الفصل1:

85 10 10
                                    

سبحان الله...
الحمدلله...
لا إله إلا الله ... والله أكبر ...
*
*
*
فتحت عيناها بتثاقل وتحس أن كل خلية في جسمها تنبض ألما ...
لم ترى شيئا فأعادت الرمش مرارا ... لتستوعب بعدها أن الليل قد حل ...
فهناك ضوء الإنارة الخافت الذي يتسلل من شروخ نافذة هذا الملحق المتهالكة ... وصوت كلاب مزرعتهم الذي صم أذنيها ...
كانت ممدة على جنبها الأيمن كما نامت ... حركت يدها اليمنى لترتكز عليها كي ترى مكانها ...
غير ان برودة البلاط جمدت أناملها ... لها من الوقت الكثير وهي مرمية هنا ... لم تسعفها قوتها للتسند او تجلس ...
تنفست بقوة وهي تحس ان طاقتها هدرت ... فهي لم تأكل او تشرب شيء منذ قرابة الأسبوع أو أكثر ...
تأوهت بألم ما ان حركت يسراها كي تبعد شعرها عن وجهها ...
سكنت في محلها وهي لا تقوى على التنفس حتى ...

اغمضت عينيها تسترجع ما حدث...

ابتسمت بتلذذ وهي تتذكر ملامح والدها متجهمة ...

كم فرحت بسماع صراخه و رؤية تجاعد جبينه التي أوحت حجم غضبه وقهره ...

وأخيرا إستطاعت أن تأخذ القليل من حقها منه...

كثيرا انقهرت منه ولم تجد متنفسا ...

ظلمت من قبله ولم تجد من يرد لها حقها ...

واليوم بسبب خطتها مع صديقتها استطاعت تمريغ سمعته الأرض ...
تأوهت بألم وهي تتحرك تريد الجلوس ...

استندت جيدا على يدها اليمنى لأن اليسرى مما يرى أنها كسرت فهي لا تستطيع تحريك ساكن لها بعيدا عن اللون الأزرق والانتفاخ البادي عليها...
بعد معاناة كبيرة استطاعت إسناد جسدها على الحائط ...
كانت مع كل حركة تتأوه ألما ... نزلت دمعة حارة تنفس عن ما تحس به ...
كانت كمن يجلس تحت نار هادئة ...
الألم في كل خلية منها ... رأسها ينبض بالألم ... ذراعها اليسرى ... شفاهها الممزقة وقد تيبس الدم فيها ... الغثيان الذي يفتك معدتها من قلة الأكل ...
حتى شعرها تحس بالألم مجرد أن تلمسه ...
تنفست بقوة ... رافعة عينيها للنافذة ... مركزة على الضوء الخافت المتسلل منها ... وسيل من دموع أغرق وجنتيها ...تريد الهرب من ألم واقعها ...
عصرت عقلها تحاول استخراج ذكريات جميلة تطبطب بها على قلبها عسى تتناسى القليل مما تحس به من ألم...
من بين كلها وجدت القليل وهو عندما كانت أمها على قيد الحياة ... كانت مدللتها ...
لكن يوم دفنت تحت الثرى ...
ودعت من الدنيا ابتسامتها ...
وذلك المسمى والدها لم ترى منه طول حياتها سوى العذاب ... ضرب ... شتم ... إهمال ... وبُعد ...
كانت وهي بعمر الخامسة والسادسة ينهال عليها بشتائم لم تستوعبها حينها ...
لكنها الآن تعرف معناها وتوقنه جيدا ...
فقوله دائما" ريتني ألحدتك قبل تطلعين على الدنيا الحين أكيد راح تكملين سمعة أمك الزينة يا فااااجرة"
كلمات تفوه بها في لحضات غضبه الأشد ومنها عرفت نقطة ضعفه واستغلتها جيدا ...

أحست لأول مرة بلذة الإنتصار وهي ترى غضبه خوفا على سمعته ...
وكانت فرحتها الأعظم وهي تراه متهاويا على الأرض أمامها هنا ...
لم تحس بنشوة الانتقام إلا حينها ...
رغم إنكسار فرحتها بعودة المتجبر الثاني ... في آخر الليل مزفا لها خبر أن والده بخير ...
اخرجها من أفكارها صوت احتكاك عجلات السيارة على الأرض ...
دق قلبها خوفا لا منهم ... لكنها لا تستطيع تحمل ألم آخر فما في جسدها يكفيها حاليا ...
اقترب صوت ماجد صارخا ووالده يهدأه ...

رواية ... أينفع رثاء القلب بعد لحده ... بقلم بسمة اللوتس...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن