01|La Naissance De La Révolution.

160 28 123
                                    

الفصل الأول:
《 ميلاد الثورة 》

___

فرنسا - باريس.
السابع والعشرين من أبريل، سنة 1789.

في ثنايا غابة فانسين الواقعة في شرق مدينة باريس، حيث تنموا الأشجار بسخاء، تغرد العصافير سيمفونيتها لهذا الصباح.

يظهر طيف الحطابة الشقراء وهي تقطع الأشجار لتؤمن ما يسدُّ جوعها اليوم، ينبض جبينها المتعرق فتأخذ استراحة لتشرب من مياه البحيرة القريبة منها.

يأخذ منها قطع الأخشاب وقتًا بسبب بنية جسدها الهزيلة وقوتها العضلية شبه المنعدمة، و تحمر كفيها بسبب كِبر حجم عصا الفأس عليهما.

تتغلغل فأسُها في جذور الشجرة لتعدمها من الحياة، تماما كما يُعدم الفقر حياة الحطابة الشّابة.

لم تختر روزان الفقر،
لكنها اختارت الخضوع وعدم التمرد.

اختارت أن تستيقظ كل يوم لتقطع الأخشاب طوال الأسبوع ثم تجمع حصيلة تعبها لسبعة أيام وتستقل عربة لحمل الحطب إلى القصر الملكي في غرب باريس وتبيعها للطباخ الملكي مقابل أجرٍ زهيد ثم تعود إلى كوخها الخشبي في قلب المدينة حيث يسكن ذويها.

وبما أنه اليوم الأخير من الأسبوع هي كانت تعمل بجد لتكمل عدد رُزم الحطب المطلوبة لتسلمه مساء اليوم.

استمرت في قطع الأخشاب لساعات عديدة، ثم أخيرًا بعد أن أنهت استقلت عربة لقصر فرساي و بِمساعدة السائق قامت بنقل كل الحطب السابق إلى العربة والتوجه إلى القصر الملكي.

كان الطريق طويلا، وطَواله كانت روزان تتأمل كل ما تمر عيناها عليه، تتفكر وتتذكر.

قدِمت إلى هذا العالم كفتاة من الطبقة الكادحة، لم تتلقى التعليم كسائر الشعب، كانت مجرد فتاة وهبها الرّب سنحةً حسنة.

لكنها كانت طموحة جدًا، لم تبع جسدها لتعيش ولم تتسول في الطُرقات إنما اختارت العمل بشرف، ولربما كان محصول ما تجنيه من بيع حطبها قليلا إلا أنه كانَ كافيًا ليجعلها تستمر في الحياة.

توقف السائق بعد أن وصلَ إلى وجهتهِ، إلتقى طبّاخ العائلة الملكية بروزان قرب جناح الخدم.

وبعد بُرهة من المفاوضات كانت الحطابة سببها، تنهد الطباخ وهو يقدم سُرة المال إلى روزان.

" خمسة وعشرون فرنكًا هي كل ما أملك، وهي كل ما يمكن للخزينة الملكية أن تقدمه. "

" أنا لن أقبل بهذا، في الأسبوع الماضي حصلت على ستين فرنكًا، مالذي طرأ الآن؟ "

اعترضت روزان مبدية كامل انزعاجها وعدم قبول، وما كان منه إلا أن تنهد ثانية قائلا؛

" أنتِ لا تفهمين، المملكة تمر بأسوء فترة في تاريخها حتى الخزينة لم تصل إلى هذا السوء من قبل، وإن لم تقبلي بهذا العرض فليس أمامي سوى البحث عن حطاب آخر لأبتاع منه. "

وضع الطباخ نقطة النهاية لهذا النقاش العقيم، فلم يكن من روزان أيضا إلا أن تقبل عرضه بيأسٍ بالغ.

يومها هي عادة إلى منزلها حزينة وقلقة، لم تعد المملكة قادرة على كفالة شعبها وهي تعلم ذلك منذُ وقت طويلا لكنها كانت تُكابر.

خائفة من الجوع ومن التشرد، فهذه الخمسة والعشرون فرنكًا بالكاد تُغطي نفقة ثلاث أيام، ماذا عن أيام الأسبوع الأربعة الباقية؟

في الوقت الذي كانت روزان تُعاني فيه، كان الشعب كله يُعاني لأن هذه الضائقة المالية قد طالت الجميع وليس العائلة الملكية فقط.

وقد كانت هذه النواة الأولى للثورة،
ولأن الجوع وليد الجهل.

كان لابد من نضال جديد،
وهذه المرّة ضد الوطن نفسه.

_

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 15, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Victime De La Révolutionحيث تعيش القصص. اكتشف الآن