*كل شخص لديه فصل في حياته، يتجنب قراءته بصوت مسموع*
- مجهولالحرية، كلمة من أربعة حروف، بساطتها تخول لك الظن بغباء بأنها سهلة المنال. لأول مرة منذ سنتين، نظرت حولي لأجد شيئا آخر غير الجدران الأربعة التي كانت تنتمي لسجن القاصرات.
لقد كانت بوابة السجن الرمادية خلفي، الهواء النقي كان يحيطني من كل جهة، ضجيج السيارات كان أمامي، و ضحك الناس المبتهج من حولي كان غريبا على الضحك الحذر الذي تركته ورائي.
لقد أصبحت حرة، لكن هل كنت حقا حرة؟ بماذا تقاس الحرية؟ لقد كنت حرة لأذهب أينما شئت، لكن هل الإنسان حر حقا رغم كونه سجين أفكاره؟ أفكاره التي تخنقه مع مرور الوقت والتي لا يستطيع التحرر منها مهما فعل.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. إستعذت بالله من الشيطان بتلقائية لم أكن معتادة عليها بعد، مغمضة عيني لتصفية ذهني.
صفحة جديدة، حاولت إقناع نفسي، لكن الأمر كان صعبا، خصوصا مع الشخص الذي كان يستند بكتفه على الحائط وهو ينتظرني.
لقد إنتظرت الشعور المألوف الذي كان يخالجني كلما شغل مرمى بصري في السابق، لكن كأنني حقا مزقت تلك الصفحة مع كل صفحة شهدت الست عشرة سنة من حياتي السابقة إلى قطع صغيرة، أعماقي وقلبي، حتى حواسي، فقدت القدرة على الإحساس بأي شئ.
لكنني إعترفت بحضوره ووقفت فور وصولي إليه على أي حال.
"مرحبا" خاطبني وهو يحارب للتحكم في تنفسه، نظره مر مرارا وتكرارا من رأسي إلى قدمي كأنه يحاول حفظ كل تفصيل.
لقد كان طويلا، أطول من السابق، حتى أنني اضطررت لرفع رأسي كالطفلة الصغيرة للنظر إلى وجهه. هذا إن لم نأخذ بعين الإعتبار أنني أحتاج لرفع رأسي إن أردت التحدث مع أي شخص تفوق قامته المتر والسبعين.
"مرحبا" تمتمت ببرود. لقد كان أوسم أيضا، تفاصيل النضج كانت واضحة على وجهه، لحيته القصيرة البنية تناغمت مع نظرته الخضراء وشعره القصير الأشقر، كم أصبح عمره الآن، خمس وعشرون سنة؟
توقفي. حركت رأسي بسرعة عندما تذكرت بأن الأمور تغيرت، إستكشافي ملامح حبيبي السابق أمر لم يعد بإمكاني فعله الآن.
"كيف حالك؟" سأل بفضول نظرته قلقة وحذرة بعض الشئ، كأنه ينتظر مني الإرتماء في أحضانه والإنفجار باكية، أمر كنت أفعله بسهولة قبل سنتين من تلك اللحظة.
"في أفضل حال يمكنك تخيله" أجبته بجدية، محاولتي في إخفاء سخريتي باءت بالفشل.
"ما هذا؟" سأل بحاجب مرفوع متجاهلا سخريتي، ومشيرا إلى حجابي بنظرة قريبة إلى التقزز. ربما كنت مخطئة، أو ربما هكذا أصبحت أرى الأمور.
ما هذا؟ تردد سؤاله في ذهني. هل كنت أملك الجواب على سؤاله، ماذا كنت أضع على رأسي؟ ماذا كنت أرتدي؟ أين أدخلت نفسي؟ نعم، لقد كنت أرتدي الحجاب، لكن هل قررت إرتداءه كل يوم بعد؟ لا، هل إرتديته لكي أتفادي الشرح؟ لكي يفهموا بأن كايا التي دخلت قبل سنتين إلى السجن ليست هي نفسها كايا التي ستقابلهم اليوم؟ ربما. هل كنت متأكدة من نفسي ومن الدين الذي إعتنقت؟ نعم.
أنت تقرأ
الجميلة والوحش (قصة فتاة أسلمت)
Romanceعند قبولك للإسلام دينا، صفحتك تصبح بيضاء، كل ذنوبك، حتى التي تلاحقك في كوابيسك تغتفر، كل ذنوبك التي تخشى أن تحدث عنها غيرك، يغفرها الله الذي رحمته وسعت كل شئ. رحمة الله ليست في منأى عمن يطلبها، لكن رحمة البشر ؟ لم أستطع الصفح عن نفسي، واكتشفت بعد فو...