الفصل الخامس عشر

2.3K 115 31
                                    

(( وبالعشق اهتدى ))
_ميثاق الحرب والغفران ج2 _

_الفصل الخامس عشر _
تقدمت بخطواتها المرتجفة نحو الباب، تسير خطوة وتقف للحظات تفكر ماذا تفعل لو كان زوجها، كانت بالبداية قد قررت التصرف بشجاعة ولكن بالنهاية أثرت الحل الأسلم وهو اللجوء لمروان حيث هرولت مسرعة وعادت إلى هاتفها لتحري اتصال بها ويجيبها هو بكل لطف بعد ثواني معدودة:
_نعم ياخلود
أجابته بصوت مرتجف ويغلبه البكاء:
_مروان تعالى بسرعة أنا خايفة قوي.. في حد بيخبط على الباب وخايفة يكون سمير عرف مكاني
تحولت نبرته للجدية مجيبًا إياها بهدوء ليهدأ من روعها:
_وهو هيعرف مكانك منين ياخلود اهدى يمكن يكون حد من الجيران أو حتى بتاع الزبالة
بدأتموععها في الانهمار بغزارة على وجنتيها وهي تهتف متوسلة إياه:
_أنا خايفة تعالى أبوس يدك
هتف مروان بدفء ونبرة رجولية ساحرة:
_طيب أنا جايلك دلوقتي متفتحيش الباب لغاية ما آجي وحاولي تهدي ومتخافيش
لماذا برأسها عدة مرات لتحاول التحكم في خوفها المفرط وأنها معه الاتصال وظلت واقفة تنظر باتجاه الباب، وعاد رنين الباب يصدح مرة أخرى فانتفضت رعبًا، وبقت متسمرة بأرضها حتى شعرت بالفضول لتتأكد بنفسها من الطارق، ربما يكون عامل القمامة كما أوضح لها للتو، ارتدت ملابسها الفضفاضة فورًا وتحركت بخطوات متعثرة نحو الباب حتى وصلت إليه واقتربت بوجهها تلقى بنظرها من العين السحرية لترى من بالخارج فوجدت سيدة مسنة ذات ملامح دافئة وهادئة، فأطلقت زفيرًا حارًا وهي تبتسم بفرحة ودون تردد فتحت لها الباب من فرط سعادتها بأن الطارق ليس زوجها، فوجدت تلك السيدة تبتسم لها بعذوبة وتهتف معتذرة:
_ازيك ياحبيبتي عاملة إيه؟
بادلتها خلود الابتسامة بحيرة وردت عليها بصفاء:
_ الحمدلله كويسة
تابعت السيدة بوجه مشرق وهي تحمل بين يديها صحن ممتليء بالطعام ولكن مغطاة ومدته لها هاتفة:
_أنا ساكنة في الشقة اللي فوقيكي، ومروان ده زي ابني الله يرحمه كانوا صحاب اوي بس هو بقى ليه سنين مسافر برا مصر ومحدش شافة من زمان ولا يعرف عنه حاجة، وفرحت اوي لما شوفتك معاه ومصدقتش انه اتجوز وقولت لازم آجي اباركله وأسلم عليكي واقولك مبروك
تجمدت خلود مكانها وانعقد لسانها  فبقت تحدق في السيدة بابتسامة بلهاء وهي لا تدري بماذا تجيبها، تظنها زوجته وهي الآن يجب عليها تأكيد تلك المعلومة حتى لا تثير الشك حولهما، فاقت من حالة الذهول المستحوذة عليها على صوته وهو يقف على الدرج ويهتف مندهشًا:
_حجة كوثر؟
التفتت السيدة تجاه مروان واتسعت ضحكتها لتهتف فرحة:
_عاش من شافك يابشمهندش أخيرًا نورت مصر
ابتسم لها بنقاء وأكمل صعوده الدرج حتى وصل لها فضمته هي بعناق أمومي كأنه ابنها تمامًا ثم ابعدته عنه وراحت تعاتبه بحزم وضيق وهي تشير على خلود:
_بقى كدا تتجوز من غير ما تقول لحد طيب حتى قولنا عشان نفرح معاك
تجمد مكانه للحظة بعد عباراتها وعندما التفت تجاه خلود وجدها تتفادى النظر إليه خجلًا من الموقف المحرج الذي وضعته به، فعاد بوجهه للسيدة وهتف مبتسمًا برزانة:
_معلش بقى ياحجة غصب عني الموضوع حصل مرة واحدة والظروف حكمت
رتبت كوثر على كتفه بحنو متمتمة:
_ولا يهمك يابني ربنا يسعدكم يارب ده الاهم بس
ثم نظرت يدها بالصحن لخلود هاتفة في لطف:
_دي حاجة بسيطة كدا أنا عملاها بإيدي اعتبروها حلاوة جوازكم، أنا بس مكنتش عاملة حسابي والزيارة الجاية ان شاء الله تكون حاجة عليها القيمة كدا
مدت خلود يدها والتقطت الصحن منها دون أن تشكرها حتى من فرط ارتباكها وذهولها من الوضع الذي سقطت به، بينما مروان فشكرها بامتنان شديد وهتف:
_حاجة عليها القيمة إيه بس ده أنتي جيتك وحدها كفاية والله ومكنش له لزمة تتعبي نفسك ياست الكل
كوثر بدفء:
_تعبكم راحة يابني
اصر عليها مروان عندما وجدها تنوي الرحيل:
_رايحة فين تعالي ادخلى هتمشي كدا من غير ما تدخلى
كانت ساهم بالاعتراض فقاطعها مازحًا وهو يلقى نظرة على خلود فهمت أنه يرغب بالضحك على وضعهم:
_لا مش عايز اعتراض هو انتي مش جاية تباركيلي برضوا، ينفع تباركيلي من على الباب يلا تعالى
دخلت معه كوثر مغلوبة على أمرها عندما ألح عليها وسبقتهم بخطواتها للداخل ووقف هو بجوار خلود يهمس لها شبه ضاحكًا:
_معلش بقى مضطرين نتعامل مع الموقف، بما إنك جبتيني على ملى وشي وأنتي بتقولي سمير سمير على الباب، اهو الحجة كوثر اخطر من سمير
ضحكت لا إراديًا على مزحته وقالت باهتمام وتوتر:
_هي ممكن تسأل على تفاصيل بما انها فاكرة اننا يعني
خجلت من أن تنطق بعبارة أنهم زوجين فأجابها هو بتأكيد:
_طبعًا هتسأل، أنتي بس اللي أنا هقوله تأكدي عليه متجاوبيش على أي سؤال غير بعد ما أنا ارد، لأن مينفعش حد يعرف اننا مش متجوزين وانتي قاعدة في بيتي
هزت رأسها بالإيجاب وقد عبس وجهها وشعرت بأنها ورطته بمشاكلها والآن هو مضطرًا للتعامل أمام الجميع وكأنها زوجته...
                                      ***
داخل منزل ابراهيم الصاوي....
لسوء حظ آسيا وحسن حظ إخلاص أنها كانت بطريقها لغرفة عمران لتتحدث معه بأمر ما وعندما وصلت ووقفت أمام الباب سمعت حديثهم معًا، وأن آسيا لديها دليل أنها قامت بدفعها من فوق الدرج وكانت ستتسبب بموت طفلها، اتسعت عيني إخلاص بصدمة واحتارت فيما عليها فعله لتنقذ نفسها قبل فوات الآوان.
انتفض عمران وآسيا على أثر صوت صراخ مرتفع بالخارج فهرول هو مفزوعًا وفتح باب غرفته وخرج يتبع الصوت وآسيا خلفه حتى وصلوا الدرج ووجدوا إخلاص جالسة على أحد الدرجات وممسكة بقدمها وتتألم بشدة فأسرع نحوها عمران وجثى على قدميه أمامها هاتفًا:
_مالك ياما إيه اللي حصل؟
هتفت إخلاص بصوت ضعيف ومتألم:
_وقعت ياولدي وأنا نازلة رچلي اتزحلقت من غير ما اخد بالي
تجمع كل من في المنزل على أثر صراخ إخلاص والتفوا حولها معادا آسيا التي كانت تحدق بها بشك، لا تعرف سببه ولكن صوت داخلي حدثها بأنه لم يكن حادث بمحض الصدفة كما تتدعى، ساعدها عمران في الوقوف على قدميها وهو يهتف لها بحزم:
_ طيب يلا بينا ياما على الدكتور نطمن على رجلك
هتفت إخلاص فورًا برفض قاطع:
_لا دكتور إيه أنا بس هريح على السرير وهتخف وحديها مش محتاچة دكتور ياولدي
هتف بلال باهتمام ونبرة جادة:
_مينفعس يامرت ابوي لازم تروحي تطمني طالما بتتألمي جامد إكده
اجابتهم بنفس الرفض وهي تهز رأسها بعناد:
_لا قولتلكم مش عاوزة دكاترة دي وقعة بسيطة وهحط مرهم على رجلي والألم هيروح، سندني بس أنت ياعمران لغاية اوضتي
كان عمران يا يعجبه إصرار أمه على عدم الذهاب للطبيب لكنه استسلم لعنادها وهتف بلهجة رجولية مخيفة:
_ماشي ياما براحتك بس لو فضل الألم قاعد ومخفش هنروح طوالي للدكتور ومش عايز اسمع أي اعتراض
ابتسمت له إخلاص بحنو أمومي وهزت رأسها بالموافقة متمتمة:
_حاضر ياغالي
ساعدها في السير على قدميها وهم يتجهون نحو غرفتها وآسيا تقف عاقدة ذراعيها تراقبهم بنظرات ثاقبة كلها شك ونقم، أما بلال فالتفت لزوجة أخيه ورمقها باستغراب متمتمًا:
_مالك يا آسيا؟
انتبهت على صوته وابتسمت له متمتمة في بشاشة:
_لا مفيش حاچة متشغلش بالك، أنت أخبار العروسة إيه ولا نقول مرتك خلاص
ضحك بلال بخفة ثم أجاب بعبوس وقلة حيلة عندما تذكر شجارهم الأخير واضطراب علاقتهم:
_تمام اهو ربنا يهديها عليا يا آسيا
ردت آسيا بدهشة بسيطة:
_من دلوك بدأت المشاكل لسا بدري على الكلام ده، معلش راضيها وعدى هي باين عليها غلبانة وكتكوتة قوي في نفسها
قهقه بقوة ثم قال مغلوبًا في عينان تلمع بالحب:
_ربنا يصبرني عليها الكتكوتة دي
قطع حديثهم صوت رنين هاتفه فأشار لآسيا بعيناه يعتذر منها أنه سيجيب على الهاتف فهزت له رأسها برقة في ابتسامة خافتة، وبعد رحيله عادت لغرفتها وهي تفكر في إخلاص ونفس السؤال يستمر في الدوران بعقلها دون إجابة " هل حقًا سقطت أم تلك كانت حركة متعمدة منها لسبب ما هي لا تعرفه".
                                   ***
داخل منزل جلال.......
كان يجلس فوق الأريكة بالصالة أمام التلفاز يشاهد أحد المسرحيات الكلاسيكية عندما جلست فريال بجواره ومالت برأسها على كتفه تضعه عليه فابتسم لها بحب ثم لف ذراعه حول كتفيها وضمها إليه هامسًا:
_إيه رأيك يافريالي ناخد فترة أچازة ونسيب العيال ونسافر أنا وأنتي بس، انا حاسس اني محتاچ اريح راسي وارتاح من زن الشغل وكل حاچة وعايز تنبسط أنا وأنتي، احنا لينا زمان منبسطناش مع بعض
اعلان اسارير فريال وابتعدت عنه فورًا لتهتف بحماس طفولي جميل:
_بچد ياچلال.. ياريت انا نفسي قوي اسافر واتفسح وزهقانة من قعدة البيت وفعلا احنا لينا وقت طويل متستمتعناش مع بعض كيف زمان
ثم سكتت للحظة وأكمل بوجه عابس:
_بس العيال هنوديهم فين؟
جلال بكل بساطة:
_عندك أمك أو امي المكان اللي حابين يقعدوا فيه
زمت شفتيه بضيق وقال بمشاعر امومية دافئة:
_بس حرام هنروح من غيرهم ونسيبهم، هما ملهمش نفس يتفسحوا يعني زينا
ضحك عليها بحب وتمتم في حكمة ونبرة رخيمة:
_ومين قالك أننا هننتفسح احنا هناخد يومين بس في أي مكان إكده نريح فيه راسنا ونستچم وحدينا ياست البنات، وأنا مظبط رحلة بعدين نطلعها كلنا مع العيال وفيها فسح ولعب وكل حاچة
سكنت وبدت وكأنها اقتنعت وواقفت ثم لاح شبح ابتسامتها العبثية وهي تشير بيدها على بطنها وتقول ضاحكة:
_طيب ودي هنعمل فيها إيه؟!
قهقه عليها بخفة وقال مغلوبًا:
_لا دي عاد مجبورين ناخدوها معانا هنعملوا فيها إيه، كلها شهر وتشرف مع اخواتها وبعد إكده تقعد معاهم
انطلقت ضحكة فريال الأنثوية بقوة وخرج معاذ وعمار من غرفتهم على أثر صوت ضحك والديهم وانضموا لهم يجلسوا بجوارهم وهم يحدقون بهم بابتسامة عريضة ينتظرون من والديهم أن يكملوا حديثهم لكي يشاركوهم في الضحك، لكن جلال وفريال توقفوا عن الكلام فعبس وجه الأثنين وهتف عمار:
_سكتوا ليه؟
تبادل جلال النظرات مع فريال بدهشة متصنعة وهو يقول مبتسمًا:
_هو احنا كنا بنتكلم يافريال؟!!
زمت شفتيها بجهل تشاركه في مزحته بينما معاذ فقال بتأكيد:
_ايوة وكنتوا بتضحكوا كمان؟!
انفجرت فريال ضاحكة على اولادها وفضولهم الطفولي ولم تستطيع التفريط بهم فقالت لهم مبتسمة:
_ابوكم كان بيقولي انه هيطلعنا رحلة قريب ونتفسح كلنا
وثبوا في مكانها وهم يصيحون فرحًا ويهتفون بلا توقف:
_امتى امتى؟
جلال بجدية:
_لسا مش دلوك قريب، اهدوا عاد بدل ما أغير رأي
ثبتوا مكانهم فورًا كالصنم خوفًا من أن يغير والدهم قراره حقًا كما أخبرهم للتو لتضحك عليهم فريال وتهتف بحزم بسيط:
_يلا روحوا كملوا الواچب بتاعكم عشان معاكم مدرسة بكرا
هتف عمار بعفوية طفولية تامة:
_انتي هتاچي تاخدينا من المدرسة زي المرة اللي فاتت ياما؟
اتسعت عيني فريال بدهشة وانعقد لسانها ولم تعرف بماذا تجيب على ابنها فقد وضعها بمأزق الآن، أما جلال فغضن حاجبيها باستغراب وسأل أولاده بلهجة جادة:
_ميتا راحت تاخدكم من المدرسة أمكم؟
أجابوا على والدهم بكل تلقائية أنها ذهبت لهم بالمدرسة بصباح الأمس فالتفت لها جلال متعجبًا وسألها بحدة:
_انتي مش قولتيلي طالعة تشتري كام حاچة من السوبر ماركت يافريال وأنا نزلتك بالعربية قصاد المكان؟
ازدادت ريقها باضطراب لكن حاولت الحفاظ على ثباتها التام أمامه وقالت مبتسمة لتلطف الأجواء وتذهب الشكوك أو الغضب عنه:
_أه ما أنا نزلت واشتريت وبعدين قولت اروح اعدى على العيال طالما نزلت واچيبهم معايا من المدرسة
جلال بنظرة رجولية تثير الرهبة:
_وليه مقولتليش الكلام ده، ولما كلمتك قولتيلي العيال لسا مچوش وچايين بالاتوبيس بتاع المدرسة
تملكها الارتيعاد الشديد وشعرت بدقات قلبها تتسارع أكثر ومع ذلك حاولت الحفاظ على هدوئها وهي تجيبه:
_ما أنا خوفت تبهدلني وتقولي إيه اللي وداكي وأنتي تعبانة ومحبتش اقولك
لوى فمه بانزعاج ملحوظ وانحنى عليها يهمس لها بصرامة:
_ماشي يافريال بس تاني مرة متكدبيش عليا في حاچة وتقوليلي عليها أي كان هي إيه، يعني متروحيش مكان من غير ما تبلغني وابقى عارف الأول
هزت رأسها له بالموافقة في تعبيرات وجه مرتبكة بشدة وهمست:
_حاضر
عاد لجلسته الطبيعية وقد بدأ الانزعاج الذي كان يستحوذ على ملامحه يتلاشي تدريجيًا وكأنه نسى الأمر فأطلقت زفيرًا حارًا بارتياح أنه لم يشك بأمرها وأنها كانت تتعقبها لتعرف مكان عمه.
                                    ***
عودة لمنزل مروان، بعد رحيل تلك السيدة التي جاءت على حين غرة دون استعداد لزيارتها المفاجأة، جلست خلود مقابلة مروان بالضبط هو يجلس على الأريكة وهي على المقعد أمامه وتتذكر حديثه مع السيدة وكيف كان يسرد لها عن علاقة حبهم المزيفة وأن قرار زواجهم كان سريع، للحظة ظنت أنه زوجها حقًا من شدة اتقانه للدور باحترافية واحتوائه للموقف بذكاء ليظهر أمام السيدة أنهم حقًا زوجين ببداية زواجهم.
كانت تتفادى النظر لوجهه عمدًا من فرط الخجل وتشعر بدقات قلبها المتسارعة من شدة الارتباك حتى سمعت صوته المميز وهو يهتف:
_أنا اتكلمت مع المحامي اللي قولتلك أنه صاحبي وقالي الموضوع ساهل ممكن ترفعي عليه قضية خلع وتكسبيها بسهولة كمان بما إنه كان يعني.. معاملته يعني مش كويسة معاكي
فهمت أنه يلمح بكلماته للاعتداء الجسدي والعنف الذي تعرضت له على يد زوجها، فاطرقت رأسها بانكسار والم لتهتف بعينان دامعة وصوت محتقن:
_أنا مش عاوزة أي حاچة منه يامروان كفاية أنه يطلقني بس
مروان بحزم ونبرة رجولية غريبة:
_مش عايزة ده إيه، بعد كل اللي عمله فيكي ومش عايزة ده انتي هتاخدي حقك تالت ومتلت
رفعت رأسها له وطالعته بعينها الدامعة في ابتسامة امتنان حقيقية فبادلها هو الابتسامة ومد يده لها بمنديل ورقي يهتف بحنو:
_ميستاهلش والله دموعك دي ابدًا، أن شاء الله هتطلقي منه وترجعي لاهلك وأنا معاكي للآخر
نقلت نظرها بين المنديل وبينه وللحظة عيناها لمعت بوميض جديد لكن سرعان ما انطفأ عندما تخيلت ردة فعله إذا عرف بقصتها الحقيقية، هل سيستمر في مساندتها وسيبقى معها أم يتركها مثل أهلها، انهمرت دموعها بغزارة لمجرد التخيل فقط ومدت يدها تجذب المنديل منه وهي تبكي بشدة، مما جعله يغضن حاجبيه بحيرة وللحظة ظن أنه قال شيء ازعجها فهتف بسرعة بعدما استقام واقفًا وجلس على المقعد المقابل لها:
_أنا قولت حاجة ضايقتك طيب ياخلود ولا إيه اهدى، أنا آسف والله مقصدش اضايقك بحاجة لو عشان فكرتك بأهلك
رفعت أناملها وجففت دموعها هامسة بصوت مبحوح وهي تهز كتفيها برقة:
_بالعكس انا مش عارفة اشكرك كيف على اللي بتعمله معايا بچد وأحيانا بحمد ربنا أنه بعتك ليا، شكرًا يامروان
ظهر شبح ابتسامته الجذابة على ثغره وهو بجيبها للصوت رجولي يذهب العقل:
_شكرا على إيه بس أنا لسا معملتش حاجة، تشكريني صح بعد ما تكسبي القضية ان شاء الله وتطلقي منه
ارتفعت بسمتها مجددًا لثغرها لتجيبه بأمل:
_أن شاء الله يارب
طالعها بنظرة اربكتها وقال مبتسمًا برقة:
_خلاص هتوقفي عياط ولا لسا أنا عايز امشي!
عادت تمسح دموعها ثانية بتأكيد له أنها لا تبكي وقالت ضاحكة:
_لا انا زينة متقلقش.. امشي أنت عشان متتأخرش على شغلك
هو رأسه لها بالإيجار وهب واقفًا وهو يهتف بلطف:
_لو احتجتي اي حاجة كلميني
آماءت له بالموافقة وتابعته بنظرها وهو يسير متجهًا نحو الباب وعلى ثغرها ابتسامة مختلفة وجديدة تمامًا حتى غادر المنزل كليًا وظلت هي على حالها.
                                     ***
داخل منزل ابراهيم الصاوي تحديدًا بغرفة عمران بتمام الساعة العاشرة مساءًا.....
التفتت آسيا بنظرها تجاه الباب عندما سمعته ينفتح ودخل عمران وحينما نظر إليها ابتسم بدفء فبادلته الابتسامة، وهبت واقفة من الفراش لتقترب منه وتساعده في نزع العباءة عنه وتبديل ملابسه بكل دلال وحنو فيرمقها هو بنظرات عاشقة وينحنى عليها ليلثم وجنتها بقبلة حميمية متمتمًا:
_ربنا ما يحرمني من دلعك ده واصل ياغزالي
تغنجت عليه بغرام يذهب العقل:
_ولا يحرمني منك يامعلم
رأته يتأملها بأعين تفيض عشقًا وغرامًا فضحكت برقة ثم وجدته ينهال عليها بالقبّل الغرامية، وبصعوبة فرت من بين يديه وهي تضحك وتهتف بدلال وسط ضحكها:
_بزيادة عاد ياعمران عاوزة اتكلم معاك في موضوع مهم
غمز لها بعبث وخبث متمتمًا:
_اهم من اللي احنا بنتكلم فيه ده!!!
انفجرت ضاحكة وهزت رأسها له بالإيجاب ثم اقترب منه ثانية وقالت باهتمام:
_أمك رچلها عاملة إيه، أصل هي مطلعتش من الأوضة من الصبح ومعرفش حاچة عنها وانت عارف علاقتنا كيف مع بعض يعني محبتش اروح الأوضة عندها
تلاشت ابتسامته تدريجيًا وهتف بجدية:
_الحمدلله كويسة
آسيا بنظرات دقيقة، تطرح السؤال بالأخص لتتأكد من شكوكها:
_رچلها خفت يعني ومش هتوديها للدكتور؟
هو رأسه بالنفي هاتفًا:
_لا بتقول بقت زينة والألم خف مش محتاچة دكتور
رفعت آسيا حاجبها وقد اتضحت الرؤية الآن أمامها، تلك الأفعى كانت تعرف أنها ستكشفها أمام ابنها ولهذا اخترعت كذبة السقوط من الدرج لتمعنها من إخباره، ولكن أن نجحت في كسب بعض الوقت بالصباح لن تنجح الآن في تأخيرها أكثر من ذلك.
هتفت آسيا بنظرة كلها غل وحقد:
_طيب استنى بما أني الصلح ملحقتش اسمعك التسچيل چه وقته دلوك عاد
التقطتت هاتفها وراحت تبحث في التسجيلات الصوتية عن آخر تسجيل الذي كان بينها وبين إخلاص، ولكن الصدمة أنها لم تجده، زلت ابحث بكل مكان بالهاتف ولا يوجد أثر له وكأن أحدًا ما قام بحذفه، رفعت رأسها وتطلعت بوجه عمران مندهشة وصاحت بغضب:
_التسچيل مش قاعد في حد مسحه ياعمران من تلفوني
ضيق عينيها باستغراب وعدم فهم وسألها بجدية:
_أنتي تسچيل إيه ده اللي عاوزة تسمعهولي؟!
هتفت آسيا باستياء شديد ووجه كلها تحول للون الأحمر القاتم بسبب احتقان الدماء به:
_الدليل اللي هيثتبلك أني مكنتش بكدب عليك وأن أمك صُح هي اللي زقتني
تشنجت عضلات وجهه وظهر السخط على محياه ليهتف منزعجًا منه:
_وبعدهالك عاد يا آسيا ما قلنا قفلي على الموضوع ده وانسيه، وأنا قولتلك ميت مرة أنا مش مكدبك بس بقولك يمكن أنتي تهيألك إكده وافتكرتي أن أمي اللي زقتك وهي مزقتكيش.. وبعدين هتعمل إكده كيف وليه؟!.. أنا فاهم أنها بتكرهك ومش بتحبك بس مستحيل تعمل فيكي إكده وتحاول تأذيكي وهي عارفة أنك حامل في ولدي
ضحكت آسيا بتهكم وقالت في أعين تلمع بوميض شيطاني مخيف وصوت ينبض بالوعيد:
_وتعمل أكتر كمان بس أنت اللي مخدوع فيها وفاكرها ملاك، إنا مش هتناقش معاك عشان متأكدة أنك مش هتصدقني بس مسيرك تعرف الحقيقة وتندم إنك مصدقتنيش
أنهت عباراتها واستدارت لتتركه وتتجه نحو الحمام لكي تترك العنان لدموعها المقهورة في الانسياب على وجنتيها بغزارة...
                                     ***
بمنزل خليل صفوان تحديدًا بالطابق الأخير ( السطح ) كانت تجلس غزل وتتحدث في الهاتف بكل عفوية وهي تضحك وتتبادل أطراف الحديث مع الطرف الآخر في الهاتف، سمع " على " صوت ضحكها فابتسم بساحرية وقادته قدماه لا إراديًا إليها يتبع صوت ضحكها كالمغيب، إلى أن وصل للسطح ووقف بالجانب متخفى حتى لا تراه وراقبها بنظراته المتيمة وهي تضحك، لكن فجأة اختفت بسمته وتحولت تعبيراته من الحب للغضب المرعب عندما سمع محتوى حديثها مع الطرف الآخر الذي كان رجل ويبدو أنه ذلك الشاب الذي قالت أنها على علاقة غرامية به، حاول التحكم بانفعالاته والحفاظ على ثباته وأن لا يتصرف بتهور لكن كلماتها وهي تجيب عليه بكل رقة ونعومة أثارت جنونه واشعلت نيران الغيرة في صدره، فوجد نفسه دون أن يشعر يندفع نحوها ثائرًا كالثور ويصيح بصوت رجولي مرعب:
_اقفلي التلفون ده
انتفضت غزل بهلع من ظهوره المفاجيء أمامها وهو بذلك الشكل المرعب وللحظة ظنته شبح يتجسد بصورته، فانكمشت على نفسها بخوف وهي تتطلعه بذهول، فانحنى هو عليها وجذب الهاتف من يدها عنوة لينهى الاتصال وهو يصرخ بعصبية:
_أنا مش بقول تقفلي الزفت ده
كانت نظراتها مازالت تظهر االذهول وعدم الاستيعاب لما يحدث، لكن حركته الهمجية عندما جذب الهاتف من يدها واغلق الاتصال في وجه صديقها أو حبيبها كما تدعوه جعلتها تثور ونقل واقفة لتصرخ به:
_إيه الهمجية دي وبعدين أنت مالك بيا وبتوجهلي أوامر بصفتك إيه!
مال بوجهه عليها في نظرات قذفت الرعب في قلبها وهمس:
_بصفتي اللي هيربيكي من أول وچديد أن شاء الله
حاربت خوفها منها وتابعت صياحها الغاضب:
_احترم نفسك أنا متربية غصب عنك
على بأعين نارية ومريبة لا تبشر بالخير أبدًا:
_آه مهو واضح وانتي بتكلمي رچالة في التلفون في الليالي وتتسهوكي معاهم وتقوليلي ده my boyfriend، إهنه معندناش حريم بتتكلم مع رچالة غريبة وإلا بيتقطع راسها فاهمة
اتسعت عين غزل بصدمة وصرخت به بهستيريا:
_بجد!!.. طيب ومستني إيه يلا اقتلني بما أنكم هنا بتقطعوا راس البنات اللي بتتكلم مع boys
جز على على أسنانه مغتاظًا وهو يحاول التحكم بزمام نفسه وقال لها محذرًا:
_غزل متستفزنيش عشان متندميش يابت الناس بعد إكده، أنا قولت اللي عندي وخُلص الكلام، اقسم بالله لو شفتك بتتكلمي مع العيل ده تاني لأكون موريكي وشي الحقيقي
غول بعناد شديد:
_أولًا انا مش خايفة منك وثانيًا أنا مبتهددش واعلى ما في خيلك اركبه زي ما بتقولوا، وثالثًا وده الأهم مسمهوش عيل ده man
رفع حاجبه وهو يحدقها بنظرة مرعبة ومتهكمة ليتمتم بنبرة رجولية تثير الرهبة بلهجته الصعيدية:
_ولما أچبهولك من امريكا وتشوفيه قصاد عينك وهو كيف القطة بيتنفض نبقى نشوف وقتها هو man صُح ولا woman
فغرت عيناها بدهشة من رده الغير متوقع لتجده يكمل وهو يلقى تحذيراته الأخيرة عليها قبل رحيله:
_حذراي ياغزل اشوفك بتكلميه تاني، تقطعي علاقتك بيه واصل وإلا أنتي حرة.. أنا حذرتك وعداني العيب
القى عليها نظرة أخيرة اربكتها وارعبتها أكثر ثم هتف بلهجة آمرة بغضب:
_يلا انزلي على اوضتك تحت ومتطلعيش إهنه تاني باللبس المخلع اللي لبساه ده، في عماير إهنه حواليكي وممكن أي راچل يقف يشوفك
رغم أنها كانت ترتدي بنطال جينز وفوقه بلوزة بحمالات عريضة وتنحدر للأسفل بفتحة دائرية عند الصدر، لا تعرف كيف يصف ملابسها بأنها خليعة، انتفضت واقفة بفزع على أثر صرخته بها:
_اتحركي انتي لساتك واقفة!
تحركت قدماها لا إراديًا امتثالًا لأوامره وخوفًا وهي لا تفهم شيء مما يحدث، لكن بعدما وصلت لبداية الدرج وقفت والتفتت برأسها له فوجدته يقف يراقبها بنظراته الحادة ويشير لها بأن تنزل وتذهب لغرفتها، فعادت برأسها للأمام وضحكت مندهشة في تهكم:
_لا لا، لا يمكن البني آدم ده يكون طبيعي، he is crazy
نزلت الدرج مغتاظة وهي تبتسم وتهتف متوعدة له:
_ماشي ياعلى  استنى عليا، مش أنت بيضايقك لبسي الخليع زي ما بتقول عليه اتفرج بقى على الخليع بجد من هنا ورايح
                                     ***
بمكان آخر داخل غرفة بلال...
كان ممسكًا بهاتفه ويراقب الرنين المستمر لزوجته عليه ولا يجيب عليها متعمدًا، ليثبت لها أنه يأخذ موقف ومنزعج منها ولا يريد التحدث معها، والحقيقة هو كان يستمتع بإتباع اسلوب التجاهل معها ليجعلها تتذوق من نفس الكاس، رغم أنها تفعل ذلك بكل برود وثبات انفعالي لكنه الآن يتعذب وهو يراها تستمر في الرنين دون توقف ولا يجيب عليها، قلبه لا يطاوعه أن يتركها هكذا وهي تلح عليه دون ملل، ويصرخ عليه أن يجيب عليها ويتخلى عن ذلك الزعل المزيف لكنه نجح بمعجزة في البقاء ثابتًا على مبدأه، حتى توقف الرنين أخيرًا ووجد رسالة منها محتواها كالآتى ( ماشي يابلال متردش عليا براحتك وأنا مش عايزة اكلمك، لما تحصلي حاجة ويرنوا عليك من تلفوني ابقى متردش كمان عليهم )
استفزته بعبارتها وكان على وشك أن يتصل بها ليوبخها توبيخ قاسي على تلك السخافة التي تتفوه بها لكنه تراجع في آخر لحظة بعدما فكر بأنها تقول هكذا لتجعله يتصل بها وترفع هي راية النصر، غير رأيه وتوعد لها بأنه سيعطيها الدرس المناسب عندما ينتهي الخصام بينهم.
أما هي فـ على الطرف الآخر كانت تبكي بغيظ وتتحدث مع شقيقتها هاتفة:
_مردش عليا برضوا شايفة يانور، حتى بعد اللي قولت ده مفرقش معاه ومتصلش، لا هو شكله مش بيحبني بجد وأنا اتسعت في الجوازة دي
لكزتها اختها بخبث ضاحكة:
_مش بيحبك إيه بس ياهبلة، ده شكله بيتقل عليكي وعايزكي تصالحيه بقى وتدلعيه كدا شوية، مش بعيد يكون بيولع دلوقتي بسبب اللي قولتيه، سبيه براحته
صاحت حور باستياء وغيظ:
_يعتي إيه اسيبه براحته يانور.. يعني إيه هو حتى مش عايز يرد عليا ولا يكلمني عشان يخليني اصالحه هصالحه ازاي بقى
غمزت لها اختها بلؤم وهمست بنظرة شيطانية:
_طيب واللي يقولك فكرة يخليه يجيلك جري كدا تديله إيه؟
حور مغتاظة بنفاذ صبر:
_هديله على وشه لو متكلمش بسرعة.. اخلصي يانور اتكلمي بقى اعمل إيه وإيه الفكرة؟
                                    ***                          
بصباح اليوم التالي داخل غرفة الجلوس الكبيرة بمنزل ابراهيم الصاوي حيث يجلس عمران بمفرده ينهى أعماله، دخلت الغرفة إخلاص ثم تحركت نحوها و جلست بجوار ابنها ونظرت له بطرف عيناها، والتزمت الصمت لدقائق لكي تنظم كلماتها بالضبط ثم هتفت أخيرًا بنظرة متهكمة:
_هي آسيا إيه اللي وداها لفريال وأنت ليه خليتها تروح وحديها ياعمران؟
التفت لها ورمقها بتعجب ليقول بقوة:
_فريال!.. هي قالتلي طالعة تشتري كام حاچة من الشارع اللي ورانا  ولما لقيتها مضايقة ومصممة تطلع وافقت، إيه اللي هيوديها لفريال!!
هزت إخلاص كتفيها بجهل وقالت بعين تحمل نظرات شيطانية:
_معرفش أنا سمعتها بتتكلم مع حد في التلفون وبتقوله أنها جاية ليه وزي ما اكون سمعت اسم فريال معرفش عاد كانت بتكلم فريال ولا حد تانى
اتسعت عين عمران وتبدلت ملامحه بلحظة لتصبح أكثر غلظة وقسوة بعدما ألقت والدته بتلمحياتها المثيرة للجنون، فمجرد تلك الكلمات أثارت جنونه وأيضًا فكرة أن زوجته قد تكون كذبت عليه بالفعل بشأن مكان وسبب خروجها، ليهتف بصوت رجولي مخيف:
_حد تاني كيف يعني؟!!
هزت إخلاص كتفيها بجهل وهي تهتف:
_معرفش ياولدي أنا إيه اللي يعرفني أنا بقولك اللي سمعته
عمران بنظرة حادة ومرعبة:
_تبقى سمعتي غلط ياما
زمت شفتيها مغلوبة وقالت:
_يمكن يا ولدي، المهم تحب اعملك كوباية شاي عشان تعرف تكمل شغلك زين
هز رأسه بالموافقة دون أن يجيبها ومازالت تعابير وجهه غاضبة، فاستقامت هي واقفة وسارت باتجاه الباب لتغادر وتتركه وحده من وساوس الشيطان، ووقفت خلف الباب تنتظر خطوته القادمة المتيقنة منها وبالفعل بعد دقائق نظرت من طرف الباب وجدته يضع الهاتف على أذنه ويجري اتصال بها فابتسمت بخبث وتحركت باتجاه المطبخ لتعد له كأس الشاي.
أما عمران فقد استمر في الرنين دون توقف ولكن النتيجة كانت بلا إجابة في كل مرة، مما زاد من شكوكه واشتعال نيران غضبه أكثر وأصبح يتوعد لها عند عودتها.
                                       ***
داخل منزل جلال.....
أسرعت فريال فور انصراف جلال وذهابه للعمل وراحت تمسك هاتفه وقررت أن تنهى تلك السخافة ستبلغ عن عمه لتأخذه الشرطة وينال جزائه وترتاح هي من الخوف المستمر على زوجها.
أجرت اتصال بالشرطة وفور إجابة الضباط عليها هتفت بكل ثبات وثقة:
_أنا عاوزة ابلغ عن مكان منصور صفوان المتهم في قتل ابراهيم الصاوي
بمكان آخر داخل سيارة جلال أجاب على هاتفه وقال بغلظة:
_ماشي ياعمي هخلص الشغل اللي ورايا وأجيلك نتكلم ونشوف المشكلة دي 
هتف منصور بحزم وإصرار:
_دلوك ياچلال بقولك مينفعش نتأخر تعالى علطول عشان نتكلم وأچل شغلك شوية
تأفف جلال بقلة حيلة وقال مستسلمًا:
_حاضر ياعمي چاي

......... نهاية الفصل ...............

 رواية وبالعشق اهتدى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن