الجُزْء الثالِث

157 20 5
                                    

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

----

"إنظُر هذه، إنَها جَميلة و مُحِبّة و ..." قالتها الجِدة مُشيرة إلي صورةٍ من الصِوّر في يَديِها

"ألَن نَنْتَهي من هذه الحَماقات يا جِدَتي!! قُلت لَكِ أنَني لَن أقبَل الزَوّاج بِأي طَريقة من هذه الطُرُق! هَذهِ حَياتي وأنا سائِقَها و لَيس لأحَد من الرُكّاب أن يُجادِلْني أين الطَريق، أرجوكِ!" قالها أحْمَد فاقِداً أعصابةُ

كادَت كَلِماته أن تَقتَلِع قَلب الجِدة سَميرة فَقَد إختَرقَتهُ كالرَصاص، أحَس أحْمَد بِأنهُ قَد إقتَرَف خَـطأً فادِحاً فأقدَم علي الإعتِذار ولَكِنها لَم تتَقبلُه وتَرَكَتهُ دون إكتِراث،

حَزِن أحْمَد كَثيراً لِمُضايَقَتُهُ لَها. فَهي لَم تَكُنْ بِمَثابَة أُمه فقَط بل مَثلت دور الأب أيضاً، إنها كُل شئ يَملِكه ولا يُريد أن يَخسَرُه

"هِشّام" قالها أحْمَد مُحَدِثاً صَديقه في الهاتِف لِيُفَضفِضْ لَهُ عَن ما بِداخِله .. "اهلاً أحْمَد، إنه يأخُذ حَمّام. هَل تُريدَني أن أُبلِغه شَيئاً" قالتها

"أهْ.. إمْم.. حَسَناً، لا شُكراً لَكِ أميرة ولَكِن فقَط أخبِريه أن يَتَصِل بي عِند انتِهائُه" قالَها أحْمَد ناهِياً المُكالَمَه ...

°°°°

"تَباً لِهَذا الإنذار المُزعِج!" قالتها أحَد الفََتيات في الدار عِند سَماعها إنذار الغَداء "يالَ الروتين المُمِل..." قالتها عِناد ثم قامَت بالنِداء علي زَميلَتها صَفاء لتأخُذَها إلي المَكّان المُخَصص كَغُرفَة طَعامْ لِفَتيات الدار...

"صَفاء" قالتها عِناد "أجَّل حَبيبَتي" أجابَت صَفاء بِحَنان "شُكراً جَزيلاً" قالَت عِناد "ماذا؟ لِماذا !" تَعَجَبَتْ صَفاء من كَلِمات عِناد "لأنَكِ لا تَترُكيني وتَهتَمّين بي فَكَما تَعلَمين أنا وَحيدة هُنا وليس لدَي أصدِقاء بِخِلاف أميرة... و هي ليست مَعي الأن." قالت عِناد هذه الكَلِمات بألَم علي فُراق صَديقة الطُفولَة التي قَد ابعَدَتها الحَياة "لا لا! لا تَقولي هذا , فإذا لَم يَكُن لَكِ أصدِقاء فأنا سَأكون كَذَلِك من الأن فَصاعِداً.......

°°°°

مَرّت الأيام وإستَمَّر أحْمَد في زِياراتهُ لِـعِناد حَيثُ إقتَرَب مِن الإنتِهاء مِن بَحثُه بِمُساعَدتِها الدائِمة و دَعمَها, فَكُلّما إقتَرَب مِن إنهاء البَحث كُلّما إقترب أكثر مِنها وأصبَحَت عِلاقَتهم أكثر تَشابكاً وأصبَح يَتَعَلَق بِها أكثَر فَأكثَر ..

" ما هذا الشُعور الذي ينتابَني؟!.. لا أعلَم!, أشعُر بسَعادة غير مألوفَه عِندما أكون بِرِفقَته, أشعُر وكَأن قَلبي طائِراً في سَماء أضْلُعي, ماهو ذَلِك الشُعور. هَل هو الشُعور المُسَمي ... المُسَمي بالحُب؟" قالَت عِناد هَذِه الكَلِمات في داخِلَها "عِناد! هَل تَسمَعينَني؟" قالها أحْمَد الذي كان جالِساً بِجوارَها كَالمُعتاد لِيَكتُب ما يَعرِفه مِنها عَن هؤلاء الفَتيات.

" هَه! أجَّل أسمَعَك بِالتأكيد, ماذا هُناك؟!" قالتها مُتَبِهَه "ألَم تَنتَبهي لِما قُلت!؟" قالها "أعتَذِر ولَكِني قَد سَبَحتُ بِخيالي وأفكاري بَعض الشئ" أجابَت بخَجَل "حَسناً لا عَليكِ" قالها بِرِقّة, ساد الصَمْت لِبِضع ثَواني ثُم قَطَعَهُ أحْمَد قائلاً "هَل لي أن أقول لَكِ شيئاً ما؟"

أقلَقت نَبرَته عِناد بَعض الشئ ونَظَرَت له مُنتَظِرة ما يُريد أن يَقول فَأحَس بِنتظارها و قال مُندَفِعاً "هل تَقبلين الزَوّاج مِني؟!" وكانَت أكبَر مفاجأة سَعيدة حَدَثَت في حَياة اليَرَقة عِناد, لَكِن سُرعان ما فاقََت لواقِعها المؤلِم الذي يُحيل بَينَهُما فَأين هِيَ و أين هُو؟! إنَها عاجِزة مَشلوله يَتيمَة دون أهلٍ ولا ملاذ تَرفَع بِه رأسها أمام عائِلَتُة.

نَعَم هَذا كُل ما فَكَرَّت فيه فَهي لَم تَكُن تَعرِف بِأنهُ يَمُر بِنَفْس الظُرُوف بِخِلاف وُجود جِدَتُه التي أواته وبِدونِها كان ليُصبِح مَصيرة نَفْس المَصير..

"ولَكِن.." قالَتها عِناد بتَرَدُد "أنتَ لا تَعرِف عَني إلا القَليل" أكمَلَت ما بَدأت "لا يُهِم.. أنا أحبَبت عِناد وليس ما أعرِفه عَنها" أجابَها بِحَنان, فَرِحَت عِناد بِتِلكَ الكَلِمات وكأن السَعادة قَد طَرَقَت باب قَلبها لأوَّل مَرّة علي الإطلاق, فَرِحَت ولَم تَكُن تَدري بِما كَتبته لَها الحَياة مِن تَعاسة و شقاء مُستمران..

أخبَرَته عِناد بِكُل شئ وأخبرته بأنَها لَيست أخِصائِية نَفسية في دار اليَرَقات فَقَط إنَما هي واحدة مِن فَتياته أيضاً وأخبَرَها هو الأخَر بِقِصة والِداه و وفاتَهُما و تَربية الجِدة سَميرة له

°°°°

وَصَل أحْمَد المَنزِل مُنادياً الجِدة سَميرة بَفَرحه كَبيرة وإحتَضَنَها قائلاً "هٌناك مُفاجأة لَكِ" نَظَرَت لهُ بِتَرَقُب فَأكمَل "قَرَرت الزَوّاج" إنتَفَضَت الجِدة مِن شِدة الفَرحة منتَظِرة أن يُكمِل

"إسمَها عِناد.." قالها "يا لَهُ مِن إسمٍ جَميل" قالتها "وهِيَ أجمَل مِنهُ" أردَف, طَلَبَت الجِدة أن تَري عِناد فَلَم يَجِد مَفَّر مِن إخبارَها بِقِصتها وحياتَها في دارٍ للأيتام. لَم تَتقَبَل الأمر في البِداية ولَكِن نَجَح أحْمَد أخيراً في إقناعَها لَكِنه لَم يُخبِرها بِإعاقَتِها...

°°°°

ذَهَبَت الجِدة إلي - دار اليَرَقات- لِتَري عِناد, فَدَلتها إحدي العامِلات عليها.

رَأتها الجِدةبدون أن تَراها فكانَت الصَدمة الكُبرى حين وَجَدَتها مُقعَدة!. كَيف لِحَفيدَها أن يُريد الزَوّاج مِنها و هِيَ في هَذِه الحال!

هذا فَقَط ما فَكَرَت به سَميرة ثُم قَرَرت الرَحيل دون أن تُقابِلها عِناد أو تَعرِف حَتي بِقُدومِها....

°°°°

" لا جِدال, هَذِه الزيجة لَن تَتِم!" قالتها مُعتَرِضة فَإذا قَبِلَت بها بدايةً فَهَذا لإشتِراك حَفيدها لِنَفس الظُروف ولَكِن كَيف تَقبَل أن يَتزَوّج بمُعاقة! مَن سيرعي الأبناء و مَن سَيقوم بأعمال المَنزِل كَيف لها أن تَقوم بِكُل هَذِه الأعمال و هي مُقعَدة..

حاوَل أحْمَد إقنَاعَها كَمّا فَعَل مِن قَبل لكِنه قَد فَشَّل فَشَّلاً ذَريعاً "إذا كُنت مُصِّر, سَأجعَلها هي مَن تَرفُض" قالتها في داخلها قاصدة عِناد........

-يتبع-

"عِــنــاد" - {قَلَم يَنبُض}حيث تعيش القصص. اكتشف الآن