الفصل الأخير ♥️

1.4K 51 7
                                    

في سهرة رفيعة المستوى تضم الكثير من صفوة هذا المجال، جلست نازلي بجانب أروى وكان كلاهما معًا يشعرنا بالملل الشديد.. مالت أروى على نازلي هامسة بخفوت ضاحك:
-إيه القعدة المملة ديه؟ ده غير إن رياض مش سايب حد يتكلم ولا ياخد نفسه حتى.
ابتسمت نازلي ناظره لرياض الذي يتكلم بكل غرور و تسلط كعادته في خطف الأضواء من حوله، و للعجب المثير للاهتمام كانت هناك من تُعجب به و بغروره:
-أنا زهقت فعلًا وعايزه أمشي حالا، ماكنش المفروض أسمع كلامه و أجي العشا الممل ده.
لوت أروى شفتيها تهمس:
-ما كان لازم تِخلصي من زنه، مش ممكن غتت أوي.. وعليه شوية فلسفة تنقط شوربة.
تعالت ضحكة نازلي التي أخفت وجهها عندما توجهت جميع الأنظار نحوها، وهنا تنحنح رياض بإبتسامة كلها سماجة مبطنة خلف الأرستقراطية المزعومة قائلا:
-نازلي ياريت تركزي على اللي بيتقال.. في كل كلمة.. لأن اللي بيتقال ده مهم جدًا لمسيرتك اللي جاية.
نظرت اليه باستنكار قاتل ومن بين أسنانها تمتمت بحنق:
-بالعكس أنا مش شايفة أي أهمية لكل اللي بيتقال هنا، لأنه كله تقريبا بيدور حوالين أعمالك مستر رياض.
ببرود ابتسم قائلا وهو يقرب وجهه من وجهها:
-مش قولنا نشيل الألقاب ياحبيبي.
نظرت له بنفور و أسنانها تصطك ببعضها وهي تضغط أناملها بكفها قائله بضيق واضح:
-إيه حبيبي ديه!! مستر رياض أنا مش بحب حد مهما كان يتعدى حدوده معايا، يلا يا أروى.
و انتفضت واقفه بجسد متشنج و أروى خلفها تهرول فهي لم تنتظرها، أما رياض الذي نظر حوله بغضب، ثم بهدوء وقف هو الآخر وهو يشعر بغضب شديد يعتلي ملامحه.. ذهب خلفها يناديها:
-نازلي بليز استني.. نازلي.
توقفت لثواني ثم التفتت إليه وهي غاضبة:
-أفندم في حاجه.
اقترب منها وهو يحدق في أروى التي تُلازمها مثل ظلها قائلا لها بخفوت:
-ممكن نتكلم وحدنا؟
سحبت أروى من كفها لتبقى بجانبها قائله بنبرة أكثر جفافًا:
-تقدر نتكلم و تقول اللي عندك قدام أروى ..أنا وهي واحد.
قال ببرود هامسًا بخشونة:
-نازلي أنا مش عارف انتي ليه بتتعاملي بالطريقة ديه مع رياض هواري؟! نازلي أنا في ألف واحدة تتمنى بس إنها تقف تتكلم معايا، ماتنسيش أنا مين؟
رفعت حاجبها وهي تُكتف ذراعيها أمام صدرها، بينما أروى نظرت له مستغربة غروره:
-مستر رياض هواري، أنا بقى مش من ضمن الألف دول، أنا هنا في شغل، بزنس، ده آخر اللي يربطني بيك مش أكتر ولا أقل، أنا بعرف حدودي كويس في الكلام.
و بحنق مخلوط بالسخرية دمدمت:
-بس إنت بقى اللي مش عامل حدود وده أسلوب أنا نازلي عز الدين مابحبوش، أوك؟
وضعت أروى كفها تُخفي إبتسامة ارتسمت ببطء على شفتيها، رمقها بطرف عينه بعدائية واضحة وهو يهمس بخشونة:
-أوك يا نازلي عز الدين، بس ماتنسيش إن من خلالي أنا رياض هواري إنتِ بتلمعي زي نجمة في السما، و زي ما لمعتك أقدر....
قاطعته بغضب و بؤبؤ عيناها يتسع:
-إنت بتهددني؟
هز رأسه نافيًا وهو يبتسم بسماجة:
-لااا.. أكيد لا أنا بفكرك بس.
مطت شفتيها وهي تُحرك رأسها بهدوء قائله:
-وصلت الرسالة، بس يكون في علمك أنا مش بتهدد و مافيش حد مهما كان منصبة أو مكانته ممكن يلوي دراعي عشان كده، بكره عقود توكيل الشراكة هتكون قدامكم، التوكيل ده مايلزمنيش، ولا وكالتك كلها كده على بعضها، أخرى معاكم العرض اللي جاي و بعدها فينيتو..علاقتي في الشغل معاك فيميتو.
تحركت و خلفها أروى المذهولة من قرار نازلي المفاجئ ..برغم كل شيء سعت إليه من أجل الحصول على هذا البراند العالمي ..إلا أنها قد تخلت عنه ببساطة متناقضة مع أحلامها...
وقف متصلب الجسد و ازدرد ريقه يُجلي غصة الغضب من حلقه، وهو يرفع رأسه قائلا بعِند ماكر:
-تحديكي ليا نازلي خلاني أتمسك بيكي أكتر.. بس لازم في الأول أعلمك مين هو رياض هواري، إنتِ محتاجة قرصة ودن تعرفك أنا مين و أقدر أعمل إيه.
************
طوال الطريق كانت تغلى غضبًا و بكل الشتائم نعتته أعصابها على حافة الانهيار و كل ملامح الغضب بحنق تتلبسها، حاولت أروى تهدئتها ولكنها فشلت...
-أروى أول ما نرجع الفندق ابعتي ميل لشركة اكتبي فيه إني مش هاخد توكيل الشرق الأوسط.
-بس يا نازلي...
-مافيش بس، أروى من فضلك اعملي اللي قولتلك عليه.. مش واحد مغرور زي ده هيفكر إنه ممكن يمسكني من ايدي اللي بتوجعني.
أومأت أروى برأسها دون كلام آخر، نازلي كتلة من نيران متحركة الآن، زفرت أروى تلتزم الصمت وهي تنظر في هاتفها التي اكتشفت أنه مغلق فقالت بحنق:
-يووو تلفوني فصل شحن من غير ما حس مش عارفة ازاي، زمان عمرو اتصل بيا كتير.
شهقت نازلي وهي تضرب فوق جبهتها وقد تذكرت هي أيضا هاتفها، بحثت عنه في حقيبتها وهي تقول بلهفة:
-تصوري أنا كمان عملت تلفوني silent ونسيته.. أوف كله من الممل اللي إسمه رياض ده..ماعرفشي ازاي انخدعت في شخصيته كدا!!
لمعت عيناها وهي تحدق في شاشة الهاتف، التفتت برأسها نحو صديقتها قائله بلهفة:
-سيف وصل باريس، ده اتصل بيا أكتر من تلت مرات ،وبعتلي مسج بيقولي أنه وصل.
ارتاحت ملامحها و ارتسمت الإبتسامة فجأة بعد مزاجها السوداوي المظلم الذي سببه لها رياض و حديثه السام البارد، رفعت أروى حاجبيها ببراءة تبتسم وهي تشاكسها:
-ماكنتش عارفه إن سيف سره باتع كده.
همهمت و بؤبؤتيها تزدادان تألقًا:
-أروى، قوليلي شكلي حلو، الفستان حلو عليا.
برقت التسلية في عينيها:
-قمر جدًا بس ياريت تحلى شعرك ده.. مش لازم دايما يشوفك وإنتِ ربطاه ديل حصان كده.
-هيبقى أحلى.
همست نازلي وهي تمرر أناملها فوق شعرها بخفة... هزت أروى رأسها مؤكده:
-هيبقى جميل جدًا، يلا فكي بسرعة قربنا نوصل.
سريعاً حلت ربطة شعرها و تركته ينسدل فوق كتفيها في خصلات ناعمة بعثرت خصلاته وهي تنفضه ليصبح أكثر جمالاً و همجية ناعمة...
-كنت عارفة والله.
همست أروى بثقة.. بينما إلتفتت اليها نازلي تسألها بإهتمام:
-حلو كده؟
أشارت لها بسبابتها فيما يعني رائع و توقفت السيارة أمام بوابة الفندق و دخلا معًا، هرولت نازلي نحو مكتب الاستعلامات لتسأل عن سيف و رقم غرفته... بينما تركتها أروى لتصعد إلى غرفتها...
وبعد ثوان قليلة كانت تقف نازلي أمام باب الغرفة تتنفس بهدوء خافت، رغم اضطراب أنفاسها و دقات قلبها العالية، عدلت من وضع ثوبها الرقيق و فردت قامتها الممشوقة بترفع وشموخ وتمتمت لنفسها:
-تمام إنتِ جاهزة يا نازلي.
همست بخفوت ورفعت يدها لتدُق فوق الباب لكنها تراجعت قبل أن تفعل و همهمت متوتره:
-لا مش جاهزة خالص، حاسة ان شعري منعكش جدًا.
وبعثرت خصلات شعرها للخلف وهي تمرر أناملها بين خصلاته، و تراجعت للخلف بعض خطوات و تنحنحت وهي تتقدم مرة أخرى بخطوات هادئه وفي الثواني القليلة رسم عقلها كل السيناريوهات الرومانسية الجميلة....
تساءلت في نفسها وهي تُعلق يدها في الهواء:
-ياترى هيحضني زي كل مرة نتقابل فيها، بس أكيد المرة ديه هيكون حضنه مختلف عن كل مرة، هيقولي بحبك ولا هيستني أقولها أنا الأول.
هزت رأسها بعنف ويدها مازالت معلقة:
-لا طبعا مش هقوله، هو لازم اللي ياخد الخطوة الأولى.
برطمت وشفتيها تنقلبان:
-خطوة إيه اللي بتكلم عنها؟ ده سيف و إنتِ نازلي، لا الموضوع هيكون أسهل من كده خليكي انتِ بس كده ريلاكس، عادي الموضوع بسيط، اه بسيط، بسيط جدًا.
تأففت وهي تنزل يدها بإستسلام قائله:
-لا الموضوع مش بسيط خالص، البساطة لو كنا اتنين مانعرفش بعض و دي أول مرة نتكلم فيها، خلاص أنا هروح أوضتي و أفكر أحسن من اللابخة اللي أنا فيها دي.
و أثناء شرودها وأخذها القرار بين هذا و ذاك انتفضت في مكانها وهي ترى سيف يفتح الباب و يقف أمامها بإستهجان وقال باستغراب و برود ملحوظ:
-هتفضلي واقفة عندك كده كتير؟
تغاضت عن كلامه و تنهدت بهمس:
-سيف، حمدلله على السلامة.
وحدقت به بإتساع وكأنه ضربها على غفلة منها، بلعت ريقها وهمست متوترة بإرتباك وهي تشيح بعينيها عنه محرجة:
-أنت عرفت منين أني واق..واقف..واقفة عل..ى الباب؟
قاطعها وهو يسحبها للداخل ويغلق الباب خلفه:
-من الاستعلامات.
رفعت يدها و بتوتر حكت مؤخرة رأسها برفق تهمهم:
-اااه.
ليجن جنونه بغيرة لاذعة وهو ينظر اليها بنظرات قاسية كحد السيف من رأسها حتى قدميها، اشتعلت غيرته و انفجرت الدماء في رأسه:
-كنتي فين؟
شعرت بغيرته و وجهه الوسيم يحترق بالاحمرار.. وهنا برقت التسلية في عينيها الغامضتين ليبادلها النظرات لبرهة والجو بينهما يُشحن بالكيمياء التي تتفجر من جسديهما لتطال أرواحهما بتلاعب ومراوغة:
-ياسلام!! إيه الإجابة صعبة أوي كده، نازلي كنتي ف....
همست وهي تقترب منه:
-سيفو إنت بتغير عليا؟
اشتعل المكان بذبذبات الجاذبية فرمشت بعينيها قبل أن تسمعه يُجيب بهدوء مسترخي غاضب:
-إنتِ حاسه بإيه؟ نازلي أنا حاسس إنك مش مهتمة من وقت ما صرحتلك عن مشاعري، كأنك بتهربي مني..حاسس إنك حاطة حاجز ما بينا، لو كانت مشاعري  تقيلة عليكي أو خايفه منها قوليلي حقيقة مشاعرك.
كانت شفتاها منفرجتان وملامحها تنم عن الخوف، خوف لم تشعر به حتى عندما فقدت والدها:
-كل ده عشان ماجاوبتش على سؤالك، كنت في حفلة.
وتلبكت من نظراته وهي تقول بكذبة بيضاء تمحي بها شكوكه:
-حفلة كانت معمولة قبل العرض يعني تعارف.
سألها بلا مراوغة:
-اللي إسمه رياض ده كان معاكم طبعا؟ ماهو لازق في ديلك.
بضحكة عالية، ساحرة، حارقة رجلاً أصبح عاشق بين ليلة وضحاها، رجلاً إبتلاه الله فجاءةً بعشقها:
-ديلي، خلتني بديل، سيف ممكن أفهم إيه مشكلتك مع رياض ؟
صاح وهو يستدير عنها:
-مش بطيقه، مشكلتي معاه اني مش بطيقه.
بضحكة ساخره همست:
-إنت أصلا شوفته من بعيد وكل معرفتك به من اللي أنا حكيتلك عنه بس، سيف مافيش حاجة بيني وبين رياض ، وعلى فكرة أنا أصلا كمان مش بطيقه.
كان حانقًا بعنفوان يوليها ظهره عندما شعر بأناملها تلمس كتفه برقة:
-سيفو بُصلي، معقول يعنى نتخانق بعد كل الغياب ده؟ دول أكتر من عشرة أيام، سيفو.
التفت لها و اقترب منها قربًا لا يفصله إلا عدة أنفاس و تنهيدات.. تقارب غريبًا على كلاهما، لأول مرة منذ سنوات يشعر بهذا الإحساس و تغمره تلك الرائحة العطرة مثل أغصان الياسمين...
و تسمر بالقرب منها أنفه يستنشق رحيقها، أسدل رموشه وقد أنعشه تشنجها الرقيق...
ارتبكت نبضاتها بقربه..و اقترب أكثر حتى زالت بينهما كل المسافات وسمعه يرهف اندفاع الدم في عروقها و هو أيضًا كانت الدماء تضخ بهدير صاخب صمّ أذناه إلا عن صوت أنفاسها الذي يُبهجه:
-آخر معرفتك برياض العرض اللي جاي.
-وإنت أوعدني مافيش أي واحدة ممكن تشاركني فيك.
حرارة جسده لسعتها فأغلقت جفونها وهي تشحذ كل همتها حتى تبتعد..
-نازلي...
-هممممم.
سخونة شفتيه لفحتها حينما اقترب من شحمة أذنها يهمس بخفوت أجش:
-بحبك.
صمتت الافواه في حين تكلمت قلوبً كانت تشعر بهذا الخيط الرفيع الذي يصل بين قلبان مسهما العشق...
ترددت قليلاً قبل أن تهمس بشفاه وردية اضنها خيال اللقاء بقبلة تجمع بينهما:
_أنا خايفة ياسيف.
سألها متنهدًا وبظهر كفه ملس فوق وجنتها وشفتاه ببطء تقتربان من شفتاها المرتجفتان:
_حبي خوفك؟
نفت وهي تهز رأسها وكفها الناعم يلمس كفه المرتاح فوق خدها بحنو:
_مش خوف على قد ماهي رهبة أو حالة غريبة لاقيت نفسي جوها فجأة، بسأل نفسي أمتي الحب ده اتولد
ما بينا، علشان كده خ.....
وضع أصبعه فوق شفتيها يوقفها:
_بلاش نبدأ علاقتنا بالخوف و القلق، نازلي أنا اكتشفت اني كنت بحبك من زمان، حبي لكي كان جوه قلبي من
أول ما بدأت أحس بالغيرة من أي حد بيقرب منك أو يتكلم معاكي، كنت بترجم الشعور ده على أنه مجرد
غيرة صداقة، فهماني نازلي.
رفعت حاجبها بمكر وهي تميل برأسها قليلا هامسة:
_بتحبني من زمان والله.
قال بصدق:
_اه و الله.
ابتعدت عنه تتخاصر:
_اممم و بالنسبة بقا لريهام وآمال ودلال وشرين و باقي اامجموعة كانوا موقعهم إيه من الأعراب في قلبك.
أبتسم وهو يضع كفيه في جيوب سرواله عادًا للخلف يسند على الطاولة التي خلفه قائلا بنبرة اخطبوطية ملتوية:
_عادي يعني تقدري تقولي على رأي الكينج أنا قلبي مساكن شعبية، مش هنكر أنا كان فيه شوية إعجاب و
شقاوة بس مفيش حب صريح وبعدين مين دول دلال
و آمال.
قالت بغضب وهمي:
_أعمل إيه مانا معرفش كل اساميهم.
غفر شفتيه وهو يراقب غضبا نادرا يخرج من مقلتيها
غضبا لم يرى مثله من قبل في عينيها.... تنحنح يحك
فروة رأسه:
_احممم بس خلاص الكلام ده خلص و فات أوانه ناز إحنا ولاد النهارده.
لم يظهر اي انفعال على وجهها وهى تنظر إليه بتمعن حتى ألتمعت العينان الزرقاوتان بدهاء ثم قال:
_بس متنكريش إنك كنتي بتغيري عليا انتى كمان.
بحركة عفوية اقتربت منه وتمتمت وهي تميل برأسها
وتلامس ملامح وجهه بأناملها:
_بغير و بموت كمان خصوصا لما اشوفك مع وحده منهم ولا تقولي انها عجباك كنت بحس بنار في قلبي و أنت زي الغبى مش بتحس تفضل تقولي و تحكيلي و
تفضفض معايا بكل راحة.
أحنى سيف حاجبيه بملاحظة منعشة لقلبها:
_على فكرة بقا كل اللي كنتي بتحسي به ده انا كمان حسيته اكتر من مرة، مرة لما اتقدملك قريب باباكي الله يرحمه، و كذا مرة لما كنتي بتشتغلي مع زميلك اللي إسمه أيهم، كل مرة كنت بحس أن في حد منهم هيلخدك مني ومش هتبقى نازلي الخاصة بيا، نازلي بتاعتي أنا وحدي، بتاعت سيف وبس.
ابتسمت بحبور وهي تسمعه وهو يطرب سمعها بما يسرده وهي التي كانت تعتقد بأنه كان لا يشعر بالغيرة
عليها مثلها هي، حتى أسترسل بعبوس:
_لحد ما جه اسي رياض ده و كوش عليكي و اخدك مني، بيقتي تكلمي عنه كل ما تشوفي وشي كأنك كنتي قصده تحرقي دمي و أعصابي.
تمتمت وحدقتها تتسع بدهشة:
_اخدني منك؟
زفر أنفاسا مشحونة بعذاب الغيرة التي فتكت به على مدار شهور منذ أن تعرفت على هذا الرياض:
_إيه مدهوشه ليه؟ اه اخدك مني شغل تفكيرك كله حتى لو بالشغل دايما الاقيه بيكلمك بتضحكي معاه
بتهمسي حتى لو بصوت مسموع وانتي بتكلميه كل ده خلاني اتجنن حرفياً، بقولك إيه اقفلي على الموضوع ده بقا وسيرة الزفت ده عشان متنرفزش و أتعصب.
شكبت اناملها بأنامله وضحكت وهي تجذبه خلفها وهو
متذمر:
_بص أنا معاك هو غريب شوية بس هو شخص ناجح جدا و أسطورة في شغله بيعرف ازاي يستخدم ذكائه و
علاقاته علشان يتطور من شغله.
سحب يده من يدها قائلا بغضب:
_نازلي على فكره انتي بتمدحي فيه قدام مني مش العكس خالص، ده انا لسه بقولك من ثانية واحده أنه بيعصبني تقومي تمدحي فيه وفي ذكائه، افهمي رياض
ده عينه منك.
قالت ببساطة اغضبته:
_مانا عارفه.
شخر بغضب:
_ياسلام.
ضحكت تغمز له بطرف عينيها:
_المهم أنا عيني من مين و بحب مين؟
بخفوت سلس همس:
_مين؟
لكمته في صدره كعادتها عندما تمزح معه ولكن في تلك
المرة تورد خدها تهمهم:
_مأنت عارف مين؟ بلاش غلاسة.
ثم أسترسلت حديثها عن رياض تكمل:
_سيف كل اللي عايزك تعرفه و تتأكد منه أن علاقتي برياض تنحسر كلها في الشغل هو راجل ذكي و عنده
افكار كريتيف بره الصندوق دايما شغل مبتده زيي مع
شخص زيه إنجاز في حد ذاته، بس على كل حال يظهر ان الشغل مابينا آخره هيكون العرض الجاي وخلاص.
ضيق عينيه متعجب يسألها:
_ازاي و توكيل الشركة اللي اتعقدتي معاها مش من خلاله بردك.
اومات رأسها بنعم وهي تتنهد.. فقال مستغرب:
_طيب ليه؟ في حاجه حصلت خليتك تاخدي القرار ده فجأه كده؟
اومات برأسها في صمت نافية وهي تحاول الاحتفاظ بما حدث بينها و بين رياض هواري في هذه الليلة خوفًا
من غضبه العارم:
_مفيش حاجه حصلت بس حسيت بعد العرض ان التوكيل مش هيكون مهم بالنسبالي.
_ناااازلي.
ضغط جفنيه مرددًا أسمها متكئًا على حروفه بتأكيد فهو يعرفها ويحفظها عن ظهر قلب، يدرس ملامحها و يكشفها، نازلي بالنسبه إليه كتابًا مفتوحًا على مصرعيه فهي لن ولم تتخلى عن أحلامهِا أبدا و بتلك البساطة المنتهية التي تتحدث بها:
_إيه اللي حصل خلاكي تشيلي فكرة التوكيل ديه من رأسك.
رفرفرت نازلي بأهدابها الطويلة تقل:
_غيرت رأيي و خلاص متكبرش الموضوع.
و دقت فوق بطنها تهمس بملامح متعبة:
_أنا عوجت إيه رأيك نخرج نتعشى.
سبغ على ملامحه القلق و الشك ونظر إليها بقسوة ولكنها رمت نفسها فوق صدره تحتضنه كأنها تستقبل
حين وصوله هامسة بصوتها الشجي:
_حمدلله على السلامه...حبيبي.
*********
في مطعم قديم الطراز في إحدى أحياء باريس العتيقة تناولا معًا طعم العشاء على ضوء الشموع التايلاندية
المصنوعة من رحيق الورد، وصوت داليدا التي تغني
بالفرنسية...
حدق بعيونها المتلألئة بالعشق، ليكتشف بأن حبه لها
اخطر بكثير مما كان يتوقع، أمسك كفها المرتاح فوق الطاولة ولثمه بشفتيه.. ارتجف جسدها متأثًر من واقع قبلته السخية، وحاولت التقاط انفاسها اللاهثة قائله:
_نسرين فرحت جدا لما قولتلها هشتري شقه في نفس العمارة بتاعتكم اطمنت عليا اني مش هبقي لوحدي.
قال بعد زفير خرج من صدره وهو يحمل زخاتٍ من الحب:
_ولسه هتفرح أكتر لما تعرف إنكِ مش هتبقى عايشة
وحدك فيها.
سألته في حيرة:
_يعني إيه؟
أجابها سيف بلهفة صادقة:
_يعني هنعيش مع بعض نازلي، هنتجوز.
ارتفعت الدهشة من عيني نازلي ولكنها كتمتها وقالت في استغراب:
_نتجوز!! أنا و أنتَ، سي..ف.
أبتسم وراسه تميل قليلا هامسًا:
_طبعا أنا و أنتِ آمال هتعيشي مع مين غيري.
صمتت نازلي وسكت هو معاها وفي داخلها هدير قوي من العاطفة تتدفق في دمائها، ابتلعت ريقها وبعد كل
هذا الصمت الذي دام لثواني ومر عليه كالدهر قالت:
_أنت متأكد من اللي بتقوله.
ضغط على كفها وهو يناديها:
_نازلي....
وباستسلام تام ردت:
_نعم....
نظر اليها بعينين رائعتين تعشق لونهما كثيرا وصرح بهدوء:
_تفتكري علاقتنا ديه ممكن تنتهي بإيه غير الجواز ولا إنتِ لكِ رأى تاني؟
هزت رأسها وعلامات الهيام تزين ملامحها الناعمة وكل مافيها يريد إخباره بأنها تحب كثيرًا عيناه ..تحب هذا الوهج فيهما...
_بلاش نضيع وقت نازلي كفاية الوقت اللي ضاع مننا كل سنين اللي فاتت، أنا هتقدملك أول ما نرجع مصر ..مش هضيع ولو ثانية واحدة من غيرك، نازلي موافقة؟
عضت شفتها ودموع فرحتها النقية تغزو مقلتيها فى هجوم أومأت برأسها موافقة بضحكه خجولة واستمتع هو برؤية لون الورد الأحمر على خديها، ارتفع صوت دف في مقطوعة موسيقية راقصة في أجواء باريس الشتوية حيث تتساقط زخات المطر فوق أرضية شوارعها الباردة الخالية إلا من العاشقين....
رقصا معًا حتى الصباح ..كانت تريح رأسها فوق كتفه وذراعيه تعتقل خصرها..
بدا كلاهما رائعي الجمال كبيت شعر رومانسي كتبه بول فاليري بكل الحب، أو كالوحة فنية رائعة رسمها جان كوربيه بإبداع....
(جان كوربيه: من أشهر الرسمين الفرنسيين في القرن العشرين)
(بول فاليري: شاعر فرنسي وكاتب مقالات وفيلسوف)
*************
ها هي الليلة الحاسمة في حياتها ليلة العرض الباريسي
الكبير، الليلة التي أستعدت لها نازلي بكل ما لديها من خبرة أكتسبتها خلال السنوات دراستها و عملت بهما، ليلة سوف تترتب عليها كل أحلامها و مستقبلها...
كانت متوترة بشدة تفرك كفيها و تجول في كل أنحاء الجناح بلا توقف او راحة... دلفت أروى وهي حاملة كوبين من القهوة الفرنسية وأسفل ذراعها ملف كامل
بأسماء الحضور و الشركات الراعية للعرض:
_القهوووة وصلت، نازلي خذي الملف ده.
وضعت أروى كوبين القهوة فوق الطاولة بينما برجفة سحبت نازلي الملف لتنظر في داخله ومع كل نظرة إلى
أوراقه الممتلئة بكل أسماء هؤلاء الراعيين كانت تطلق زفرة قوية متوترة:
_مالك نازلي متوترة كده ليه، ده أنتِ المفروض تكوني سعيدة جدا، حبيب القلب هنا جنبك، اااه ياريت عمور
كان هنا هو كمان.
ردت نازلي وهي تدلك جبهتها:
_العرض ده أكبر بكتير من عرض ميلان، ومهم جدا جدا لينا أروى.
جلست أروى أمامها وقالت بلطف:
_نازلي حبيبتي أحنا الحمدلله كسرنا عرض ميلان كل اللي شاركوا فيه مكونش أفضل منا وانتِ شوفتي ردود الأفعال بنفسك يبقى ليه القلق.
نهضت نازلي من مكانها و دارت حول نفسها و ملامح القلق تعتلي وجهها وقالت:
_خايفه أروى قلبي مش مطمن.
سألتها أروى دون مواربة:
_قلقانه من رياض هواري صح خصوصا بعد ما شاف
سيف معاكي، على فكره بقا مايقدرش يعمل معاكي
اي حاجه ولا حتى ي....
قطعت أروى حديثها على رنين هاتف الغرفة فالتفت لترد، لوهلة توقفت عن الكلام و عيناها تتسع رويدًا رويدًا حتى اقتربت منها نازلي تسألها بقلق:
_أروى في إيه؟
وضعت أروى سماعة الهاتف وهي تحدق في نازلي التي
تقف أمامها في قلق وبصوت خافت مصدوم همست:
_أريانا العارضة الأساسية بتعتذر لأنها سفرت نيوزيلندا الصبح ومش هتحضر العرض.
أطبقت نازلي على جفتيها بقوة وقالت وهي تكور قبضة
يدها بغضب شديد:
_عملها رياض هواري، زي ما كنت متوقعة.
*************
_بنجور مسيو سيف.
رفع سيف الجالس على البار يحتسي عصير البرتقال
رأسه ناظرًا من خلف زجاج نظارته إلى ذاك المتنمق و
بتحفظ همهم:
_صباح الخير رياض بيه.
جلس رياض أمامه وبتعالي رفع القبعة البيضاء من على رأسه ليضعها بجانبه على طاولة البار قائلا وهو يطرقع بأصابعه إلى النادلة الحسناء:
_ممكن ناخذ درنك مع بعض.
مط سيف شفتيه ببرود ورفع كأس البرتقال قائلا له:
_متشكر بشرب برتقان زي مانت شايف.
ضحك رياض بتجثم يقل:
_ممكن تكسره بفودكا روسي بيكون اكسلنت.
وبلكنة فرنسية هادئة طلب رياض بابتسامة عريضة من النادلة الحسناء كأس من الفودكا الروسي، و عاد يلتفت إلى سيف الذي لم يعايره اي إهتمام قائلا:
_هممم فودكا.
زفر سيف قائلا:
_مش بشرب.
ارتشف رياض الكأس الصغير دفعة واحدة مع شريحة
ليمون، و أشار لسيف في علامة التميز 👌:
_واو اكسلنت.
دلك سيف أنفه المدببة وهو يزفر ثم التفت بالمقعد المتحرك نحو رياض قائلا له بجدية واضحة:
_افندم عايز تقول إيه.
أبتسم رياض وهو يرفع كفيه يصفق في ذهول مسرحي يقل:
_براڨووو، أنت شخص عملي وأنا بحترم الأشخاص اللي زيك، أوك ممكن نتكلم بصراحة.
حرك سيف رأسه ببطء قائلا:
_ممكن، همم اتفضل اتكلم.
دون مقدمات هتف رياض:
_أنا معجب بنازلي.
شب حريق مندلع بنيران الغيرة بداخله، لكنه تمكن بكل براعة من إخفائه، إخفاء انتفاضة كيانه عن أعين رياض المتربصين به، وبدا عاديًا يبتسم في برود قائلا له:
_طيب ما أنا واخد بالى كويس و عارف، بس ياترى بقا
نازلي معجبه بمين مسألتش نفسك السؤال ده قبل ما
تيجي لحد عندي و تقولي الكلام الفارغ ده.
تبادلان كلاهما نظرات ذات مغزئ فيما بينهم بصمت
تام وكل منهما يتحدى الأخرى في هدوء صاخب بغضب
يحرق المكان من حولهما، حتى قال رياض وهو يبتسم
بخمول:
_أنا واثق أن مشاعرها معاك أنت، بس المشاعر سهل جدا أنها تتغير، بأختصار يا كابتن أنت مش هتقدر تقدم لنازلي اللي أنا هقدر أقدمه ليها في حياتها العملية.
وأسترسل وهو يرسم دوائر وهمية فوق حافة الكأس:
_أنا نجمها الساطع، مصباح علاء الدين اللي هيقدم لها كل الإمكانيات اللي توصلها للعالمية لكن معاك أنت.. وضحك باستهانة بوجه سيف الذي يتموج بدرجات الغضب و العنف:
_هه هه لكن معاك أنت هتقف عند حاجه وحدة بس حاجه غبية الكل بينخدع فيها بالأول وبعدين يكتشفوا
أنه وهم الحب طبعا.
حدق به سيف متصنع الدهشة بحاجب مرفع متشنج
وقال بثقة قادمة من دهليز قلبه العاشق:
_أنت غلطان مسييو رياض، حبي لنازلي مش وهم ولأ
إحساس مؤقت، مصباحك ده ينفع مع أي وحدة تانية
شغلها الشاغل الشهرة و العالمية لكن نازلي لا أنا واثق
لو روحت ليها دلوقتي وعرضت عليها عرضك السخي ده هتختارني أنا.
_أشك يا كابتن.
قالها وهو يخشن صوته بدسامة، ليكمل وهو يلوي فمه:
_نازلي هتفضل الشهرة على الحب.
رفع سيف رأسه نحو الأعلى وهو يضحك متذمرًا ثم هتف وهو يكز فوق أسنانه:
_أنت ماتعرفش حاجه خلاص والكلام معاك مضيعة للوقت، علشان كده أنا هقوم بهدوء بدل ما اضطر بكل آسف أعملك فضيحة في المكان الراقي ده.
