الفصل الأول

177 52 65
                                    

"مجدي أنا..،أنا المخالف"

وسط بحراً من النار والحمم الهائلة والتي لا تخمد ،لا بل أنها تزداد حرارةً وسخونة ..،بحر هائل لا نهاية له ولا بداية وفي وسطه عموداً طويل من الحديد والغريب في الأمر أنه لم يتأثر بالحمم وذاب لا بل يحافظ علي هيأته ويبقي صامداً ..وفي أخر العمود نرى كائن أسود قريباً من اللون الأحمر، طويل ونحيل البنية لدرجة أن العظام تبرز منه وشعره الخفيف علي رأسه وبجانب القرون الطويلة الحمراء والسوداء في نهايتها ،لا أسنان له ولا لحية ،فقط أذنان طويلة وفم عريض ودون أنف ،ينظر أمامه إلي شمس حمراء شديدة التوهج هي الأخرى بجانب بحر الحمم أسفله وهو يقول بغضب وخيبة أمل :

-متى ..،متى أعود إلي مكاني معه وتحت نوره ..متى يعلم أني كنتُ محق ..متى يعلم أن شأني أعلي منهم وأرقي ..

وقبل أن يتابع قاطعة صوت صراخ من أسفله ،أتياً من بحر النار هذا وليجد أن هنالك الملاين من الهياكل العظمية تصرخ وتتقاتل وهي تحاول تسلق العمود الحديدي ..هياكل أناس قد أتي بها من أفعله ومحاولاته لبناء جيش وعرش مثل الذي عند خالقه..نظر أسفله وضحك للحظات وكأنه يستمتع بمشاهدتهم يتقاتلون ويصرخون وليقول مبتسماً بصوته البارد والحاد :

-هذه تحفه  ..،تحفة فنيه فاشلة قد صنعتها بلساني وأفكاري اليائسة حتى أحاربهُ هو الذي  جعلني في هذا الحال ..،كنتُ الأفضل ،كنتُ الأجمل ..لم يكن لي مثيل أنا الرائع الخلاب الجميل ..،لماذا فعل هذا ،لماذا أنا من بين الجميع ..،كنتُ الأقرب له والمحبب ،كنتُ أولهم ..كان يأتمنني من بين الجميع ..،ماذا فعلت لكل هذا ..

وصرخ ضاحكاً وهو ينظر أسفل قدمه :

-لماذا ..،لماذا ..لماذا فعلت هذا ،ماذا فعلت لكل هذا من الأساس ؟! ،أنا حتى لا أقدر علي رفع رأسي ..،لماذا لا أقدر علي فعل هذا وكأنني عندما أحاول أشعر أن عيناي تحترق من حمم هذا البحر الذي أعيش فيه ..

وضحك وبقي هكذا يصيح مع نفسه حتى صمتت الهياكل من أسفله وبدئوا يقفون بجانب بعضهم وكأنهم قد اتفقوا علي شيء ما وهو أن يسقطوه ..،ولهذا تسلقوا بعضهم البعض وعظماهم تتكسر وهم يحاولون الوصول إليه ،وما أن شعر بشيء غريب ..نظر علي الفور أسفله وخاف خوفاً عظيماً وكأن لوحته الفاشلة كما أطلق عليها تحاول الانقلاب عليه وتسقطه مرة أخري كما سقط سابقاً بغروره وكبريائهُ .

وعلي الفور قام من جلسته وأخرج جناحيه من ظهره والتي كانت متهالكة كما حاله دون اختلاف ..جناحين قد التفت لهم ونظر لهم بيأس وكأنه قد تذكر كم كانت بيضاء وساطعة وضخمة عكس حالها الباهت الآن وكانت تبتسم بالضعف والسواد وقصر طولها ..،وبدأ يحلق وشلال العظام يتبعه ويزيد وهو يضعف أكثر مما جعله يفكر داخل نفسه وهو أن يغادر هذا العالم ،وقال داخل نفسه خائفاً :

-يجب أن أغادر علي الفور ..،قبل أن يسقطوني مجدداً ،ولكن كيف ..،إذا غادر هذا المكان سوف يأتوا إلي كما أتوا سابقاً عندما طردت أدم خارجاً ..ماذا أفعل ..،ماذا أفعل ..حسناً ..،حسناً لدي فكرة ولكني سوف أدفع ثمنها غالياً ..

لحن مجديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن