اقتباس اليوم: «لا تثق بشخص يهرب كلما وقعت في مشكلة»
~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~°~
قضيت عدة أشهر في زنانين مافروس ليكوس الموحشة بروائحها العفنة، دون أن أسمع شيئًا غير عزف الرياح المرعب المتسلل عبر النوافذ الصغيرة، التي تغلق أثناء الأيام الصحوة، الخالية من العواصف.
حاولت -مذ استحققت حريتي- نسيان أيام حجزي تلك، لكنّ العالم الخارجي لم يقل قسوة عنها، لم يقدر أي شيء استبدال تلك الذكريات، فها هي الآن تسيطر عليّ مذ أجلستني تلك الطفلة في أحد الفصول الدراسية تحت الأرض، حيث فسرت ذلك بأننا سنتعلم من الصفر، كأني لا أعرف أنها تقصدني وحدي.
راقبت موضع الباب سابقًا، الذي تلاشى فور جلوسنا على مقعدين متقابلين من المقاعد الأربعة المحيطة بالطاولة الخشبية الدائرية، حيث تتوسط الحجرة بجدرانها السوداء بتفاصيلها المذهّبة، كأنها ألواح تعليمية معلقة.
بسطت الطفلة كفّها على الطاولة فظهر مجسم غريب الشكل أمامنا، يبدو كسيف وثمانية أجنحة، أربعة على كل جانب ويجمعهم مثلث، تزامنًا مع صوت لامرأة ما تقول: أهلًا بكِ تالا، كيف يمكنني مساعدتك اليوم؟
أجابت الطفلة دون تفكير: أريد ملخصًا لدروس علم الحضارة من فضلك.
لم تجب، بل تغيرت تفاصيل الجدران وألوانها حتى عكست مشهدًا لكوكب ما مقربة إياه عارضة تضاريسه وبحاره.
«كوكب التايتينيا، حيث تواجدت إمبراطورية عظيمة بخيراتها الهائلة، وثرائها الفاحش حتى نُسي معنى الفقر، ومن إنجازاتهم المميزة إعداد التقويم والرياضيات وعلم الفلك والهندسة المعمارية.»
عُرضت صورًا لكل التفاصيل المذكورة في الشرح الصوتي المرافق لها، من قصور نُحتت في الجبال والمنحدرات بأشكال تخطف الأنفاس وتثير الفضول، ورسومات للنجوم وأقمار متعددة وغيره من التفاصيل التي حاولت جاهدًا التركيز عليها رغم عدم اهتمامي بها.
«تكونت الإمبراطورية من عشر ممالك، جميعها تحت قانون واحد وحاكم واحد يتم اختياره من بين عدد من المتقدمين للمنصب، بعد تجاوزه لاختبارات حددتها لجنة محايدة من الحكماء والشيوخ.»
أظهرت الشاشات من حولنا نماذج للاختبارات، لكن أكثر ما لفت نظري هو الحلبة الهائلة التي يتحارب فيها رجلٌ ضئيل مع كائنات عملاقة متوحشة، أسيختبرونني بهذه الطريقة؟ لا أظن أنّ عائلتي سترغب في عودتي إليهم على شكل قطع لحم ممضوغ.
«كل شيء كان على ما يرام حتى ظهرت فئة من النساء الرغبات في السلطة والقيادة، لجأن لطرق ملتوية للحصول على قوى تمكنهن من توسيع سيطرتهن، ولم يمنع ذلك بعضًا من الرجال من الإنضمام إليهم رغبة في نيل شيء مما نالوا.
بدأت الإنقسامات بين الممالك، كل قائد أراد إنقاذ ما تبقى من تماسك مملكته لكنهم فشلوا فشلًا ذريعًا عندما تكونت مملكة الهايدرا العظمى، قادتها أفيانا ليندور التي حكمت نصف الكوكب في ذلك الوقت.»
أنت تقرأ
أفيزاباتشي: روحٌ تائهة (نشر شهري)
Fantasíaظهور بوابة عالم التايتينيا أمام ديانا كان خاتمة لقصتها وبداية قصة غير متوقعة بالنسبة إلى صاحبها. ماثيو -الطفل الرجل- ما زال عالقًا بين طيات ماضيه غير البعيد، متردّدًا بين المضيّ قدمًا ونسيان ما جرى، وبين تقبّل ما حدث والتعايش معه؛ كمرضٍ لا يُرجى ال...