« توجد فلسفة و حِكمة داخل زجاجة نبيذ أكثر مما توجد في جميع الكُتب »
________________________________
خطى مترنحة ، ملابس سوداء بسروال ذو جيوب جانبية بلون رمادي داكن و قميص بنفس اللون بلا أكمام يلتف حول إنحناءات جسدها مبرزا فِتنتها..
تنقلت بين درجات السلم من واحدة إلى أخرى تُحرك جسدها على إيقاع الأغنية الصاخبة الصادرة من السماعات داخل أذنيها ، تمايلت بسلاسة و ليونة تشاهد إنعكاس ظِلها على الجدار أمامها ، كانت ترفع يديها عاليًا لتُداعب الفراغ بهما تارةً و تنزل بجذعها تارةً أخرى.
وصلت إلى الطابق الأخير لتقابلها تلك النافذة الضخمة التي كانت المصدر الوحيد للضوء هنا ، نافذة دائرية توسطت حائط الكنيسة في الأعلى لتُظهر من خلالها الجرس النحاسي الضخم ..
أجل فالموسيقى الصاخبة هذه قد خرجت من سماعات داخل جدران الكنيسة ، أغنية كانت كلماتها عن الثِقة المُطلقة و عدم شعور صاحبتها بالعار من أي أمر قد تُقدم على فعله..
مررت يدها على المِطرقة داخل الناقوس المُعلق بالحبال الغليظة من فوق متخطيةً بأقدامها الحبل الموصول به و بالأرضية الخشبية أسفلها والذي يساعد أثناء جره لاحقًا في قرعِ الجرس ، لطالما كانت النَواقيس تُقرع لأسباب عِدة كإيذانًا بحلول الصلاة و نداء الناس بقداس جماعي أو الزواج والجنائز لتُسمع خارج المبنى ..
حتى كان يُعتقد في التقاليد المسيحية قديمًا أن صوت نواقيس الكنيسة قد يَطرد العفاريت.
لكن الآن و لأن الليل قد لاح غياهبه و الوقت قد تعدى السادسة مساءً فقد رُبط حبله بالأرض إلى حين طلوع فجرٍ جديد ، تاركين العفاريت أمثال توفانا تتجول بحرية داخل الأماكن المُقدسة..
تغيرت الأغنية لأخرى كانت بدايتها شتيمة خرجت حروفها تتردد في فراغ العِليّة ، لعنت في سرها و حملت هاتفها لتغييرها لأخرى أخلاقية أكثر ..بينما لازلت تُحرك أطرافها بعشوائية رغم الهدوء الذي كان يغزو الجو ، لكنها شعرت بالملل كونها إعتادت على حياة الصخب و الليالي الماجنة داخل الملاهي..
رفعت بصرها نحو الجرس ذو اللون النحاسيّ بجانبها و تأملت الصليب الذي توسطه ، ثم و بهدوء شديد أغمضت أعينها و بيدها اليمنى وضعت أطراف أصابعها على جبينها إلى منتصف صدرها ثم كتفيها كإشارة الصليب .. هامسةً داخلها هاليلويا توازيا مع إنتشار صوت الأغنية بنفس الإسم تمجيدًا للرب.
إبتسمت و كأنها بهذا قد طهرت نفسها من الخطايا و إغتسلت بالماء المقدس داخل طقس المعمودية ، يكاد المرء يُجزم أنها لم تُعمّد كأي مولودٍ مسيحي قد غُرِق جسده تحت المياه ليُخلص من الآثام الأبدية... آثام آدم و حواء ، تحت مُسمى أن الخطيئة توَرث .
أنت تقرأ
Protagonist | بطل الرواية
Romanceلم أكن يومًا فتاةً تمتلك نظرة عادية ..لطالما آمنت بفكرة أن العالم أكبر مما نتخيل وأن داخل كل شخص فينا عالم آخر.. كأننا مجرات متحركة كل منا له قصة بشخصياتها و حبكتها الرومنسية أو التراجيدية ، كل واحد منا بطل روايته الخاصة. لكنني وحدي التي لم تكن بطلة...