أستغفرك ربي وأتوب إليك.
----
"إبتَعِدي عَن حَفيدي!"
تَعَجَبَت عِناد مِن تِلكَ الكَلِمات "إبتَعدي عَن حَفيدي. إرفضيه. إنه لَيس لَكِ وأنتِ لَستِ لهُ! أنا لا أقبَل بِهذا الزَوّاج ولَن أقبَل. إنظُري إلي حالَتِك! كيف لَكِ أن تتَزوجي مِن حَفيدي أو مِن غَيره و أنتِ في هَذهِ الحالة! لَن أقبَل أن تُصبحي عالّة, يَكفي وجودِك عالّة علي هَذِه الدار!" قَذَفَتها بِكَلِمات لا مَثيل لَها في القَسْوّة,
شَعَرَت عِناد أن كُل شئ مِن حولَها يَدور.. لَم تَحتَمِل وَقع كَلِمات سَميرة علي مَسامِعها فَسَقَطت مُغشي عَليها بَعدَما رَحَلَت سَميرة.
كانَت صَفّاء تُراقِبهم خَلسه وسَمِعَت الحِوار بأكمَلُه, رَكَضَت صَفّاء نَحو عِناد صارِخة لِينقِذها أحداً ما في الدار.
إستَفاقَت عِناد وتَذَكَرَت كُل كَلمة وكأنها تُقال مِن جَديد وبدأت في البُكّاء, ظَلّت صَفَاء بجانِبها ولَم تَترُكها فقَد أصبَحَت صَديقة لَها كَمّا وَعَدَتها..
°°°°
بَعد مُحاوَلات عَديدة مَع الجِدة وافَقَت وآخيراً علي زَوّاج حَفيدها مِن عِناد ولَكِن بِشَرط إذا كان هُناك أمَل في شِفاء عِناد مِن مَرَضَها..
ذَهَب أحْمَد لـعِناد في -دار اليَرَقات- ليُبلِغها بهَذا الخَبَر السَعيد في نَظَرَهُ، وَجَد أحْمَد رَدَة فِعل غير مُتوَقَعة مِنها فَحينَما أخبَرَها أخَذَت تَبكي بِشِدّة "لِماذ تَبكين؟! ألَستِ سَعيدة!" قالها مُتعَجِباً
"بِالطَبع كُنت سأكون كَذَلِك إذا ما كان مِن المُمكِن أن أُشفي لتَرضي جِدتك بِزَوّاجِنا.. ولَكِن هذا مُستَحيل، هَذِه ليسَت أوّل مَرّة أذهَب لِطَبيب ويُخبِرني بضئالة نِسبة نجاح العَمَلية، أعتَقِد أنني لَن أُشفي أبداً" وَضّحَت
"لا، لا تَقلَقي بالطَبع سَتَنجح عمَليتك و تُصبحين بحالٍ جيدة. أرجوكِ فَقَط دَعينا نذهَب للطَبيب!" قالها "أنا لا أهتَم إذا كُنت سأُشفيٰ يوماً أم لا، فَقَد تعوَّدت علي مَرَضي مُنذ كُنت صَغيرة، ولَكِن كُل ما يُهمني أن تَقبَل جِدَتك بي، لِذا سأذهَب للطَبيب مِن أجلك" قالتها باكية فهي تَدري جيداً بِما سَتسمعه مِن الطَبيب الجَديد
"لا تَقلَقي سيكون كُل شئٍ علي ما يُرام، سأخُذ إذن مِن مُشرفة الدار و أعود، فقَط إنتَظريني" أردَف
°°°°
ذَهَب كُل مِن عِناد و أحْمَد إلي الطَبيب الجَرّاح الذي سيُعالِجها، أخبَرَهُم الطَبيب بِضئالة النِسبة لِنَجاح العَملية ولَكنه حاوَّل بِشَتّيٰ الطُرُق أن يزرَع الأمَل في قلوبِهِم ونَجَح في ذَلِك...
وفي هَذِه الأثناء إتفَقا أن يَعِددوا كُل شئ لِحَفلة الزَوّاج لِكَي يَتِم سَريعاً بَعدَما تَفرُغ عِناد مِن عَمَليتها وتأخُذ فَترة النقاهَّه فَلَم يَكُن أيُهما قادراً علي الإنتظار أكثَر.
بَدأ أحْمَد في تَجهيزات الزَوّاج بينما كانَت عِناد تَستَعِدْ للجِراحة، كانَت الجِدة سَميرة غَير راضِية تماماً عَن ما يَحدُث خِصيصاً تَحضير أحْمَد لحاجِيات حَفل الزِفاف قَبل أن تُشفي عِناد تماماً و تَنجَح العَملية ولَكِنها فَضَلَت الصَمت مادام حَفيدها سَعيداً و مُتحَمِساً بِهَذا الشَكل.
°°°°
ها هو مَوعِد الجراحَة، بينَما كانَت عِناد داخِل غُرفَة العَمَليات كان أحْمَد والجِدة سَميرة و أميرة صَديقة عِناد و زوجَها هِشّام مُنتَظرين إنتِهاء الجِراحة ليَطمَئنوا علي عِناد و نَجاح العَمَلية.....
إنتَهَيٰ وَقتْ العَمَلية وخَرَج الطَبيب مُبَشِراً بِنَجاحها و أخبَرَهُم بأنَها سَتَفيق خِلال ساعات قَليلة وأخبَرهُ أيضاً بِخُطورة أي حَركة غير مَحسوبة لأنها سَتَحتاج لبَعض الوَقت لكي تَستَقِر حالَتها وتُصبِح قادِرة علي السَير بِشَكل طَبيعي...
طَلَب أحْمَد رؤية عِناد مِن الطَبيب بَعدَما إستفاقت، لَم تَكُن عِناد لِتُصَدِق إنها أخيراً سوفَ تُصبِح قادرة علي الحَرَكة و السَير كأي إنسان طَبيعي، و أنها أخيراً ستُصبِح زُوّجة لِحبيبَها أحْمَد التي لطالَما حَلُمَت بأن تَكون زَوجةً لهُ في يَوم زِفافهم التي كانَت تَنتَظره بِفارِغ الصَبر...
دَخَل أحْمَد الغُرفة علي عِناد ورأَها تُحاوِل الوُقوف، عَزَمَت عِناد علي السير نَحوه بتثاقل محاوِلةً ضَمّه فأسرَع أحْمَد نَحوّها مُحاوِلاً إخبارها بخطورة ذَلِك ولَكن سُرعان ما سَقَطت هي علي الأرض بأنفاسٍ بطيئة ذَهَبَت مع الريح..
لَم يُصَدِق أحْمَد ما رأتهُ عيناه للتو و إستَمّر في رَجَّها يميناً و يساراً مُنادياً بإسمَها ولَكِن لا حياةَ لِمَن تُنادي، ظَلّ أحْمَد يَُحرِكها دون إستِسلام مُتمَنياً أن تَصحو و تَعود للحَياة.
لم يكُن أحْمَد لِيَقبَل الإستِسلام للأمر الواقِع و ظَلّ يُناديها و يُحَدِثها وكَأنها تَسمَعه...
"لا تَترُكيني، كيف لَكِ ذَلِك! أرجوكِ لا تَترُكيني! لماذا تَخونين مَحَبتي و ثِقَتي و صبري الذي طال، أرجوكِ لا تَترُكيني. أنا لا شئ بدونِك! أنتِ مَن علَّمني الحُب و أوجَد رَغبَتي في الزَوّاج، أنتِ حياتي و روحي. أرجوكِ لا تَترُكيني!"
وَقَف الجَميع مُذبَهِلّين مِن شِدة قَساوَة المَوقِف، و تَسَمَرَّت أميرة مَكانها مِن تأثير الصَدمة التي وَقَعَت وَقع ساعِقةٍ علي زَهرة قَلبِها التي ذَبُلَت مَع عُناد، و حَتي الجِدة سَميرة التي تَحـجَّر قَلبَها تِجاه عِناد قد لان أخيراً، لان ولَكِن بَعد فوات الأوان...
ها هي اليَرَقة المُسماه بـعِناد.. قَد رَحَلَت و تَرَكَت خَلفها الحياة بأسرِها بحُلوِها و مُرِّها بسعادتها و أحزانها بقسوَتها و لينها، رَحَلَت عائِدة إلي أدراجِها، إلي أحضان أبيها و أُمها، هي لَم تَمُت و لَكِنها حَصَلَت علي الحياة أخيراً...
-تَمْت-
°°°°
شكراً للكُل:)
أنت تقرأ
"عِــنــاد" - {قَلَم يَنبُض}
Short Storyقصة قصيرة مشارِكة في مسابقة {قَلَم يَنبُض}: "الحياة ما هي إلا عِناد.. -عِناد للمَصّاعِب، وعِناد للأحْزان- هكذا كانَت حياتها علي إسْمَّها. فإسمَها هو عِـنـاد" "بِداية قاسِية ونِهاية غير مُتوَقَعَة." ملاحظة: • هذه أوِّل محاوَلة أقوم فيها بكتابة قصة قص...