الفصل 2: طعم السعادة

161 20 10
                                    

~طفل صغير مسجون في غرفة مظلمة، يظل هناك قفي ركن قابع لا يتحرك ولا يرفع رأسه الذي ضم إليه ركبتيه. لأنه خائف من أن يفتح عينيه خائف من الظلام، خائف من المجهول. يفتح الباب فجأة و يدخل عبره ضوء ساطع يمنعه من الرؤية.. كل ما استطاع رؤيته هو خيال شخص يدخل الغرفة.. يحمي الطفل الصغير نفسه بيديه الوهنتان إتقاء لشر و غضب الشخص المجهول. مجموعة من الأحداث و الصور غير المترابطة تعبر فكره فجأة.. ليحمله الرجل من ياقة قميصه و يبدأ في ضربه.. يغمض الطفل عينيه ليدع الألم يتسرب لعظامه بدموع صامتة تنهمر على وجهه البريء.~
استيقظت فجأة من نفس الكابوس الذي يراودني مرارا و تكرارا..و أنا أتعرق بشدة و أتنفس بصعوبة..أحسست في كل مرة راودني فيها أنه يحدث للمرة الأولى. قد يتساءل الجميع عن عيشي وحيدا و عن مكان وجود عائلتي لكني لست يتيما و لا فقيرا.. أنا فقط اخترت أن أعيش بعيدا عن الشخص الذي سبب لي هذه الندوب على جسدي، هذه الندوب التي تركت الأثر البليغ في روحي و حياتي أكثر منها على جسدي.. ذاك الشخص الذي يدخل من باب الغرفة المظلمة. و لا حاجة في إخباركم أني كنت ذاك الطفل الصغير ﻷنكم بلا شك استنتجتم هذا مسبقا.. و أن تلك الضربات التي كنت أتلقاها كانت منهج والدي في التربية.. باعتباري طفله الوحيد.
ترددت عدة أيام على محل الجدة هان. و بدأت تدخل الإبتسامة حياتي و أنارت لي ظلمة ليلي نجمة لامعة تدعى هاروكا، كانت طيبة و خجولة، ذات قلب دافئ و معطاء محب. زد على ذلك أنها فائقة الجمال بشعرها الأسود الناعم و عينيها البنيتين اللتان تعكسان أشعة الشمس كأنهما المرآة. رقتها و جمالها، كل شيء يتعلق بها جعلني أخرج و لأول مرة في موعد معها.. ثم تطور الأمر ليصبح عدة مواعيد و أصبحنا نتواعد.. و في هذه الفترة قلت كوابيسي و خف ألمي و بدأت جروح قلبي تندمل. بفضل هذه الطبيبة التي علجتني بجرعة الحب و الحنان.
بعد عدة أشهر تقدمت لخطبتها من جدتها العجوز التي غمرتها سعادت تضاهي التي غمرتني. أخيرا سأحصل على من يقف بجانبي، من يودعني كل صباح و يستقبلني حين عودتي من العمل.. شخص أتناول الطعام معه شخص يمسك يدي و يضمني حين أكون حزينا، شخص ينسيني معاناتي و يساعدني للمضي قدما، سويا و يدا بيد في طريق الحياة الوعرة.
في أحد الأيام كنت أنتظر هاروكا أمام المشفى الذي تعمل فيه. عندما جاءت حزينة تملأ عيناها الدموع.
"هاروكا ما الخطب؟"
"لقد مات..مات أنا طبيبة فاشلة"
ثم بدأت بالبكاء و هي ترتجف و تردد تلك العبارة *أنا طبيبة فاشلة* ضممتها و بدأت أمسح بيدي على شعرها الناعم محاولا تهدئتها. عندها لمحت رجلا غريبا يحدق بنا و كانت شرارات الغضب تشع من عينيه، بعد لحظات غادرنا. بعد تلك الحادثة أخذت هاروكا إجازة أسبوع من العمل فأخذت إجازة أيضا كي نقضي هذا الأسبوع سويا. ذهبنا في رحلة إلى جبل الثلج بما أنه فصل الشتاء، كان الجو مثلجا و الثلوج تغطي كل شيء كالسكر الأبيض الناعم المتناثر هنا و هناك.
حجزنا غرفتين و أدخلنا حقائبنا ثم إتجهنا نحو ساحة التزلج، تجولنا قليلا ثم استأجرنا ألواح التزلج. كانت هاروكا تلعب بالثلج و تقفز و تركض من مكان لآخر كأنها طفلة صغيرة و هذا جانب جديد من شخصيتها جذبني إليها و جعلني أتعلق بها أكثر فأكثر. عندما عادت لغرفتها لتغير ثيابها من أجل أن نذهب للمطعم. ذهبت أنا لأتجول قرب متجر الهدايا عندما سمعت صدفة حديث بعض الفتيات.
الفتاة1: لا أصدق أنه لم يهدك أي شيء
الفتاة2:إنه ليس رومانسيا البتة
الفتاة1:هذا صحيح إن كان حبيبي كنت لأفقد اهتمامي به بسرعة و هذا شيء مؤكد.
تذكرت حينها أني لم أهد هاروكا أي شيء خاص، أعني أنا أعرف أنها ليست من ذاك النوع الذي يهتم بالهدايا و الماديات لكني أريد أن أقدم لها شيئا مميزا يعبر عن حبي لها. كل ما فعلته إلى الأن هو استقبال مشاعرها الدافئة دون أن أعطيها في المقابل ما يكافئ هذه المشاعر. هناك خاتم الخطبة لكنه ليس هدية، بل هو وعد بالزواج هو رباط يجمعنا و يربطنا مع بعضنا البعض. و بينما كنت أفكر في الهدية الأنسب وقعت عيناي على قلادة على شكل نجمة براقة تجذب الأنظار بجمالها الأخاذ. فابتعتها.

في المطعم..
كنت جلسا أنتظر هاروكا حين دخلت و تقدمت بخطى وئيدة في اتجاه طاولتنا. لقد كانت فائقة الجمال في فستانها القصير الذي يبلغ ركبتيها بثنياته البسيطة و لونه الأسود الذي يبرز جمالها و شدة بياض بشرتها الثلجية. كانت تسريحتها ترفع شعرها للأعلى بشكل جد أنيق. لم أستطع بداية النطق بكلمة لكني نجحت أخيرا في ذلك.
"تبدين رائعة، أنت فائقة الجمال"
"شكرا لك"
أمكنني رؤية تورد خديها بشكل لطيف. عندها نظرت لثيابي المتواضعة و علمت أن الناظر لنا سيفكر كما فكرت الأن *هذا الشاب لا يستحق هذه الآنسة الجميلة*
أنا حقا محظوظ لاختيارها لي و بقائها بجانبي.

____________________________________
هل ستستمر السعادة في حياة ريو؟
هل سينقشع الظلام بشكل نهائي؟
***missdreamer15***

نجمة على الأرضحيث تعيش القصص. اكتشف الآن