تجلس سهى شاردة في الشرفة، تنظر إلى السماء في امتنان، فتجلس بجانبها صديقة لها، لا تشعر بها، تضربها على كتفها في مزح قائلة : اسمه إيه بقاا اللي واخدك مني .
سهى في استنكار : مين .
إيمان : اللي بتفكري فيه ومش أخدتي بالك إني بقالي زمن قاعدة جنبك، اللي واخد عقلك .
فضحكت سهى قائلة : بس أنا معنديش يا إيمان، وإنتِ عارفه كويس إني ماليش في الكلام الفارغ ده .
شهقت إيمان بقوة في غير تصديق قائلة : هو الحب بقا كلام فارغ يا ست سهى، بطلوا ده واسمعوا ده .
سهى : لا مش قصدي على الحب.
إيمان في لؤم : اومال علي ايه، هو فيه بنت طبيعية مش عندها حبيب .
سهى في ثقة : أنا مش عندي، وف بنات كتير زيي، للآسف الحب معناه غالي أوي، لكن إنتوا بتحصروه ف زاويتكم دي، اللي هو أصلا برئ منها ..
صمتت للحظات ثم أكملت قائلة : الحب نقاء، هو البراءة بحد ذاتها كالعذراء في خدرها، لا تشوبها شائبة، لكن تفكيركم وطريقتكم الغلط، والفراغ اللي ملى حياتكم خلاكم تتصوروا إن أي انجذاب لأي شخص يعني حب، لكن بنظرتكم المحدودة دي مش عرفتوا معناه .
إيمان في سخرية : وايه بقا معناه .
سهى : الحب تضحية تلاقي الشخص اللي يكون عنده استعداد يكمل معاك ولو لآخر الدنيا وسط الطوفان، يهتز كل شئ حواليكم وتفضلوا ثابتين، لا تفرق زلازل ولا براكين مش زي دلوقت تلاقي أتفه مشكلة تدمر سنين، ويتخلي كل طرف عن التاني في غمضة عين، ويعميهم الغضب المغلف بما يسمونه الكرامة، وإن كانت فعلا بعيدة عن اللي بيتصوره، لكن نقول إيه أشخاص هوائيين، لكن اللي بيحب بجد ميقدرش يسيب، ولا يعرف يقسي اللطف واللين والتسامح هو بس اللي يعرف يعطيه، ومش يفرق معاها أي نزاع ولا انتصار في جدال، لأنه بيشوف الانتصار الحقيقي في فرحة حبيبته، اللي هي جزء منه وحياتها بتكمل بيه .
تأثرت إيمان بكلام سهى، ولم تشعر بنفسها إلا والدموع تنهمر من عينيها بغزارة، فلأول مرة تعرف معناه، خدعتنا السوشيال والمظاهر الخادعة حتي ظننا بأنه ما نراه أمام أعيننا لا ما يختبئ خلف المواقف ويعزز بواسطة الخلافات وتتقهقر على إثره المشاكل في استسلام، فقد أحبت ابنة خالتها الذي لا يتوقف عن الشجار معها بإسم الغيرة عليها، ويعاملها بمنتهي القسوة، وكانت تظن بأنه بمعاملته تلك يبادلها الحب حتي اكتشفت الآن بأنه ليس حبًا بل تسلطًا، فالمحب لا يؤذي حبيبه وإن بادره بالأذي يعرف كيف يحتويه ويحول الموقف لصالحه في سلام .