كشف سر الكهف

127 9 2
                                    

ذهبت إلى الكهف مسرعًا لألحق بها فوجدت شيئًا ما يقذفني بعيدًا وكأنه يمنعني من الدخول.

صرخت ليسمعني أحد ولكن لا أحد هنا، فمن سيتواجد هنا والمكان يسيطر عليه الرعب والجميع يخشون القدوم إلى الجبل بعد غروب الشمس فهل من المعقول أن يتواجد أحد عند الكهف الآن؟

استمررت في الصراخ  فرأيت من مسافة بعيدة رجلًا يهرول قادمًا نحوي، فلما اقترب وجدته السيد سليمان، حين وصل عندي صار ينهج ويلتقط أنفاسه بصعوبة بالغة وقال بصوت متقطع: ما الذي حدث يا فارس؟ وأين إيمان؟

قلت له بصوت متقطع: لقد هبت عاصفة وظهرت بعدها دوامة ضبابية فصارت  إيمان بداخلها فالتفت حولها خيوط بيضاء ودخلت بها داخل الكهف.

صار يصرخ بغضب في وجهي ويوبخني على فعلتي تلك فقلت له غاضبًا: أرجوك يا سيد سليمان هذا ليس وقتًا للوم ولا الحساب.

وضعت كلتا يديّ على رأسي وصرت أبكي وقلت بصوت باكٍ: لقد خسرت أختي يا سيد سليمان، أريد أختي الآن.

أمسك السيد سليمان ذراعيّ بكلتا يديه وصار يضغط عليهما بقوة وقد برقت عيناه وقال بحنق: لا تبكِ يا فارس، الرجال تصمد وتقوى عزائمها وقت الشدائد، أما البكاء فهو حليف اليأس وقرين الضعف وصديق قلة الحيلة.

صمتّ هنيهة ثم أردف: لقد صرت اليوم رجلًا يا فارس، فمن المفترض أن تصمد وتواجه تلك العقبات بكل ما أوتيت من قوة، لا تجلس على قارعة الطريق تبكي وتنتحب وتشكو حالك للمارين.

هدأ بكائي قليلًا فنظرت إليه بعينيّ المنتفختين من فرط البكاء وقلت له بصوت متقطع: يا سيد سليمان، أنا لا أبكي مرثاة لحالي، إنما أبكي مرثاة لحال أختي، هي ليست قوية مثلي، قلبها رقيق نقي لا يعرف الحقد، لا يبغض أحدًا ولا يقسو على أحد، ومثل تلك القلوب حظوظها في الدنيا قليلة، فهي لا تكره وتُكرَه، ولا تبغض وتُبغَض، ولا تقسو ويُقسى عليها.

غصصت بريقي حتى أجد بِلة أحرك بها لساني فتابعت قائلًا: تلك الدموع هي ليست دموعي، تلك دموع إيمان، فإني أشعر بها وأشفق عليها، لا يليق بها ما حدث.

ربت السيد سليمان على كتفي وقال: هيا نعود للبيت يا "فارس"، ونفكر في حلٍّ لتلك المشكلة.

قلت بغضب: لن أغادر إلا ومعي أختي، سأظل هنا حتى يمكنني الدخول وإنقاذها.

زفر وقال: لا تحاول يا فارس، الكهف لا يختطف إلا شخصًا واحدًا بالليلة.

صرت أنظر حولي بحثًا عن هاتفي، رأيته مُلقى على الأرض بجانب الكهف فأسرعت إليه والتقطته فقال لي متسائلًا: ماذا ستفعل؟

أجبته قائلًا: لقد دخلت إيمان بهاتفها، سأتصل بها.

أمسك يدي وقال بحزن: هذا لن يجدي نفعًا، الهواتف لا تعمل داخل الكهف.

أوناسيوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن