الحسناء و الوحش
جالس على كرسيي الخشبي , أشرب فنجاني من القهوة مع سجارة طويلة لا تنتهي بفكر سارح يبحث عن سبب لحياتي , مع مزيج من ضجيج السيارات وأصوات الناس تعلو و ينخفض و ثلاث ذبابات أرهقت جلدي .
تخلي ذهني عن هذا كله و طار واضعا شريط حياتي في صفنتي و ها أنا أشاهد ...
أكوام من الجراح تترك ذكراها في قلبي , أوقات طويلة من العمل و التعب ترهقني , أصوات متراكمة من الآخ و الهم تخرج من بلعومي , جبال كبيرة من الذل و الآسى تزداد علوً , بحيرة من الطيبة و الحنان جفت و أصبحت صحراء قاحلة , نبع غزير من الحقد و الكراهية تفجر و أزداد عطاؤه يوما بعد يوم ...
ها أنا أكبر و أصبحت وحشا لا يقترب منه ..
أميرة حسناء تتقدم نحو الوحش المرعب ...
إنها و بدون خوف تداوي جراح الزمان في جسد الوحش ...
بدأت بتكسير جبل الذل بعد أن انتهت من تعبئة بحيرة الطيبة و الحنان , حولت الصحراء إلى جنان و رياض مليئة بالأزهار و الورود , بعدها قامت بطمر نبع الحقد و فجرت نبعا من الحب الحب و شلالات من العطف ..
نهض الوحش متفاجئاً بدنا لم يعتد عليها بهذا الشكل ..
لم يكتب له الدهر حياة كهذه من قبل ..
إن الدنيا التي صنعتها الحسناء كانت كحلم بالنسبة له ...
تأججت مشاعره و إغرورقت عيناه بالدمع للطف الأميرة الحسناء ..
أراد أن يشكرها لأفعالها الفاتنة فمد يداه إلى وجنتيها ليغمرها بدفىء منه ..
لكن مخالبه الحادة الطويلة أصابتها وتركت في وجه الحسناء جروحاً كثيرة و عميقة بعمق المحيطات ..
سقطت الأميرة من ألمها , و أصبحت في غيبوبة من وجعها ...
عضب الوحش من نفسه و بدأ بقطع يداه عقاباً على فعلتهم , و عندما انتهى من قطعهما أراد أن ينقل الحسناء إلى كهفه ليعتني بها لم يتبقى سوى فمه ليحملها .... و أخطأ الخطأ الأكبر ....
أراد أن يحملها كما تحمل القطة أبنائها و بغباء شديد غرز أنيابه في قلب الحسناء حتى انتشله ..
ماتت الأمية الحسناء ...
جن الوحش و أعاد الدمار إلى عالمه مع آلاف من الإضافات السوداء ....
ما هذا ؟؟؟؟!!!
أتعطلت السينما الخاصة بذهني ؟؟؟
أم أنه سواد فكري إجتاز مخيلتي ؟؟؟
بهذا انتهت جلستي الفكرية و فرغ فنجان القهوة ...
سأذهب إلى كهفي المظلم لأنام بجانب جثة أميرتي الحسناء ...