part 02 امي

475 63 7
                                        


تختلف المسميات والمعنى الحقيقي دائما واحد...
....


ماذا لو كان لون السماء بنفسجي..هل سينعكس على الماء أيضا..؟

لا اذكر بالضبط لماذا كتبت سؤالا كهذا ببداية الصفحة التي تلي الاولى .. إنني أشعر بالحيرة حقا حول ما اردت الوصول اليه من خلال هذا السؤال الغريب.. لكن تذكرت أنني كنت فتاة لا تزال بالثانوية.. أي أن ملامحي الحقيقية مازالت بمرحلة التشكيل..

وانه طبيعي جدا ان املك أفكارا ليست بالضرورة أن تشبه احد او يفهمه احد .. وان الغرابة تكون عندما لا املك افكارا غريبة تجتاح تفكيري بين الحين والآخر..مثلا.. ماذا لو كانت السماء بنفسجية...؟

جوليان عاد وضرب زميله في نادي كرة القدم وعاد والده يوبخه من جديد هذان الاثنان لا يستطيعان الاتفاق معا عكس جوزيه رغم أنهما توأمان لكنهما مختلفان جوزيه هادئ عكس جوليان العصبي ذا المزاج الحاد..

لدي رجال غاضبون الآن .. وكل واحد منهم ينتظر الآخر ليصالحه.. اجل انها صراعات الأولاد وآبائهم..

لقد كنت هكذا .. بمرحلة حياتي الصعبة .. لم اتفق مع والدتي كثيرا... رغم ان الفتاة تكون عادة قريبة من والدتها...كنت العكس تماما... وهذا ما لاحظته الآن .. بينما أكمل قرأتي للصفحة...

ماذا لو كان لون السماء بنفسجي هل سينعكس على الماء..؟

أمي .. أهم امرأة في حياتي و التي لا افهمها..

أنها كالماء.. شلال منهمر.. لكنني هاوية.. لا يستطيع سيلها الوصول الي.. هكذا تماما اشعر كل مرة اخوض شجارا معها.. انها تكبلني.. لا يعجبها أي شيء أفعله.. تستمر بمقارنتي مع شقيقي عديم الفائدة.. اكره هذا.. ولاني اعجز عن حله يسبب لي اضطراب كل الوقت.. أشعر كما لو اني تائها..

لماذا تظن انها دائما على صواب وانني مخطئة.. وكل مرة ينتهي الأمر بإلقاء اللوم علي من والدي ايضا.. انا اعلم الان .. بات واضحا امام ناظري انها تفضل ابنها المدلل لأنه صبي علي لاني فتاة..لقد قررت ان اكون الفتاة الباردة.. تلك التي تفعل ما تريده امها... لن اخبرها شيء عني مجددا .. لن تعلم بالأشياء التي اهتم بها.. اظن اننا لن نتفاهم ابدا ولن تتحسن علاقتنا أبدا ..سأكون بعيدة فقط..معها.. لكن وحدي.. أشعر أن هذا القرار سيكون الأفضل لكلينا.. وانه الشيء الصواب لفعله... ساحافظ على تلك الفجوة بيننا التي تزداد اتساعا..

نهاية..

ابتسامة هي ما ارتسمت على وجهي.. قلبت الصفحة واخذت القلم من المنضدة جانب سريري..كنت سأكتب .. لكنني نظرت إلى طرف السرير بجانبي.. كان والدا غاضبا ينام مقطبا جبينه بانزعاج.. حتى لو لم يتحدث بالموضوع... ملامح وجهه كانت تفعل..

نهضت اتفقد حال الغاضب الآخر..وعندما دخلت الغرفة المظلمة.. كان جوليان نائما..مسحت على شعر المشاغب الصغير.. غطيته.. لأعود هذه المرة الى غرفة الجلوس .. جلست هناك وحدي على الأريكة وما حولي كان الهدوء فقط... امسكت الدفتر .. وباليد الأخرى القلم..وبدأت بكتابة.. رسالتي الثانية لنفسي...

الى فتاة الثانوية التي لا تفهم امها...

اتذكر مرة باجتماع للعائلة.. قالت امي بفخر غريب.. ابنتي استخرجت رخصة قيادة السيارة...وعندما نظرت إليها.. هي فقط كانت تبتسم لي.. كانني املك رخصة لممارسة الطب..

الوالدين.. وخصوصا الام.. تفخر بإنجازات أبنائها جميعا على نفس المستوى..المشكلة كانت هي طريقتها بالتعبير عن مفهومها للحب..ليس قلة مصطلحات.. بل هو اختلاف فكري لا أكثر.. لام كانت مسؤولة عن مستقبل عائلة.. وتنشئة أطفال صالحين.. لم تكن لتجيب ابدا على سؤال مثل ..ماذا لو أن السماء بنفسجية.. وحتى ان اجابت.. سيكون مختلفا تماما عن الجواب الذي تنتظريه بالتأكيد...

لأنك ستكونين أم لطفلين في المستقبل...ستدركين.. انه ليس من الصعب فهم الأمهات.. انما فقط كل منا له طريقته لحب الاخر ليس أكثر....

ولا.. لم اكن الباردة البعيدة عنها.. أصبحت الان الصديقة القريبة.. ملجئي وملاذي عند الضياع واحتياجي للنصيحة.. لا زالت تحتضني الى الان.. كما اعتادت ان تفعل عندما اطلب منها ذلك..عندما احتاج الشعور بالأمان..

" امي.."

رفعت رأسي عن الدفتر انظر اليه.. جوليان صغيري المشاغب..كان يمسك ببطانية بيده يقف امام الباب..

" هل استطيع احتضانك والنوم.. انني اعجز عن هذا.."

قالها بخفوت وخجل..ابتسمت له امد ذراعي له..

" بالطبع تستطيع.. تعال هنا.."

تقدم الي يحتضنني بينما اغطي كلينا بالبطانية ..اخذت امسح على شعره الى ان شعرت به ينام..

الان بعد ادراكي لصعوبة مهام الأم.. اجد ما كنت افكر به نوعا ما انانية..اما الان .. أصبح امتنان.. إنني ممتنة حقا.. لشجاري مع امي سابقا.. لولا هذا ما كنت سأعرف كيف يشعر جوليان الآن.. ولا كيف يشعر والده...

عملة واحدة ووجهين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن