كان كالورقة الرقيقة التي تمتص قذارة المياة العكرة دون أن تفرض شفافيتها السوداء، يتعطش لشرب صدمات الأمواج القوية كي تصبح مشاعره ممزقة، يتلهف لرياح عاتية تأخذه بعيدة ليجف كعود أخضر وسط صحراء قاحلة، تمزق وتاه بمفرده لا مائل للشكوى لهش آخر مثله، سطوره تتلطخ بحبر داكن ليمسح دمعة لا يملك صاحبها منديلًا، يترك الأثر الأحمر يوسخ بياض رونقه كي يطفأ نار غيرته، تتعثر الأحذية به حتى تجعله لا يملك سوى أشلاء متلاصقة... الأوراق المفقودة تريد اللجوء لكتابها...ما كان الذي يريده سوى مهرب من تلك الأوراق المحروقة، لينجو من العاصفة السوداء المميتة التي قد تمزق سطوره، طريق أسود سلس رغم العفن أم أبيض وعر؟! ما كان يطمح سوى للعلو بين غيوم صافية، نجوم وش هب؛ يريد أن يصبح نجم بعد أن يقطع نفسه لأجزاء لا متناهية، يأس لا أمل منه، فالورقة لن تصبح نجمًا أبدًا.. تريد شيء ما لا تستطيع التمكن منه؛ لما المحاولة إذًا؟
يساء الظن به دومًا لأنه كان وحيدًا، فيصدرون حكمًا انتقاديًا قاسيًا لأنه ابتعد فحسب عن كسب العلاقات المقربة، في حين أنه ربما ببساطة حاول التعبير بشكل محدود عن نفسه، يعتذر مما لا يخطئ به ويشكر مما لا شكر له.. أوراقه احترقت وهو لا زال مشتعلًا في إصفراره
ظنه أطهر من ماء الغمام...
أنت تقرأ
مذكرات مميتة | كلمات مزدحمة
No Ficciónمذكرات مفقودة الذات في مكان ما، تحاول العثور عليها تريد ذاتها بأي شكل من الأشكال ولكنها صعبة الرضا للعودة كما كانت.. مجاهدة لا عائد منها إلا السكوت.. قلم يشفيها وحرف يشرخها..