مملكة الجواسيس

180 9 3
                                    

نظر أحدهم إلى الحقيبة خلف ظهري وأمعن النظر فيها فقاطع سراج نظراته وحدثه بلغته وكأنه يفسر له حقيقة تلك الحقيبة، خرج أحد الحراس من الغرفة وهو يشير لنا بأن نتبعه.

بعدما خرجنا سألت سراجًا بفضول شديد: أين سنذهب؟

_ سنذهب لمقابلة الملك محب في قصره ليقص له  كلُّ منّا قصته ليسمح لنا بالعيش هنا.

_ والحقيبة؟

_ ستظل معهم ليقوموا بتفتيشها أولًا ومن ثم يرسلونها إليك.

_ كل أموالي داخل الحقيبة.

_ لا تقلق، هذه مملكة العدل، لا يسرق فيها أحد.

_ هه، نعم هي مملكة العدل، ولذلك اسمها مملكة "الجواسيس".

زفر سراج وقال بحنق: ألا تكف عن ثرثرتك تلك أيها الأحمق.

وضعت يدي على فمي وقلت: لقد صمتُّ الآن، ولكن لو نقص شيئًا من حقيبتي سأحاسبك أنت.

سرنا خلف الحارس وعيناي تراقب الأجواء داخل المملكة، كانت الأجواء في غاية الجمال والروعة، كانت البيوت مكونة من طابقين ولكنها كانت عالية جدًا وواسعة جدًا وتُشبه المعابد الفرعونية القديمة، كانت تبرز من كل بيت شُرفة بالداخل تطل على حديقة البيت، ولكل بيت حديقة، ولكل بيت شكله الخاص والمختلف، وكأن الجميع تنافس هنا على إظهار بيته بصورة أجمل من البيت الذي يليه، بدت لي البيوت وكأنها بُنيت بواسطة أفضل مهندسي العمارة في الكون، فما يميز البيوت هنا هو اختلافها وأنها لا تُشبه بعضها من حيث اللون.

كنت أسير بفرحة عارمة وأنا أتأمل جمال البيوت من حولي وزخرفتها الساحرة التي أصابتني بالذهول، كان الصخب يسيطر على أجواء المملكة بالداخل، الشوارع ممتلئة بالأطفال والرجال والنساء، الشيوخ تجلس بشكل دائري في مجلس لهم ويجلس في المنتصف شخص يبدو وكأنه يعلمهم شيئًا ما أو يقص عليهم بطولاته وجولاته على الكوكب هنا، بعض الأشخاص كان جالسًا وتتجمع حوله الأطفال وأمامه مجموعة من الأفاعي وهو يعزف لها بالناي فتتراقص أمامه وسط فرحة الأطفال حوله، وشخص آخر يداعب قردًا ويجعله يقفز من فوق الأطفال ويقوم بمصافحتهم وهم يضحكون فرحًا ويهتفون ويهللون له وهم في حالة كبيرة من السعادة والانتشاء، توقفت عن السير وصرت أنظر إليهم مسرورًا ومغتبطًا فأمسكني سراج من ذراعي وجذبني إليه وقال بحنق: هيا أيها الطفل الصغير لنكمل مسيرنا، وعندما ننتهي من مقابلة الملك محب سأعود بك إلى هنا لتلعب مع الأطفال.

لم أكترث لكلام سراج لقد أسرتني أجواء المملكة كثيرًا، فلا هواتف تشغلهم، ولا تلفاز يهدم فطرتهم التي ولدوا بها، المملكة هنا تعجّ بالحياة، رائحة الخبز تفوح من كل بيت، رغم بساطة ملابسهم وفقرهم الشديد إلا أن الجميع هنا يسير مُبتسمًا ويحيي الآخر بابتسامات عابرة، وكأن السعادة قد أنستهم الفقر الذي يعيشونه.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 27, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أوناسيوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن