I N T R O

798 38 32
                                    

كُنتُ أجلس فِي الحَديقة المَدرسِية تَحت أحدى الأشجَار الكَبيرَة أحتمِي بـ أغصَانها مِن ضَوء الشَمس القَويّ بَينما آكل مَا أشتريت مِن طَعام قَبل ثُوانٍ لَيست بـ طَويلة ، لَم يَكُن هُناكَ العَدِيد مِن الطُلاب فَقط بَعض الأحبّاء يَتشاركون القُبل و يَطعمون بَعضهم أنَا أشعر بـ الرَاحة بـ وِحدتيّ ، أحب هَذا الوَضع ؛ لَن يَفهمني أحد سُوى الظُلمات ..

قَاطع تَفكيِري بـ أحسَاسيّ أنّ أحدًا مَا يَنظُر لِيّ ، رَفعت رَأسي و رَأيتُ ذَلكَ الفَتى .. أبن المُدير لـ هَذهِ الثَانوية ، أنزلتُ نَظريّ مُتحَاشياً النَظر لَهُ ، أسَتطِيع سَماع صَوتَ حِذائهُ يَضرب الأعشاب التِي فِي الأرض ، أنَا آسف أيتَّها المِسكينة ؛ لا يَستحقون المَشي عَليكِ ..

وَضعتُ رَغيفاً مِن الخُبز في فمَيِّ بَعدمَا قَطعتهُ بـ أنَامل أصابعيّ ، لَا أعلم سَبب أرتجَاف أطرَافيّ .. رُبما لأنهُ مُتنمر ؟ و لأنهُ أضعَاف حَجميّ ؟ أو لأننّي جَبانٌ فَقط ..

وَقفَ أمَاميّ بـ تِلكَ الحَركَة السَاخِطَة التِي يَضع يَدِيهُ عَلى خَصرهُ و يُفرقِع العِلكَة التِي فِي فَمهُ ، أنَا أكرههُ ، أنخَفضَ لـ مُستوايّ جَالسًا كـ القُرفصاء و أبتسَامة لَعينة عَلى شَفتيهِ ، إلهيّ كم أردتُ لَكمهُ بـ أقُوى مَا لَديّ ..

– هَذا المَكان يَخُصنّي

رَفعت رَأسيّ جَاعلاً مِن أعيُننا تتلَاقى ، تَمردت أحدى حَاجبي لـ يَرتفع بـ رُعونة بَينما لَعقتُ شَفتيّ بـ سُخرية ، حَتى هَربت قَهقه سَاخرة دُون شُعوريّ ، هُو عَقد حَاجبيهِ بـ عَدم رِضى مع إفتراق شفتيهِ بِـ خفة عِندما أردفتُ بـ أهدأ صَوتٌ لَديّ ..

– أنَا لَا أرى أسمُكَ هنا ؟

– يَبدو أنكَ نَسيتَ مَع من تَتحدث صَغيري ؟

أقسم أننّي أستَطيع أنَّ أرى الشرارة و نيِران تنبعث مِن عَينيهِ بَينما أضحى وَجههُ أحمرٌ مِن شِدَة غَضبهُ. لو كانت النَظرات تَقتُل لَكنُتُ مِيتًا مُنذُ الأزل ، لَكن أنا سَوفَ أتحَمل لَقاطة لِسانيّ هَذهِ المَرة ..

يَدهُ تَمردت و سَحبتنيّ مِن قَميصيّ جَاعلاً مِنيّ أقف عَلى أطراف قَدمَايّ التِي كَانت تَرتجف للحق. سَقطت الشطِيرة التي كَانت فِي أحضَانيّ و أتسّخت بـ قَذارة الأرض .. اللعنة

– أ_أبتعد عـ عني !

– أرِيد قَتلكَ لَكنيّ مَازلتُ صَغيرٌ عَلى دُخول السِجن مِن أجلِ شَخصٌ لا يَستحق البَتة !

أعلنَ بـ صَوتهُ الأجش و هُو يُصوب نَظَرهُ عَلى عَينيّ ، و ثَّاني شَيءٌ أدركتهُ هُو أنَّ هَذا الوَغد دَفعنيّ بـ قُوَة لـ دَرجَة أنَّ رَأسيّ أرتَطمَّ فِي الشَجرَة و أحدَى أغصَانها الحَاقِدة نَبتّت فِي رَأسيّ و الآخرَى فِي ظَهريّ ..

تَجمدتُ قَليلاً للإلم الذِي أجتَاحَ جَسديِّ ، كَشرت مَلامِحي بـ تَألم بَينما حَاولتُ أبعَاد الغُصن عَن رأسيّ ، و عِندما فَعلت سَمحت لـ ظَهريّ بـ الأنزلاق .. الرَحمَّة

أشعُر بـ ذَلكَ السَائل الأحمّر يَخرج مِن رأسيّ و يُلطخ خُصل شَعري الأسْود ، أغمَضتُ عَينايّ و فَجأة التَنفُس أصبَحَ صَعباً ، قَلبيّ يَطرُق بـ بُقوَة ضِدَّ أضلاَعيّ و كـ أنهُ يُطَالب بـ الهَرب بَعيداً ، لَن ألقِي اللَّومَ عَليهِ ؛ فـ أنَا أيضاً أُرِيدُ الهَرب بَعيداً عَن هَذا العَالم البَائس ..

– تَستحقُ هَذا ، فَقط مُت أيُّها العَفن الأرعن

تَلى هَذهِ الكَلمات القَاسِية عَليّ و ذَهب ، بـ كلِّ دَمٌ بَاردة .. ألا يَخاف أنَّ مُت ؟ كَيفَ يَنام الليّلَ هَذا ؟ الأ يُعذبهُ ضَميرهُ ، أظُنَّ أنَّ ضَميرهُ قَد شَعر بـ الملّل و هَجرهُ ..

أشعُر و كـ أنَّ أطرَافيّ مشلولّة لا أستَطيع تَحريكُ جَسديِّ ، هَذا مؤلِم. لَم يُساعدنِيّ أحَدٌ مِن الذين كانوا هنا بل أنسحبوا بَعيداً عَنيّ ؛ لا بأس المَوت أرحمٌ لِيّ مِن العَيش مَع بَشرٌ يَرتدون قِناع الأنسَانِية و المَحبة ..

أبليس يَقف و يُصفق لَكم يا اللهيّ تَهانينا تفَوقتم عَليهِ بـ مَراحل ! فَرقتُ شَفتيّ و أعدتُ رَأسيّ للخَلف ، أخرج أنَات تُعبر عَن مَدى ألميّ ، الألم الذِي عَانق جَسديِّ و كـ أنهُ يَأبى فَصل هَذا العِنَاق المُؤلم الذِي يَجعل مِن رُوحيّ تَنزف دَمٍ ..

هُم دَائماً يُعاملون ذَلكَ الحَقير و كـ أنهُ مَلاكٌ نَازلٌ مِن السَماء و هُو أبليس نَفسهُ و قَد زَحف مِن الجَحيم إلى هُنا ، أنَا مُؤمن أنهُ سَوفَ يُعاقب عَلى الذِي فَعلهُ حَتى و لو بَعد ثّلاث مِئة عَامٍ ..

أنَا فَقط سَوفَ أرقَب كيفَ سـ تتّسَاقَط أجسَادَهُم مِن المُنحَدر للهَاوِية ، أطُوقُ لـ سَماع صَرخَاتُهم و هُم يَطلبون النَجدة لَكن لَن يُسَاعدُهم أحدٌ ، سَوفَ يَتُوَسلون لَكِن مَا مِن مُستَجِيب ، فلتَحُل عَلِيهم اللعنَة ، هَذا كَانَ آخِر شَيءٌ فَكرتُ بِهِ قَبل أنَّ تَحتِضننّي الظُلمات إلى حِجرها ..

أنترو بسيط للقصة ~

coincidence ⨾ minchanحيث تعيش القصص. اكتشف الآن