تثائب بملل و هو يشتم داخلهُ ذاك الأستاذ و محاضرته ، يرغب فقط بترك القاعة و حسبو لكنه لا يستطيع الإمتحانات إقتربت بالفعل ، لذا هو فقط بداء بتدوين بعض الملاحظات الهامة ، رفع عينيه فجأة ليراها تقف بجانب الأستاذ
تارة تحدّق بالدرسِ بملل و عَدم فهمِ و تارَة تلتفُ داخلَ القاعةِ دونَ فعلِ شيءٍ مُحدد ، وجُودها وحدهُ يجعلهُ يَبتسم
همس لهُ صديقهُ قائلاً :
" هل المُحاضرة مُمتعة بالنسبةِ لكَ!؟ "
حدقَ بهِ و همسَ كاذباً :
" تذكرتُ شيئاً و حسب "
حدق به صديقهُ بشك ثُم إنتظرَ نهايةَ المحاضرة حتى يَستدرجهُ بالكلاَم
.
وضع كوبَ القهوَة على الطاولةِ ثم حدق به للحظات ، و نوا لم يهتمّ لنظراتهِ البته! ، هو فقط حاول قدر الإمكانِ تجنبَ النظرِ لفتاتهِ الآن!
" نُوا ، أخبرني الحقيقة! ، هل ما زلت تراها!؟ "
نظر له نُوا قليلا ثم قال:
" لا "
صديقه حدق به بهدوء ثم قال :
" قلتُ الحقيقة نوا ، أرجوك أخبرني هل أنت فعلا لا تراها؟! "
صمت نوا يحدق به للحظات ، و رُبما كان ليضعُف لولا أنه سمعها تقول :
" لا نُوا! "
توتر للحظات فكلاهما يحدقان بهِ ، وكل واحد منهما يطلب شيئاً مختلفا!
صديقهُ : " نُوا أنا هنا لأساعدك قل الحقيقة! "
فتاته : " لا تفعل نُوا ، لن أراك مجدداً "
صديقة : " هيا نُوا "
فتاته : " لا نُوا "
وقف فجأة ثم قال بصوت عالي :
" توقفا عن هذا! "
نهض صديقه و حدق به و قال :
" توقفا؟ ، إذا هذا صحيح ، ما زلت تراها! "
نظرت له هِي بإستياء ، أما هوَ فعاد خطوتين للوراء ثم ركض هارباً
صديقه صرخ مناديا إياه :
" لحظه إنتظر ! "
لكنه لم ينتظرهُ بل واصل الرَكض حتى وصل إلى منزله ، دخل غُرفته وهو يرتعش ، جلس بالزاوية على الأرض وهو يمسك رأسه بقوة!
" يُمكنني الشعُور بكِ ، أنا لستُ مجنوناً "
شَعر بيدينِ تحتضنهُ و جسَد ما يَجلس بجانبهِ ، فتح عينيه الدامعة و قال دون أن يتحرك :
" أنتِ هنا ، أنتِ بجانبي "
سمع صوت صديقه يقول بهدوء :
" كُلنا هنا نُوا "
رفع رأسه بهدوء ليرى صديقه و أمهُ و والده ، يحدقون به بإبتسامة هادئة :
" ما كان عليكَ الكذبُ علينا ، نحنُ نريد مصلحتك "
حدق بفتاته للحظات ليجدها تبتسم له بهدوء ، ثم قالت :
" إفعل ما يقولون لك ، و أنا أيضا أريد مصلحتك ، لطالما كنت أفعل ، جميعنا كذالك "
مسح دموعه و أدخل يده في جيبه يبحث عن دوائه ، أخذ حبتين في يده ثم نظر لها و لأسرته و صديقه ، أغمض عينيه و إبتلع الدواء ، مرت لحظات قصيرة جداً
حتى فتح عينيه من جديد ، وقف بهدوء هي ليست هنا
رحلت .
أمه و أبيه و صديقة ، ليسوا هنا
" أمي ، أبي "
آلتفت يبحث عنهما في كل مكان ، ليسا هنا ، لذا هو نادا على إثنين :
صديقهُ " مارت "
فتاتهُ " مِيا "
لكن لا أحد هنا ، المنزل فارغ إلا منه! ، مهجور بالكامل
خرج من المنزل يبحث عن الجميع ، لكن لا أحد هنا ، جيرانه ليس الجيران اللذي إعتاد عليهم ، ولا بائع البقالة العجوز اللذي يعزُه ، كل الناس يحدقون به بشفقة
سرعان ما تذكر كل شيء ، ذالك اليوم اللذي خسر فيه عائلته .
و اليوم اللذي خسر فيه صديقهُ المقرب .
و اليوم اللذي خسر فيه حبيبته .
نعم هو يتذكر الآن!
جميعهم رحلوا ، و ليس هنالك أحد سواه ، هو الأخير اللذي تبقى
هو الوحيد اللذي بقي منهم ، لم يكن هناك أحد معه!هو فقط .
- النهاية -
_____________
نُوا كان فتى لديه كل شيء ، عائلة ، منزل ، جامعة ، أصدقاء ، و رفيقة مثالية ، و لكن في ليلة ما إحترق منزله ، و ماتت كل عائلته ، لم تمر فترة قصيرة حتى توفى صديقه المقرب بحادث سير ، و بعد فترة قصيرة أيضاً ، ماتت صديقته وهي تعبر الجسر ، و قطع الحبل آن ذالك
و لم يتبقى له شيء سوى ذكراهم ، و أوهام لهم تلحق به في كل مكان .