نهض سيف واستدار ليرحل في هدوء وهو يكتم جمرة الغضب التي تشتعل بداخله.. ليوقفه صوت رياض
قائلا:
_وأنا كمان مضطر أعرض على نازلي الجواز أنا راجل في العادة بفضل الأجواء السلمية بس أنت اللي اخترت.
التفت سيف نحوه يهتف بغضب:
_أخترت إيه؟ إيه الكلام الفارغ ده، أنا عمري ما هحط نازلي في وضع زي ده.
واقترب منه خطوة واسعة ليقف أمامه مباشرًة في وضع رجل يتحدى رجل:
_أنت عايزني اروح اقولها اختاري بيني و بين رياض.
رفع كتفه ببرود يهمس:
_لو متأكد من نفسك ومن حبها لك هتروح تقولها كده
بس أنت خايف، خايف لتخسر.
كاد سيف ان يفقد كل الأحترام و الرقي ويلمكه بقبضة
مضمومة، لكن صوت نازلي الذي صدح من خلفه بقوة
وغضب اوقفه في الحال:
_عملتها يا رياض يا هواري.
رفع رياض حواجبه الأنيقة باستغراب وهو ينظر لها ثم قال:
_افندم، عملت ايه؟
كتفت ذراعيها وصاحت بنفاذ صبر:
_والله يعني عامل نفسك مش عارف عن اللي عملته.
حرك رياض رأسه وهو يقلب شفتيه ناظرًا بطرف عيناه
لسيف المجاور لها:
_نازلي من فضلك اهدي و قوليلي في إيه.
نظرت لسيف و عيناها تلمع بالدموع، فهمس وهو يمد يده ليمسك كفها ويضغط عليه برقة:
_نازلي حصل إيه حبيبتي؟
شهقت باكية وهي تتعلق بذراعه تستنجده:
_سيف خدني من هنا أنا عايزه ارجع مصر.
فتح عيونه على أقصاها وهو يملس فوق وجهها حتى يمسح دموعها أمام عينان متربصة بهما:
_نرجع مصر ازاي نازلي و العرض.
قالت أروى التي انضمت إليهم وهي تحدق في رياض
بسخط:
_أريانا العارضة الأساسية سفرت الصبح يعني بشكل ده مش هتشارك في العرض.
_سفرت...!! ؟
هتف سيف و رياض في آن واحد بدهشة.. لتقل نازلي بغضب وهي تناظر رياض:
_ايوه سفرت، مستغرب ليه مش أنت السبب في ده
مكنتش أعرف أن ديه أخلاقك أنا فعلا اتغشيت فيك.
نفي رياض بصدق:
_لا طبعا مش أنا، ازاي تفكري فيا كده نازلي، ده شغل و بزنس مالوش أي علاقة بالمسائل الشخصية، أريانا
بعد اللي عملته مستحيل تكون في وكالتي بس لازم في الأول أعرف هي ليه عملت كده.
مسحت نازلي دموعها بينما قال سيف بعقلانية وهو
يستشف الصدق بملامح رياض:
_أكيد في سبب خلها تعمل كده ويمكن يكون منافس مثلا هو السبب، ده شغلك مسيو رياض ولازم تعرف السبب.
قال رياض بصوت مرتفع وهو يخرج الهاتف من جيب سرواله:
_هعرف مين السبب؟ بس لازم الأول نفكر ازاي نجيب عارضة ليها إسمها عشان العرض.
قالت نازلي يائسة وهي تجلس بالقرب من سيف الذي يساندها:
_ده مش ممكن، بس أنا واثقة انك ورا الموضوع ده.
حاول رياض الاقتراب منها ولمس يدها لكن سيف اعترض طريقه وهو يقف بينه وبين نازلي قائلا بتهديد:
_لو أنت حقيقي ورا الموضوع ده أنا مش هسكت من بكره الصبح هعمل مؤتمر صحفي و هشهر بيك أنت و الوكالة بتاعتك.
صرخ رياض بضيق:
_أنا مش بكذب يا كابتن ومش مستعد أصلا اني اشهر بسمعة وكالتي وسمعتي، نازلي أنا هقاضي أريانا بس الأول لازم أعرف مين السبب ورا عملتها السودة ديه.
تخاصرت أروى قائله وهي تزفر:
_بردك احنا محلناش المشكلة هنجيب عارضة منين الوقت بيجري.
دمدم رياض وهو يمرر اصابعه بين خصلات شعره بتوتر:
_أنا هتصرف، هتصرف.
وهرول ماشيًا نحو الخارج... قالت نازلي برقة ممزوجة بحزن شديد:
_كنت حاسه ياسيف أن في حاجه حتحصل ماهو مش معقول فرحتي تكمل على خير.
حاوط وجهها وطبع قبلة كالنسمة فوق جبهتها يهمس:
_متقلقيش ناز مفيش حاجه وحشه هتحصل ان شاء الله، عرضك هيتم و المشكله هتتحل، أنا جنبك.
ابتسمت برقة و رأسها تفترش صدره هامسة:
_الحمد لله إنك جنبي سيف، حتى لو ماتمش العرض المهم عندي إنك هنا جنب مني و معايا.
ورفعت ذقنها تنظر في عينيه تهمس:
_بحبك.
ضمها بقوة في صدره وعندما رفع رأسه تفأجي برياض واقفًا في جمود وكأنه تحاول إلى لوح من الثلج ليتنحنح قائلا يأسف:
_احمم أنا قدرت اوصل لمساعدة أريانا، للأسف أريانا جالها عرض أكبر من وكالة تانية منافسة ليا.
قفزت نازلي واقفه:
_يعني إيه؟
حرك رياض رأسه ببطئ وعيناه تجول على وجهها ثم قال وهو يدير وجهه عنها:
_يعني المقصود من الحركة الإنتقامية ديه هو أنا مش أنتي نازلي.
صاحت أروى:
_طيب و العارضة.
ضرب رياض جانب ساقيه قائلا:
_للأسف، و للحظ السئ كل العارضات المتاحين دلوقتي مش مدربين على منصة العرض، ولا الحركات وتفاعلات ملامح الوش و ابرزاته اي عارضة تانيه تجي وهي مش مدربه معانا معناها فشل بين لعرض نازلي.
نكست رأسها و ذبذبات الفشل تحيطها من كل حد و صوب.. لكنها في لحظًة ما ازدادت قوة ورددت بداخلها بأن كل هذا سوف ينتهي، نعم العرض الشتوي لهذا الموسم حدث عظيم سوف ينهض بها، ولكن هناك ما هو أعظم منه ومن كل شئ... سيف أحبها و بجوارها الآن سوف يعودان معًا، ويكملان حياتهما معًا إلى ما يشاء الله...
ابتسمت برفق و دارت عيناها بالمكان من حولها ثم ارتكزت على رياض الذي يبدو عليه لأول مرة إمارات من الحانقة والغضب لتمس وهي تضم شفتيها:
_على كل حال قدر الله وما شاء فعل، مفيش نصيب أنا آسفة أن ظنيت فيك بشكل ده مستر رياض، أنت عملت اللي عليك، أنا آسفة جدا على اي ظن مش في محل، واعتقد اني المفروض دلوقتي انسحب بهدوء قبل بداية العرض.
هتف رياض وهو متأثر من عجزه التام الان في حل تلك المعضلة التي سوف تنهي حلمها:
_نازلي أنا حقيقي أسف، أنا....
قاطعه صوت سيف وهو يؤشر برأسه نحو أروى:
_أروى ممكن تكون هي العارضة.
التفتت رياض نحو أروى بأنتباه.. بينما ظلت نازلي في مكانها تستوعب ما هتف به سيف، اغمضت عيناها واسترسلت الأحداث منذ البداية أروى كانت تحضر كل العروض و التدريبات البدنية و الحركية، بل أنها كانت تعلق  أحياناً بشأن بعض الحركات والتفاعلات الحسية بل أنها كانت تقترح بعض الأوضاع المناسبة لبروز زوايا ملامح الوجه...
رفعت أروى ذراعيها بالهواء تلوح:
_أنا مستحيل، مستحيل طبعا وبعدين أنا محجبة مش هينفع خالص.
هتف سيف بحماس:
_وإيه يعني محجبه بالعكس ده لون جديد في عرض زي ده وبعدين اغلب المشاركين و الراعيين هما من العرب.
أشار نحوه رياض وهو يطرقع بأصابعه:
_هو صح صح، كلامه كله صح ممكن نستغل الحجاب في لفة مميزة وشاح كبير حوالين وشك و جسمك زي الساري مثلا.
اتسعت عينان نازلي و اقتربت من أروى حتى تقيمها وكأنها تراها للمرة الأولى، الطول و الوزن المثاليين جدا  مع ملامح نيلية جميلة اكتسبت لون سمار القمح في خيالها رسمت خطوط ذهبية رفيعة تتخللها أضواء من البرونزاش مع سواد الكحل العربي الأصيل بين زوايا عينان فرعونية جميلة مع وشاح ذهبي من الحرير لون القمح وقت الحصاد..
_هتكوني كليوباترا بس بحجاب و فستان محتشم.
وهرولت نحو أروى المذهولة تحضنها:
_أروى انتي انسب وحده للعرض ده، لا ده انتي فعلا اللي تستحقي تكوني العارضة الإساسية.
همهمت أروى تحت الذهول:
_بس، ب.س أان.ا أنا خاي.ي.ف.ة
نفت نازلي وهي تحمسها:
_انتي هتكوني مذهلة ان شاء الله، أروى هننجح مع بعض عارضة جميلة مصرية زيك في عرض مهم زي ده.
دمدم سيف بحماس:
_يلا أروى انتي قدها بإذن الله.
وأكمل رياض بنفس الحماس:
_الفرق ان هيتشطب على أسم أريانا فوكس البولندية و يتكتب اسم أروى اوه سوري كنيتك إيه؟
ضحكت أروى قائله:
_أروى محمد المصري.
سقف رياض بحماس:
_واو حماس I'm excited أروى المصري، اوك انا حالا هروح اسجل اسمك في العرض كعارضة اساسية.
ذهب رياض و توترت أروى ولكن ببعض الحماس لكن نازلي التي تقدمت مسرعة نحو سيف تحتضنه بقوة وهو يفتح ذراعيه لها في شغف وحب كبير وفي غفلة منه  لثمت بشفتيها قبلة خاطفة فوق شفتيه جمدته وهي تقول:
_شكرا حبيبي انك جنبي، بحبك.
ابتعدت عنه هامسة له وهي تغمز بطرف عيناها:
_كان نفسي أفضل معاك بس مضطره أروح أجهز أروى بسرعة، اااه سيف اوعي عيونك ديه تبص كده ولا كده.

*يتبع*

صورة العارضة تمثل أروى، 😉

صورة العارضة تمثل أروى، 😉

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
عيــــــش معـــــــايا ❤️ الحــــــبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن