوله تعالى {أَلَمۡ يَأۡنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ وَلَا يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلُ فَطَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُهُمۡۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ ٦١}(فتعالى الله الملك الحق)




"**ليست حقيقية هي خواطر ليتها تتحقق فيُبشر الإنسان بحسن الخاتمة ،،،
نسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعا الخاتمة الحسنة و المقام الحسن مع سيد الخلق في مقعد صدق عند مليك مقتدر **"

خواطر ايمانية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن