تجري السفينة عكس جريان المياه، تتراطم أمواج البحر بكل قساوة، وكأن بينها شجار حاد تكون الموجة الأقوى تلك التي تضرب السفينة وباقي الأمواج بقسوة أكبر.
تحارب السفينة تلك الأمواج لتتقدم للأمام بكل هيبة، على متنها أولئك الثائرين الذين أقسموا على معرفة سرّ موت قائدهم، تدور في أذهانهم التساؤلات، كمَن قتل الكابتن دانييل، ولما قتله، وكيف ستكون ردة فعل عائلته؟ بالتأكيد ستكون ردة فعلهم عنيفة؛ فهم عائلة عريقة يزيع سيطها في أرجاء دولة المكسيك والخليج المكسيكي كله..
بدأت العاصفة تشتدّ أكثر، والأمواج ترتفع بقوة، وركبان السفينة زعزع الفزع قلوبهم، كل واحدٍ منهم يحاول أن ينقِذّ ما يُنقَذ قبل سقوطه بالبحر، والسفينة تتأرجع مع الموج يمنة ويسرة.
صاح قائد الدفة بفزع بعد رؤيته للعاصفة تقترب منهم بكل قوة: «نحن هالكون لا محالة!» انتفض أحد البحارة _والذي يُدعى«ديڤيد»_ من مكانه، كان أشدّ البحارة قوةً في البنية، وأخفهم في الحركة، طويل الساقين بإمكانه السباحة لوقت طويل.
قام من مكانه وأخذ يخطو نحو غرفة الكابتن يتخبط في كل ما يقابله، يحاول الوصول للغرفة بأسرع ما يمكن ليحصل على تلك الرسالة التي خطّها دانييل قبل لفظه لآخر أنفاسه، أخذ كيسًا مصنوعًا من الجلد كان ملقًا على المكتب وجمّع فيه كل ما قابله على سطح طاولة المكتب، قشور البرتقال، الريشة التي استخدمها دانييل في الكتابة، وتلك الرسالة التي خَطَّ الكابتن حروفها بخَطٍّ مهزوز.
خرج من الغرفة ثم قال بصوتٍ عالٍ وبسرعةٍ وهو يربط الكيس على بطنة بين ملابسه بإحكام: «لنْ أستسلم لربما يحالفني الحظُّ وأستطيع الوصول لشاطئ الميناء، يجب أن أوصل الرسالة لأي أحد من أهل القرية التي على الشاطئ؛ الجميع هناك يعرف الملك».
ردٌ عليه أحد البحارة وهو يفُكُّ حبال قارب النجاة: «هيا إذًا أسرع يا ديڤيد، وخذ قارب النجاة فإذا حطمته العاصفة ابدأ في السباحة بكل ما أوتيت من قوة»، قال آخر بتشجيع وهو يساعد صاحبه في إلقاء القارب في الماء: «أنت أقوانا يا ديڤيد، قائدنا لطالما اعتمد عليك» صاح البقية: «تستطيع فعلها يا ديڤيد، كلنا نعتمد عليك».
قفز ديڤيد لسطح القارب بسرعة وأخذ يُقاوم الريح بمجدافيه، هو يعلم أنه لن ينجو والآخرين كذلك لا يعتقد بأن أحدهم سينجوا فخليج المكسيك من أخطر البُقع في المحيط الأطلسي كله، لكنه فقط يريد أن يحاول، أن لا يضيع ثقة قائده دانييل فيه طوال تلك السنين، لا يريد أن يخسر ثقة أصدقائه البحارة به بعدما سمع كل هذا التشجيع منهم.
حطمت العاصفة السفينة تزامنًا مع انطلاق قارب ديڤيد؛ مما أعطى دفعة قوية لقارب ديڤيد للابتعاد عن حطام السفينة.
قفز البحارة كلهم في البحر في محاولة أخيرة منهم للنجاة، مات منهم من مات فور سقوطه، ومنهم من تشبث بحطام السفينة مستندًا عليه، ومنهم من أخذه الموج إلى حيث لا ندري!
أمّا عن صديقنا ديڤيد فقد هاجمته العاصفة وحطمت مركبه لكنه لازال على قيد الحياة فحبس أنفاسه ونزل لتحت الماء لتفادي العاصفة، ثم ظلّ يعوم ويقاوم حتى ابتعدت العاصفة عن منطقته، ووجد لوحًا خشبيًا فتشبث به وضعًا زراعيه فوقه.
...............
![](https://img.wattpad.com/cover/344278059-288-k275782.jpg)
أنت تقرأ
حقل الموت||Field of death||
Horreurبرتقالٌ بطعمِ الموتِ. هل تساءلت يومًا ماذا يوجد في تلكَ الأماكن المقطوعة كالجُزرِ المُتفرِّقة في المحيطاتِ مثلًا؟ أجرجركَ فضولكَ وروح المغامرةِ بداخلكَ مرةً لخوضِ رحلةٍ تعرف أنك لن تعود منها؟ أتحب البحر وتحلم لو تكون قرصانًا يجول بسفينته البِحار؟ إذ...