الفَصلُ الثّالث | كشّاف الرَّب (المَوت) يَموت.

64 8 5
                                    

| ليس هناك أية قيود على عقولنا ؛
إلا تلك التي نعترف بوجودها. |
-نابليون هيل.

𓏸𓏸𓏸

لَم تكُن تتَذكر وجهَ أبيهَا ، لَرُبّما لمحاتٍ فقَط ، القليلُ مِن الذكرياتِ ، رؤيةٌ مشوَّشَة ، لَرُبما تقاسيَمُ ملامحَه عندمَا بيتسمُ لها فقَط ، القليلُ مِن رائِحته ، أو الشُعور بيديَه عندمَا يحمِلها ، لَربّما ترددّات بعيدَة مِن صوتِه ، أو أصبعهُ الخُنصر ويدُها الصغيرَة تتمسَك به..

كانَ أي منظَر أبويّ يحدثُ أمامَها قَد يُحرّك شاعِريتُها ، يجعلَها تترَكّز في الشُرود ، قضمِ جانبِ خدّها أيضًا ، وإبتسامَة لا يُمكن لأي أحدًا فِهمها ، وتنهيدَة قد تُعبر عن كُل شيء.

كانَ ويليام ستالون الأبُ العظَيم -الذي لا تتذكرَهُ آوريوس جيدًا- يُحبُ كونهُ والدٌ لصغيرةٍ تُشبهُ آوريوس ، خاصةً لو إنها كانَت نتيجَةٍ لِحُبٍ قَد أثقلَ كاهلِه ، فهيّ قَد جاءَت بعدَ مشقةٍ تعويضًا عَن أيامِ التَعب ، حيثمَا كان يُناديها "ثمرَة الحُبّ" أو "ثمرَة حُبّي" قد أحبّ كونهُ سيتوَلى مسؤوليّة "الأبوّة" مع آوريوس.

ولكِن.. ومع عدمَ التعَمّق بِمدى فسادِ الحياةِ وتلاعُبها ، فأنّ الموَت أسرعَ تلبيةً لِندائها.. توفيّ ويليام بعدَ خمسِ سنواتٍ مِن ولادِتها ، تارِكًا إياها تعيشُ بقيةِ سنينِ عُمرها تُجابِه الأيامُ بِسكوتٍ مطبّق ، وإن كان كُل شيء يستدعيّ الكلام ..

-«آمل بأنّها لَم تُتعبَكِ آنسة ستالون؟.»
كانَت أمامَ البابَ الرئيسيّ مع صديقِ شون وأبنتهُ الصغيرَة ، التي تُقدمُ لَها دروسًا في العُلوم ، تضعُ وشاحًا أسوَد ثقيلاً على كتفيها تُحتضُن ساعدَيها لِصدرِها ، أبتسمَت بِلطفٍ وهدوء تضعُ كفّ يدِها على رأس أبنتِه .

-«على العَكس ، أبنتَك خيرُ تلميَذة!.»
ضحكَ بِفخرٍ يقرصُ خدَينَ الطفلَة التي خجلَت تُخبّئ وجهها بِكفيّها الصغيريَن ، نظرَت لهُم آوريوس مطوّلاً وإبتسامتُها لَم تُزل قَط.

-«حسنًا ولكن يؤسفُني أخبارَك بأنّي على وشَكِ السّفر غدًا صباحًا ، ستنقطعُ عنَكِ لِأيامٍ قليلَة حتى عودَتي..»
رَفعت حاجبيَها بأستياء ، فهذهِ الصغيرَة تُضيفُ أشياءً لطالَما أفتقدَتها لأيامِها ، لا تأتِ يوميًا أو بشكلٍ متواصِل ، لكنّ يكَفيَها رؤيتها والإنسجامُ معها لوَقتٍ طويل..

-«لا بأسَ بِذلك ، سأنتظِرُكِ يا حُلوة.»
نبَست لهُ بِهدوء وملامحٍ مُتفهّمة ، ثُم نزلَت بأنظارِها تردفُ للصغيرَة تومئ لها بِأبتسامَة ، تنهّد الآخر يمسكُ يدَ أبنتهُ جاهزًا للرَحيل.

-«إذن ، نراكِ في ميقاتِ حفلِكم سالتون ، وداعًا.»
أردفَ يستأذِنها للرَحيل لِتهزّ رأسها تودّعه ونظراتِ الإستفهامِ باديَةً على عينيَها ، فأيّ حفلَة تفوّه بِها ، أغلقَت البَاب تُنادي أحد الخدَم لِيُرافقَ السيّد عندَ الخروج.

القطعة الذهبية || Aureus حيث تعيش القصص. اكتشف الآن