انتفض "زيدان" من موضعه ناظرًا إليها بفزع وهو يقول:
_في إيه يا ورد وهدومك متقطعة ومرمية ليه!؟
هو إيه اللي حصل إمبارح!
ثم رأى جسده العاري، وجسدها هي الأخرى الذي تغطيه بشرشف السرير..
ليدرك ما حدث بسرعة ولكن قطع تفكيره صوت ورد ونظراتها.
نظرت إليه بحسرة وهي تصرخ بعنف قائلة:
عايز تعرف إيه اللي حصل!!!
اللي حصل إن حضرتك إمبارح جيت من بره ودبحتني يا زيدان!!
بعد ما حسستني بالأمان ناحيتك، وحببتني فيك..
قومت أنت عملت إيه بعد كل ده!؟ دبحتني!
أنا لحد دلوقتي مش مستوعبة اللي حصل، وإنك عملت فيا كده!!
طلقني يا زيدان لو سمحت طلقني أنا مش هكمل م..
صرخ بها الآخر قائلًا:
_أقسم بالله معرفش إيه اللي حصل إمبارح، والله العظيم أنا معرفش ده حصل إزاي!!!
يا ورد اسمعيني حرام عليكِ، عماله تحكمي عليا من غير ما تسمعيني.
ثم نهض من موضعه وارتدى ملابسه بسرعة شديدة وأردف بتحذير قائلًا:
_ أنا خارج علشان أجيبلك اللي يثبت إني بريء، بس مفيش خروج من البيت يا ورد سامعة!!؟
ولم ينتظر ردها وركض خارج المنزل..
اتصل "زيدان" بـ "أدهم" وهو يصرخ به قائلًا:
_هاتلي الحيوانات اللي اسمهم هاشم وحازم على المخزن بتاعي اللي في المقطم أنا جايلك، بسرعة يا أدهم.
وأغلق معه وهو يكاد يبكي فما فعله بصغيرته ليس بهين على الإطلاق، لقد كسرها وذبحها بسكين بارد.
بكل مرة يرى أنه قد اقترب منها بطريقة كافية يحدث شيء يهد كل ما بناه!
وصل "زيدان" إلى المخزن، دلف والشياطين تتراقص أمام عينيه..
نظر ل"هاشم"و"حازم" وهم مكبلين بالكراسي، ويصرخوا بـ "أدهم" الذي كان جالس يحتسي قهوته الصباحية بكل برود.
ابتسم "زيدان" بشر وهو يتجه نحوهم ببطئ شديد، يعلم كلاهما أن "زيدان" سيريهما أشد أنواع العذاب.
فما فعلوه به ليس بشيء هَيّن!
جلس "زيدان" أمامهما، واضعًا ساقه على الأخرى، وهو يقول ببرود:
_عملتوا اللي عملته ليه!؟
عملت ليكم إيه!؟
انتوا أكتر ناس عارفين بحبي لورد وعارفين إني بحبها من قبل ما أعرف حتى هي مين، وأظن إنك يا هاشم أكيد معملتش الحركة الزبالة إنك تديني سجاير فيها منشطات جدعنة منك!!
أكيد كنت قاصد..
أردف الآخر بصراخ وجنون قائلًا:
_آه قاصد، قاصد أكره مراتك فيك، قاصد أكسرها هي كمان..
عارف ليه!؟
علشان أنت كل ما بتتمنى حاجه بتلاقيها!!
فتحت شركة زي ما كنت بتتمنى، واتجوزت البنت اللي بتحبها، حياتك كلها ماشية زي السكينة في الحلاوة..
إنما أنا!!
أنا لحد دلوقتي بدور على شغل مش لاقي، لحد دلوقتي مش عارف أجهز شقة أتجوز فيها مش الڤيلا العملاقة اللي أنت اتجوزت فيها!!
أنت ليه تبقى أحسن مني وليه يبقى عندك كل حاجه وأنا لا ها ليه!؟
صرخ به الآخر قائلًا:
_ وأنت متعرفش إني علشان أوصل لكل ده، بشتغل من وأنا عندي خمستاشر سنة!؟
متعرفش إني أمي ماتت وموتها كسرني وأنا لسة في أولى ثانوي.
متعرفش إني اتبهدلت من بعد ما أبويا سافر ورماني لجدي اللي رباني وعملني راجل، بس فوق كل ده كنت كل يوم بلاقي ذل وإهانة من عمامي..
عمامي اللي كانو بيذلوني بغياب أبويا وموت أمي!!
مستكتر عليا نجاحي وإني اتجوزت واحدة بحبها!؟
أنا آه فتحت شركتي وآه اتجوزت البنت اللي حبيتها، بس أنت بقى اتربيت في حضن أهلك، اتربيت في بيت دافي كان بيحتويك..
أنا مستعد اديلك كل حاجة يا هاشم، بس تديني دقيقة أحضن فيها أمي ومش عايز أكتر من كده..
أنا هسيبك لأدهم يعمل فيك اللي هو شايفه، لأني مش هضيع وقتي مع واحد زيك..
أما أنت بقى ونظر ل"حازم" فـأنا مش لاقي مبرر لمساعدتك ليه إنه يعمل الله عمله، بالعكس أنت ظروفك المادية أحسن مني، يبقى ليه!؟
ثم نهض من موضعه وذهب لأدهم وقال:
_صورت كل حاجه!؟
أومأ له بالموافقة وهو يقول بخبث:
_حصل يا كبير وبعتلك الفيديو يلا روح بقى شوف هتعمل إيه، وسيبلي الحلوين دول..
ضحك "زيدان" بصخب ورحل تاركًا المخزن، وتوجه لمنزله..
صعد بسرعة إلى غرفته ودلف وجد ورد كما تركها، ولكنها كانت نائمة..
لثم جبينها بعمق، وفرد ظهرها على السرير ثم نزل إلى الأسفل وطلب لها جميع أصناف الطعام التي تحبها، وما أن انتهى من كل شيء حتى وجدها قد استيقظت وارتدت إحدى ملابسها التي تجعلها مُهلكة بدرجة كبيرة..
ركض إليها بسرعة وجذبها من يدها وجعلها تجلس أمام التلفاز، ثم أشعله على هذا الفيديو الذي به "هاشم" وهو يعترف بكل شيء..
كانت "ورد" تشاهد هذا الفديو وهي تبكي، فلقد وقعت ضحية لغيرة شخص مريض من زوجها، هي الضحية التي بينهما..
ما ذنبها هي!؟
جذبها "زيدان" لأحضانه بعنف وهو يبكي هو الآخر، فما حدث ليس بهين على أحدٍ منهما..
أردف "زيدان" بعشقٍ خالص ونابع من أعماق قلبه، فمن تبكي أمامه هي وردته الصغيرة، التي لم يعشق سواها بحياته..
_ورد، أنتِ شوفتي الحقيقة كلها قدامك، أنا آسف على اللي حصل أنا آسف يا نور عيني، سامحيني يا ورد.
لم ترد عليه فقط ارتفعت شهقاتها من البكاء وهي بين أحضانه، وزاد بكاء "زيدان" على بكائها...
أردفت قائلة:
_بس أنا مش هقدر أسامحك دلوقتي يا زيدان، سيبني فترة أحاول أنسى اللي حصل، واللي أنت عملته فيا، وبعدين هفكر أسامحك..
رغم تمزق قلبه، ورغم أنه سيشعر بالإشتياق الشديد ناحيتها، إلا أنه وافق وأومأ لها بالموافقة وهو يقول:
_ماشي يا ورد، مع إني مش هقدر أقعد من غيرك، بس اللي أنتِ عايزاه هعملهولك..
أقعدي في الڤيلا هنا، وأنا هاخد شوية هدوم وهقعد عند أدهم صاحبي..
شهران مروا على كلاهما، اشتاقت هي لزوجها بشدة، وسامحته، نعم لقد سامحت "ورد" "زيدان" على ما فعله، فهو ليس له ذنب بما حدث..
كلاهما كان ضحية شخص مريض وغير سوي، ولكن أين هو زوجها!؟
حاولت أن تتواصل معه لمرة ولكن كان هاتفه مغلق!
شهران مروا دون أن تنعم بأحضانه الدافئة، دون أن تسمع غزله بها..
كانت جالسة بالحديقة وهي تبكي، فلقد إشتاقت لمالك قلبها بشدة!!
أردفت بخفوت محدثة نفسها:
_أنت فين يا زيدان!!
وحشتني أوي بجد، أنا مش عارفة أعيش من غيرك، إرجع بقى يا زيدان..
يارب رجعهولي يارب أنا مسمحاه والله، وبحبه ومش عايزة أعيش من غيره..
سمعت صوت يهمس من خلفها قائلًا:
_ولما البكاء يا حبيبة قلبي!؟
فوالله إن عينيكِ لا يليق بهما الحزن، فلا تبكي ولا تحزني..
التفتت "ورد" بسرعة ووجدت "زيدان" واقف وراءها، وعلى وجهه بسمته الساحرة التي تعشقها..
أردفت بفرحة شديدة وهي ترتمي بأحضانه، فأصبحت كالشجرة التي تُسقى بماءٍ عذب بعد سنوات من الجفاف!!
_زيدان!
وحشتني أوي يا زيدان، ليه سيبتني كل ده!!؟
هونت عليك تسيبني كل الأيام دي بجد هونت عليك!؟
أنا والله مسمحاك خلاص بس متمشيش.
ضحك بخفة وهو يقول بعبث:
_مكنتش أعرف إن غيابي هيخليكِ تحبيني كده، وأنتِ كمان وحشتيني يا وردتي، ووحشتني عينيكِ اللي بموت فيهم..
أردفت "ورد" ببكاء وهي تجلس على العُشب:
_متمشيش تاني يا زيدان، أنا بحبك متسيبنيش..
جلس أمامها ساحبًا إياها بين أحضانه، ماسحًا دموعها التي تنزل على وجنتيها وهو يقول:
_ متعيطيش يا ورد، الورد مينفعش يعيط، الورد بيبقى هو سبب فرحة الناس، سبب بهجتهم، علشان هو زاهي وريحته فواحة..
لكن لما الورد بيزعل بيدبل وبيبقى شكله مش حلو..
خليكِ دايمًا وردة زاهية، عطرها فواح، بتسعد كل اللي يشوفها، وردة اللي يشوفها يسمي الله ويقرب منها وهو مسحور بيها وبجمالها..
وبعدين يا ست هانم أنا مش هسيبك، هو في حد بيبعد عن روحه برضو يا ورد!؟
ثم قبلها قبلة خفيفة على وجنتها، وقال بحب:
_بحبك يا وردتي، يا كل حاجه في حياتي، أول ما شوفتك سرقتي قلبي وهربتي بيه، سيبتيني عاشق ليكِ ومش عارف أتخطى جمالك ولا جمال ضحكتك، اللي دخلت قلبي ومخرجتش منه.
لاحظ "زيدان" انتفاخ بطنها قليلًا، وأردف بشك:
_ هي بطنك منتفخة كده ليه!؟
أردفت الأخرى بدلال، وهي تلعب بأصابعها في لحيته قائلة:
_علشان هيبقى عندنا بيبي قمور وحليوه زي باباه.
عانقها "زيدان" بقوة حتى كادت ضلوعها أن تتكسر، ودفن وجهه برقبتها مستنشقًا عبيرها، أردف قائلًا:
_ده أحلي خبر في حياتي، أنا مش مصدق إن هيبقى عندي طفل منك، ده أحلى خبر في حياتي يا ورد!
ضحكت "ورد" وهي تقول:
_طيب خلاص علشان أنت فعصتني، يلا ندخل جوا واطلبلي بيتزا بقى لأني نفسي فيها..
حملها "زيدان" بين يديه كالعروس دالفًا بها للمنزل، ندر لعينيها البنية كالقهوة وهو يقول بعشق:
_بحبك يا وردتي
ردت عليه "ورد" قائلة:
_وأنا بموت فيك يا روح وردتك..
__________________________
_زيدان، تعالى اعدلي الطرحة من ورا لحسن مش عارفة أطولها..
والتفتت "ورد" ناظرة له بتعجب:
_أنت سرحت في إيه!؟
اقترب منها "زيدان" الذي كَبِر بالسن وأصبحت الشعيرات البيضاء ظاهرة بشعره بوضوح، مما أعطاه هيبة ووقار، ولكن مع كِبر سنة، كبر عشقة لوردته، وأم أطفاله الأربعة..
وقف ورائها وعدل لها حجابها، ثم لثم جبينها بقبلة عاشقة، وهو يقول:
_مش مصدق إن النهاردة فرح بيجاد، معقول السنين عدت بالسرعة دي!
ضحكت "ورد" بخفة وهي تقول:
_فعلًا يا زيدان السنين عدت بسرعة، ده أنا حاسة إني لسة كنت حامل فيه إمبارح..
وبعدين هو أنت كنت سرحان في إيه!؟
عانقها من ظهرها أمام المرآة وهو يقول:
_كنت بفتكر أول حياتنا وإزاي اتجوزنا، وبفتكر لما رجعت ولقيتك حامل في بيجاد وبفتكر فرحتي بيكِ..
يلا بقى علشان الناس كلها جت تحت، وهتلاقي الأستاذة تسنيم الغلطة جاية تقول يلا يا بابا ويلا يا ماما..
ضحكت "ورد" بصخب على حديثه وهي تقول له بدلال:
_طيب إيه رأيك في الفستان!؟
شكلي حلو يا زيزو!؟
نظر إليها كالمسحور، ولثم وجنتيها ببطئ بقبلاته، ثم ابتعد عنها ناظرًا لعينيها البنية بعمق وقال:
_مصادفة كانت لقياكِ فسلبتِ من صدري الفؤاد، ركضتِ بعيدًا وركض نحوي الهُيام لأصبح حينها أحيا بربوع الجِنان، متيمًا انا عاشق ولهان، فمجنون ورد أنا وقلبي لها بستان، اسمك ورد وأنتِ بالفعل وردتي التي أنا عاشق لها، كنت أظن أنني لن أحب، ولن يكون لي من يؤنسني بحياتي، لكن كل تلك الظنون طارت بالهواء وذهبت بعيدًا؛ عندما شاهدتكِ لأول مرة، حورية هاربة من الأساطير، تقطف الورد وعلى وجهها بسمة سرقت قلبي وكياني، أصبحت مُتيم بكِ يا وردة حياتي، فرفقًا بي وبقلبي الذي هو لكِ عاشق.
ونزل كلاهما إلى حفل زفاف أول ابنائهما "بيجاد"، على "هاجر" ابنة "أدهم" و"راندا"..
ولم يخلوا الزفاف من غزل "زيدان" لمحبوبته "ورد"طيلة الوقت..
فـ زيدان هو عاشقٌ لورد، عاشقٌ لضحكتها وعيونها البنية كحبات القهوة، ولن يتوقف هذا العشق عن التدفق بقلبه، حتى إذا دثره الثرى وذهب لخالقه، لن يتوقف عن حبها..
أنت تقرأ
وَرد
Romanceتزوجته رغمًا عنها دون أن تعلم أنه مُتيمٌ بها وعاشقٌ لها، فكيف ستكون ردة فعلها عندما تعلم بعشقه!؟