5

6 1 0
                                    

الفصل الخامس


هُناك خياراً اسوداً في كُل قلب، يُشكل غصةً هاهُناك في مُنتصف الصميم يستهلك راحة الضمير ويستلذ بعذابه، ولو عادت بنا الايام لما سلكنا له طريقاً وما اخترناه، فماذا لو .. ماذا لو لبىٰ في تِلك الليله نِداء جنّه المُستجنده بطريقةٍ أُخرىٰ واصوب، لربما ماكان رِضا ناصر عسيراً الىٰ مالاحد له!

:لو ماتقدم ولا تأخر ياسند، كلشي كان مكتوب ومُقرر انت ليه مخلي الندم يآكل بروحك هالكِثر؟

اتكىٰ برأسه علىٰ جُذع الشجره ورفع عينيه نحو الاغصان الكثيفه اعلاه تبدو كزخارفٍ تُزين البدر المُكتمل في مُنتصف السماء الصافيه، لطالما شعر بالانتماء لهذه الارض المملوكه لصديقه الوحيد تركي، تنهد ونبّس بعد ثوانٍ صامته :مُكتئب، مُنعزل، يبكيني الشوق كُل ليله ثم يجي النهار يداري سواة الليل وارجع لصمتي، لو مر كُل عُمري علىٰ هالحال انا راضي، هذي جنّه وهذا حُبها انا راضي، لكن ليث ياتركي .. انا وين اودي هالقلب من فقد ليث وهو راح بسببي؟

زفر تركي واعتدل بجلوسه مُتربعاً يصُب من دلة القهوه في الفناجيل وبينما هو يفعل ذلك هتف قائلاً :نفس وضعك اللي قبل ١٨ عام، لاتسمح لنفسك تنهار نفس ذيك المره، انت ماتسببت بموت ليث بالعكس ليث الله يرحمه ويغفر خطاياه تهور يوم راح هناك شي واضح ان السالفه كُل ابوها خُرافه مالها اساس من الصحه وش راح يدور بالضبط!
مد لسند فِنجال القهوه واردف هاتفاً :خذ تقهو واستهدي بالله، رب العالمين كفيل بانه يرقع هالقلب

دقائق مرت في ظِل صمت سند، وحوقلة تُركي وإستغفاره بين الفينه والاخرىٰ، لم يُضيف قولاً مُحاولاً بذلك احترام مساحة سند وكونه لايهرع الىٰ ارضه الا هُروباً من ظَلام رُغم ان الظلام يكمُن في صدره، اقتطع سند ذاته الصمت نابساً :ناصر ما اخطأ، انا اللي لازم اطفي هالنار قبل تاخذ مني احد ثاني

وضع تركي فنجاله ارضاً والتفت لسند، استغفر ثم هتف مُحاولاً بث قناعه بعكس ذلك في نفسه :شلون راح تطفيها؟، اي نعم كان زمان في جنيه تعشقك وعجز عنها كم شيخ، صار اللي صار والحين صارت ١٨ سنه ماشفتها، ماظهرت لك ما آذتك ولاجاتك لابحلم ولا بعلم، هذا وش يعني ياسند، مايعني انها راحت عنك خلاص؟

فتح سند فاهه راغباً بالتعليق او رُبما الاعتراض فقاطعه تركي رادفاً يُجيب مجازاً علىٰ مالم يقُله سند :الشركه مسكونه وذا شي طبيعي، صار لها عُمر مهجوره وش تتوقعون يعني، كان في راسك هالسالفه وتبي تتأكد لاتروح الشركه، رحلك عند شيخ وتعالج بكتاب الله لو تلف هالكون كله ماراح تلاقي شي يطفي هالنار غيره، خذها مني وانا اخوك
ربت علىٰ فخذ سند في نهاية كلامه وماواجه منه الا الصمت، يعلم يقيناً ان سند ابعد مايكون عن الواقع ورُبما هو مُغيباً في وحل الصدمات كغريق لايتخبط يرجو خلاصاً بل يبذُل جُهده للحُظي بالمزيد من الغرق والهلاك



انهم يحبونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن