المقدمة
يقف أمام مرآته يعدل ربطة عنقه وشعور السعادة يسيطر عليه بالكامل ..
إنتهى من تعديل ربطة عنقه ليحمل عطره المفضل ويرش الكثير منه قبل أن يتجه نحو السرير حيث يحمل سترته ويرتديها لينظر للمرة الأخيرة الى هندامه الأنيق والذي يليق به كونه العريس هذه الليلة ..
اليوم هو أهم أيام حياته حيث سيرتبط رسميا بحب عمره بعد سنوات من العشق والهيام ..
اليوم سيتوج عشقهما بخاتم خطبة يوثق كل لحظات حبهما الذي بدأ من الطفولة حيث كانت هي مجرد طفلة صغيرة جذبت إنتباهه بشعرها الأشقر الطويل وإبتسامتها الرائعة لتكبر أمامه تدريجيا ويكبر هو معها ويزداد هيامه به حتى اكتشف إن مشاعره متبادلة وإن عشقه لم يكن من طرف واحد بل كان عشقه متبادلا من طرفها أيضا فإجتمعت القلوب أخيرا بإخلاص وحب يتوج اليوم بعد سنين انتظار ...
سمع صوت طرقات على باب الغرفة يتبعها دخول والدته وهي تهتف بسعادة :-
" بني كل شيء جاهز والجميع ينتظركما .."
ثم تقدمت نحوه تتأمله بعينين فرحتين وهي تردد :-
" ماشاءالله يا بني .. ليحمي الله شبابك ووسامتك يا روح والدتك .."
مازحها بخفة :-
" لا تبالغي يا صباح هانم ..."
ثم انحنى نحوها مقبلا جبينها لتربت على كتفه بحنو وفرحة مرددة :-
" عروسك جاهزة يا بني ... اذهب إليها حتى تهبطان سويا الى الأسفل كي يبدأ الحفل .."
أغلق بعضا من أزرار سترته ثم اتجه نحو باقة الورد وحملها معه ليخرج من غرفته متجها إليها ..
..........................................................................
وقف أمامها يتأملها مقطوع الأنفاس من ذلك الجمال الخالص الذي كان وسيظل ملكا له وحده ..
بدأت عيناه تتأمل شعرها الطويل المصفف بعناية منسدلا على جانبي وجهها بخصلات شقراء مموجة رائعة ثم مقلتيها الفريدتين بذلك العسل الخالص الذي يملأهما ويشع بريقا يشبهها...
وجهها المنحوت بملامحه المرسومة بدقة خالصة تجعله لا يرى سواها وتلك الإبتسامة الخجولة المشوبة بفرحة خالصة ..
فستانها المميز بقماشة من الدانتيل الأبيض والذي يليق بشده على بشرتها ناصعة البياض ..
تقدم منها مأخوذا بذلك الجمال الأوروبي والملامح الثمينة مقدما لها باقة زهور التوليب التي تعشقها بشدة ..
حملت الباقة وهي تمنحه إبتسامة رقيقة وصوتها يخرج مبحوحا :-
" شكرا ..."
ابتسم بهدوء عاشق ربح جائزة عشقه أخيرا ليهتف وعيناه تتأملان وجهها الصبوح بشغف :-
" لو تعلمين مدى سعادتي اليوم .. "
قاطعته بصوت شاعري :-
" ليس بمقدار سعادتي يا نديم .."
ثم أردفت وهي تقبض على كفه بينما كفها الأخرى ممسكة بالزهور خاصتها :-
" ألن تقول شيئا عن إطلالتي اليوم ..؟!"
عاد يتأملها بنفس الشغف لينطق لسانه بما يعتمل داخل قلبه :-
" الليل ياليلى يعاتبني ... ويقول لي سلم على ليلى
الحب لاتحلو نسائمه ... إلا إذا غنى الهوى ليلى "ثم عاد يكرر وإبتسامتها تتسع والدموع تترقرق داخل عينيها :-
" الحب لاتحلو نسائمه ... إلا إذا غنى الهوى"
" أحبك .."
وتلك الكلمة كانت جوابا كافيا ليرد عليها بقبلة طويلة يبثها من خلاله عشقه وشغفه ..
....................................................................
وقف عمار أمام النافذة يتأمل الشوارع المظلمة بأنوارها الخافتة بملامح جامدة لا يتحرك بها شيئا ..
شعر بيد تلمس كتفه بينما صاحبتها تسأل :-
" ألن تذهب الى خطبة شقيقك يا عمار ...؟!"
إلتفتت نحوها بعينين إشتعل بهما وميضا ناريا يعبر عما يدور داخله .. وميضا سرعان ما اختفى وهو يرد :-
" سأذهب بالطبع .. هل يعقل ألا أحضر خطبة أخي الوحيد ..؟!"
خرجت جملته الأخيرة بتهكم أدركته فزفرت نفسها وهي تخبره :-
" أنت لن تفتعل أي مشكلة هناك .. أليس كذلك ..؟!"
رمقها بنظرات حادة جعلتها تشعر بالرهبة لتسمعه يقول بحزم :-
" لست ذو عقلٍ صغير لأقوم بشيء كهذا .."
ثم تركها واتجه نحو غرفته ليرتدي ملابس مناسبة للذهاب الى ذلك الحفل وفي داخله رغبة عميقه بعدم الذهاب إلا إنه مضطر لذلك ..
.......................................................................
في منتصف الحديقة التي يقام بها الحفل ..
كان نديم يقف وذراعه تحيط بليلى يستقبلان التهاني من الموجودين بحبور بالغ ..
تقدم شاب وسيم الطلعة منهما يردد ببهجة صادقة :-
" مبارك لكما الخطبة أحبائي .."
ضحك نديم رابتا على ذراعه وهو يرد :-
" شكرا يا أكرم .. العقبى لك ..."
" اللهم آمين .."
قالها أكرم وهو ينظر بعينيه إتجاه مريم أخت ليلى الصغرى التي تقف بجانب إحدى ضيفات الحفل ليغمز له نديم بخفة فيهمس له أكرم :-
" العقبى لي وأصبح صهرا لك .."
آمن نديم على دعائه بينما استأذن أكرم متجها نحو مجموعة من رفاقه لتتقدم مريم بعد مدة منهما وهي تسألها بسرور :-
" هل تحتاجان شيئا ما ..؟!"
ثم أكملت بسعادة وحب :-
" تبدوان قمة في الروعة والجمال ..."
توقفت عن حديثها وهي تنتبه الى إختفاء إبتسامة نديم وتوتر ملامح ليلى لتلتفت نحو الخلف فتجد عمار يقترب منهما وهو يرسم على وجهه إبتسامة وديعة ...
نظرت إليه وهو يمد يده نحو أخيه الأصغر مرددا :-
" مبارك لك الخطبة يا نديم ..."
رد نديم وهو يلتقط كفه بصلابة :-
" شكرا يا عمار .. العقبى لك .."
" مبارك لكِ أيضا عزيزتي ليلى ..."
قالها بنفس الدماثة لتبتسم ليلى وهي تجيبه برقة :-
" شكرا يا عمار .. العقبى لك ان شاءالله .."
ابتسم بعدم اكتراث قبل أن ينظر نحو مريم ويحييها بتكلف ثم ينسحب متجها الى احد أركان الحفلة متأملا الجميع بجمود قبل أن تتقدم نحوه أخته الصغرى غالية بسعادة فيمنحها إبتسامة مشدودة بينما تحتضنه هي بحب فيحيط جسدها بذراعيه بصعوبة لتبتعد عنه بعد لحظات وهي تسأله عن أحواله بإهتمام صادق
........................................................................
أنت تقرأ
حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الاول من سلسلة ضباب الروح )
Romanceهو رجل يشبه الظلام .. رجل طعنه القدر بقسوة ولم يتبقَ منه سوى بقايا روح ترفض الحياة .. أما هي لم تدرك شيئا سوى إنها تعشقه بجنون إمرأة ولدت بقلب ينبض لرجل واحد .. وأخرى أتت وإخترقت حياته المظلمة بالصدفة البحته .. بقلب نقي بريء وروح لا ترغب بشيء سوى ال...