مقدمة

1.3K 44 28
                                    


لقد كنت محاطة بأشخاص كنت على وشك أن أصبح منهم، خمس فتيات بالتحديد في وقت الاستراحة.

"إذن، ماذا يجدر بي أن أفعل؟" سألت صديقتي نهى وأنا أحاول تجاهل النظرات الفضولية التي كانت تراقبنا.

النظرات الفضولية التي أرادت "حضور هذا الحدث العظيم" قلن.

"بعد الاغتسال، يأتي التلفظ بالشهادتين، أشهد ان لا إله إلا الله، أي انك تؤمنين بأن الله هو وحده ربك. وبأنك تعبدينه ولا تعبدين أي شريك له لانه بإختصار، لا يوجد"

أومات برأسي ببطء، رب واحد، الله.

"وأشهد أن محمدا رسول الله، تذكرين، لطالما حدثتك عنه..." إنتظرت نهى جوابي بتعابير مترقبة.

"نعم، رسول الله محمد.." همست ثم رفعت نظري إليها فقط لألاحظ نظرتها المؤنبة وحاجبها المرفوع.

"صلى الله عليه وسلم..." أضفت لتقابلني خمسة تعابير راضية.

"أحسنت" هنأتني نهى.

أهديتها إبتسامة دافئة، "أي أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله، أي أنك تقبلين الإسلام بشرعه وسنته، كما تتقبلين أوامر الشرع ونواهيه، تتقبلين أوامر محمد صلى الله عليه وسلم ونواهيه، هل أنت مستعدة؟" سألتني ذلك السؤال ولم تسألني ان كنت متأكدة من قراري. نهى كانت مطمئنة من ناحية قراري، واثقة ثقة عمياء بأن دينها الذي سيصبح ديني هو أفضل خيار بالنسبة لي.

ولأنها تثق بدينها لتلك الدرجة. ولأنها تحبه لتلك الدرجة. ولأنها سعيدة بدينها لتلك الدرجة. إخترت اعتناقه أيضا. لأكون واثقة مثلها ومطمئنة بشئ ما رغم أفعالي السابقة، مثلها.

والسبب، كلتانا وقعنا في كهف مظلم، كلتانا إلتهمتنا ظلمة الحياة، كلتانا نعتبر آفتين من آفات المجتمع. لكن دينها أنقذها هي، ديني لم يفعل.

لقد كنا في سجن القاصرات، كنت الفتاة المكتئبة، كانت الفتاة الراضية. ظننت أن السبب هو بساطة تهمتها.

لقد كنت مخطئة.

عندما سألتها عن السبب، أجابتني، "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" ربي سبحانه وتعالى قال بأنه سيغفر ذنبي إن تبت إليه، ولقد فعلت"

تحدثنا عن دينها تلك الليلة، إنتقلنا إلى تهمتها ثم عدنا إلى دينها الليلة التي بعدها. أخبرتها عن فعلتي الليلة التي تلت، أخذنا الحديث إلى دينها مجددا. كل ليلة نفس الأسطوانة كانت تعيد نفسها.

لم أستطع الصفح عن نفسي، بسوئي وببشاعتي، إقترفت ذنبا سيلاحقني لطالما حييت، لقد كنت في حاجة ماسة لأن يصفح عني أحد ما، ليتفهمني ويضع لي أعذارا أنا نفسي لم أجدها.

"نعم، أ..أظن...أيا كان.." أخبرتها نبرة عدم إكتراث بدت مزيفة حتى بالنسبة لي.

"لنبدأ إذن...أشهد أن لا إله إلا الله" قالت بلغة عربية كانت لتبدو غريبة علي لو لم تكن تردد هذه الجملة كل يوم منذ أن أخبرتها بأنني أفكر بإعتناق الإسلام.

"أشهد أن لا اله إلا الله" رددت وراءها وانا اكرر في ذهني بان لا اله الا الله، ذبذبات لم أستطع شرحها سرت على طول عمودي الفقري واستقرت في قلبي.

"وأشهد أن محمدا رسول الله.." رفعت نظري عندما لاحظت نبرة صديقتي المرتعشة والدموع التي ظهرت على وجنتيها، عندما فتحت فمي بغرض سؤالها عن خطبها حركت رأسها بسرعة وشجعتني بنظرتها لأتابع.

"وأشهد أن محمدا رسول الله..." رددت مجددا الكلمات المألوفة في ذهني، محمد، رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الشعور الذي غمرني في تلك اللحظة لم يكن يوصف، وكأن حملا ثقيلا رفع عن كاهلي، وكأن موجة من الدفئ أحاطت بقلبي، لكنني لم أستطع تمييز إن كان السبب نطقي للشهادة أو تأثير اللحظة.

"الله أكبر، الله أكبر" سمعت أصوات زميلاتنا وتذكرت تفسير نهى بأنها عبارة تكبير للإشارة بأن الله هو أكبر وأعظم ما في الكون. وهن تلفظن بها في تلك اللحظة لأن شخصا جديدا انضم إلى دين الاسلام، أو بالأحرى عاد إليه

"ولقد أصبحت مسلمة.." أعلمتني نهى وهي تحتضنني.

"بهذه البساطة" علقت بضحكة باهتة منهية العناق.

"طبعا، الإسلام هو دين الفطرة، لا تحتاجين إلى مراسم او طقوس غريبة للرجوع إلى دينك، ستحتاجين فقط إلى تسجيل إسمك بالمحكمة الشرعية وتغيير أوراقك التي تحتوي على دينك السابق. أصلا ستخرجين غدا لذا لا داعي للقلق بخصوص تلك الأمور" هذه المرة صافانا هي التي تحدثت، فتاة دخلت إلى سجن القاصرات بتهمة المتاجرة بالمخدرات.

أومأت برأسي جراء كلامها، "ماذا سيحصل الآن ؟" سألتهن. 

"الآن.." أمسكت نهى وجهي برقة، "ستعيشين حياتك، بحلوها وبمرها، لكن الفرق هذه المرة هو معرفتك الأكيدة بأنك لست وحدك، في أي مكان وأي زمان، هناك رب لا يكل ولا يمل من الإنصات لك، لما يضايقك، رب يحب عندما ترفعين يديك إليه وتتضرعين له وتشكين همك له وتدعينه كي يصلح حالك وسيفعل"

لا يكل من الإنصات لك، لما يضايقك، ظلت تلك الجملة عالقة تتردد كالصدى في ذهني. يا ترى؟ إن إستغفرت ربي لأنني قتلت شخصين بريئين؟ هل سيساعدني على الصفح عن نفسي؟ هل سيكبح ضميري عن تأنيبي؟ هل سيغفر لي؟ تساءلت مع نفسي، فكرة وجود إله واحد معي، إله واحد لا يفارقني بدأت تروقني اكثر من اللزوم.

*************
ملاحظة : دينها السابق غير معروف.

تحذير : اقرؤوا على مسؤوليتكم...تنزيل بطئ إن إدعى الأمر

لقد عدنا والحمدلله وإن شاء الله سنتابع هذه الرواية بجدية.

من متشوق لقصة هود وكايا ؟

Instagram : @salwafoukha_r

الجميلة والوحش (قصة فتاة أسلمت)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن