لكلً منّا تجرُبه مُختلفة عن الأخر، فَ يوجد أشخاص مروا بتجارب سيئه، وأشخاص أخرين مروا بتجارب هانئة، سعيدة .
الحياة ما هي إلا تجارب، وعلينا أن نخوض تجربتنا كي نرى أهي سعيدة أم تعيسة، كما أنه يجب علينا أيضًا أن نكون مدركون أنه لا يوجد شخص بلا تجارب، وأنه حتى وإن تشابهت التجارب فَ الظروف تختلف مِن شخصٍ لأخر، فَ علينا أن نختلق الأعذار للجميع .***
_مالها حياتك ما ذي الفل أهو .
قال هذه الجملة "رشاد" بحنق كبير لصديقه "مروان" ليرد عليه الأخر بحزن دفين، وهو ينظر له بعتاب، وغلبت السخرية على نبرته:
_هه ذي الفل أه، والنبي يا "رشاد" أسكت أنتَ مش عارف اللي فيها .
زاد حنق "رشاد" وقال له:
_وهو إيه يعني اللي فيها .
أجابه "مروان" تلك المره بحده طفيفة وهو يتحدث بنبرة تهتز كلما تكلم أكثر:
_مش عارف إيه اللي فيها؟ هقولك أنا إيه اللي فيها .
ثم بدأ بتحدث وصوته يعلو أكثر وأكثر:
_ولا أي حاجه عادي جدا، الوحيدة اللي حبيتها واعتبرتها جزء من روحي وكانت ليا كل أهلي وهمتني بالحب وقربت مني عشان بتحب أخويا الكبير المتجوز، اللي مراته اتهمتني بعدها إني بغير منهم وبحاول اخرب عليهم حياتهم، وبكدا علاقتي بأخويا باظت وبقينا ذي الأغراب، سيبك من دي أقولك حاجه تانيه؟ مشروع التخرج بتاعي جه صاحبي اللي اعتبرته اخويا وكان هو اللي مهون عليا سنين الجامعه سرقه مني، قالي هاته يا كامل اعينه عندي عشان ولاد أخوك مش يلعبوا فيه ويبوظوا، وتعبك يروح على الفاضي، وصدقته ووثقت فيه، وهو اللي ضيع تعبي على الفاضي، وروحت تاني يوم الجامعه لقيته واقف بيتكرم بمشروعي وأنا سقطت وعدت السنه من جديد عشان منفزتش أي حاجه .
أخذ نفسه بعمق وصدره يعلوا ويهبط مِن فرط إنفعاله، وبدأ يتحدث من جديد بصوت بدا عليه الحزن والإنكسار:
_أقولك تاني ولا كفايه كدا؟ والنبي يا "رشاد" سبني في حالي وأبعد عني عشان أنا مش ناقص، ذي الفل أه، يا اخي ده أنا اكتر واحد إتخزل في الدنيا دي، مِن حبيبتي، ومِن صحبي، ومِن اهلي اللي كسروني ألف مره، وأهو المكسور مِن أهله صعب يقف تاني على رجله، أنا بحارب يا "رشاد" عشان أعيش واتعامل عادي مع الناس .
قال أخر حديثه وبدأت عيناه بإنزال دموعها دون إرادته، ثم تحرك مِن مكانه وصعد لسيارته وذهب بها بعيدًا حيث لا يوجد بشر يضغطون على جراحه التي لا تلتئم مهما مر عليها الزمن .
ذهب حيث البحر الواسع الذي مهما قال له واشتكى لا يمل، ذهب حيث لا يوجد سوا الماء والهواء النقي، وخالق الكون _سبحانه وتعالى_ ذهب حيث يشكو ولا يجد مَن يقاطعه، ذهب حيث مَن يعلم ما بقلبه حتى وإن لم يتحدث .
بكى وبكى حتى جفّت دموعه، بكى حتى شعَر براحه نسبية بقلبه، فَ صعد لسيارته للمره الثانيه قاصدًا تلك المره منزله، حيث اهله وأخيه، حيث كل شيء يذكره بإنكساره، وسوء حظه، أخذ طوال الطريق يفكر بحبيبته التي إلى الأن لم ينساها، ولكن ليس لعشقه بها بل لأنه لا يستطيع تذكر هزيمته منها، ويفكر بعائلته، وصديقه، وكل من كان سبب بدموعه، وانكسار قلبه الذي لا يُشفي ولا تُلتئم جروحه .