٢.

55 8 31
                                    


اسْتَيقَظْتُ مُتَأخِّرًا بِسَبَب سَهَرِي كَالعَادَة، وَلَم أجِد رُوحًا وَاحِدَة تَسْكُن مَنزِلِي، تَذَكَّرتُ أنَّ أفْرَادَ أسرَتِي ذَهَبُوا بِزِيَارَة لِخَالَة وَالِدَتِي بِمَدِينَة أخْرَى، إِنْ فَكَّرتُ فِي الأَمرِ مُجَدَّدًا فَهَذِه الزِّيَارَة بِمَثَابَة رِحلَة تَرفِيهِيَّة لَا أكْثَر؛ لِأَن هَؤلَاء الأقَارِب يَمْلِكُون بَسَاتِينَ فَاكِهَة عَدِيدَة وَمَرَافِق جَيِّدَة تُرضِي رَغَبَات إخْوَتِي وَأيًّا مِن أبْنَاء خِيلَانِي الذِينَ مَعَهُم.

تَرَكُونِي أدْرُس لاختِبَارَاتِي النِّهَائِيَّة وَذَهَبُوا للاسْتِمْتَاعِ بِوَقتِهِم دُونِي... أوْغَاد.

حَجَزتُ مَوعِدًا لَدَى طَبِيبِ الأذُن، مَرَّ مَا يُقَارِب الأسْبُوع وَأذُنِي اليُمْنَى عَاطِلَة عَن عَمَلِها، وَبَدأتُ أنزَعِجُ أكثَرَ عِندَ رُؤيَة أحَدٍ يُحَادِثُنِي عَلَى بُعدِ أمتَارٍ قَلِيلَة فَقَط ولَا ألْتَقِطُ كَلِمَاتِه إلَّا بِصُعُوبة، وكذَلِكَ حِين يسِيرُون بِجَانِبِي وَلَا أسْمَعُ غَيرَ صَوتٍ بَعِيد مُشَتَّت.

«أجَل، فَهِمْت. سَأمُرُّ عَلَيكَ، أَوْ تَعَالَ أنْتَ، أيُّهُمَا أقْرَب.»

أنْهَيتُ المُكَالَمَة مَع مَالِك الذِي هُوَ ابْنُ خَالِي وَيَصْغَرُنِي بِأرْبَعِ سَنَوَات، هُوَ مَن أرْسَل لِي رَقْمَ الطَّبِيبِ مِن وَالِدِه صَبَاحَ اليَوْم وَطَلَبتُ مِنهُ مُرَافَقَتِي تَحَسُّبًا.

تَفَقَّدتُ الغَازَ مُجَدَّدًا عَلَّ وَعَسَى أنْ يَعْمَل بِمُعجِزَة مَا لَكِن بِالطَّبعِ لَم يَفْعَل، لَا أفْهَم كَيْف لِأمِّي أَلَّا تُنَبِّهَنِي عَلَى الأَقَل بِنَفَاذِ رَصِيدِه، أحْتَاجُ الآنَ شَحْنَه مِن مَكَان مَا.

«اذْهَب لِمَنزِل جَدِّك، زَوجَة خَالِك هُنَاك، عَلَّهَا قَامَت بِطَهْوِ مَا تُحِب.»

رَائِع، إنَّ وَالِدَتِي جَادَّة بِتَنَاوُل الغَدَاء لَدَى مَنْزِل جَدِّي لَكِن تَرفُضُ أنْ أدْعُوَ مَالِك إلَى الطَّعَام، سَنَرَى مَا طَهَتْهُ أمُّ سَامِي هُنَاكَ بِكُلِّ الأحْوَال.

فَورَ خُرُوجِي مِن عَتَبَة البَوَّابَة رَأيْتُ مَالِكَ يَستَعِدُّ لِرَنِّ الجَرَس.

«اتَّصَلتُ بِكَ مَرَّتَين الآن، لِمَا لَم تُجِب؟!»

«هَاتِفِي مُخْتَرَق مِن قِبَل أحَدِهِم لِذَا أزَلتُ الخَطَّ مِنه.»

«وكَيْفَ تَحَدَّثْنَا مُنذُ سَاعَة؟»

«لِذَا وَضَعْتُ خَطِّي بِالجِهَاز اللَّوحِيِّ حَتَّى أسْتَقْبِلَ الاتِّصَالَات.»

ارْتَفَعَ حَاجِبُ مَالِك بَعْد أنْ أكْمَلْتُ تَفْسِيرَ سَبَبِي مُتَجَاهِلًا سُؤَالَه.
«لَم تُجِب بَعْدُ لِمَا لَم تَرُدَّ.»

عَبَث.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن