(2)

741 54 15
                                    


عرفت أنني خربت الوضع عندما أزاح الرجل نظرته من الشخص المغمى عليه إلي بضحكة جانبية شيطانية، الوجه المشوه البشع الذي كنت أتوقع رؤيته استبدل بوجه شرير ينبئ بالشر مما جعلني أستنتج أنني أفقدت الشخص الخطأ الوعي.

"شكرا" قال السارق وهو يفتش ضحيته بحثا عن أي شئ ثمين، "لكن أخشى أنني لن أستطيع رد الجميل" مر من فوقه بعد إنتهائه مقبلا نحوي.

كان يجب أن أتراجع إلى الخلف، أن أفلت بجلدي، لكن الذعر الذي دب في أوصالي حال دون حصول ذلك. بحلول الوقت الذي وصل فيه إلي ورفع سكينه باتجاهي، ساقاي لم تعودا قادرتين على حملي.

"أخرجي ما بحوزتك" أمرني بحدة.

لم أتحدث، لم أستطع، شعرت بالخوف فحسب.

"هل أنت صماء أم غبية ؟ لقد قلت أخرجي كل ما في حوزتك" صاح مجددا، ممسكا شعري المجموع في كعكة فوق القلنسوة، طرف السكين الحاد ضغط عنقي بقوة.

أنين الألم الذي إنبعث من حلقي كان أول ردة فعل تلقاها مني لكنه لم يلق لها بالا، بل تابع بضحكة جانبية متفصحا أنحاء وجهي، "بعد التفكير في الأمر، لديك شئ آخر في حوزتك أكثر إثارة للإهتمام" أعلمني، منزلا القلنسوة بعنف فاجأني وجعل شعري مكشوفا له.

من شدة الخوف، لم أشعر حتى بأثر الوقعة التي سببها تعثري، بل شرعت في الزحف إلى الخلف هربا منه.

لم أنجح في الإبتعاد لأنه أمسك ساقي بسرعة وأعادني إليه كأنني أزن وزن ريشة، الأمر الذي لم يكن بعيدا جدا عن الحقيقة، "أنا أرجوك ابتعد" توسلت.

"أنت لا تعنين ذلك، أعرف" تحدث بسخرية، ركبتيه وضعهما على كل جهة من جسدي ويدي أصبحتا حبيستين لقبضته فوق رأسي.

ألهذا أطلِق سراحي ؟ لأن السجن لم يكن عقوبة كافية لتكفير ذنبي ؟ تساءلت. لقد لمت نفسي طوال السنتين الماضيتين لدرجة تمني الموت والخلاص، لكن ورغم عدم مقدرتي على الصفح عن نفسي، رغم بشاعة ما إقترفته، لم أرغب بما كان على وشك أن يحصل الآن، ليس للحفاظ على براءتي، لقد فقدتها منذ وقت طويل، لكنني لم أرغب بانطفاء الفتيلة التي أضيئت البارحة. لأنه ورغم محاولتي لإنكار الأمر، لقد صدقت بأنني أستطيع منح نفسي فرصة لتصحيح خطئي والبدء من جديد.

وفقط عندما رفعت نظري إلى السماء وأنا أوشك على الإستسلام، أزيح فجأة الوزن الذي كان فوقي مخلفا وراءه صرخة ألم. لقد جلست وضممت بسرعة ساقي إلى صدري وأنا أراقب الشخص الذي نعته بالوحش، وهو يبرح السارق ضربا.

لم أعرف إن كانت ستصبح ردة فعل تلقائية، لكنني وضعت قلنسوتي بسرعة فوق رأسي وأدخلت حتى خصلاتي الأمامية قبل إحكامها بينما كان يوجه الركلة تلو الأخرى لوجه السارق، صدره وأي مكان كان متأكدا أنه سيؤلمه.

لم أشعر بأي ذرة من التعاطف أو الخوف وأنا أراقبه، لكن شعور الندم بدأ يأكلني من الداخل خصوصا وأنني لم أكتفي بسوء ظني فقط، بل هاجمته حتى تسببت بإفقاده وعيه.

الجميلة والوحش (قصة فتاة أسلمت)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن