بيكو هو أعلى قمة في الجبل إلا أننا لسنا حقا في أعلى قمة الجبل الأسود..أنا أدعو المنطقة التي نقطنها الأن بهذا الإسم، لأنها أعلى منطقة سكناها أنا وعائلتي، إنها بالنسبة لي بيكو حقاً، ولكنني أمل حقا أن أصل قمة بيكو الحقيقة، أريد أن أصعد وأنا أرى كل من خلفي يتقلصون أكثر وأكثر، بينما يدفعني نسمات الهواء الباردة من الأمام، وكأنه يأمرني بالتوقف والرجوع أدراجي..وربما هذين الأمرين الوحيدين الذين أفضلهما حول التنقل من مكان لمكان آخر في أرجاء الجبل الأسود
فنحن لسنا كسكان السهول يبنون منازلا ثم يبقون فيها لمدى الحياة، نحن نرتحل من بيكو إلى السفح الجبلي ثم إلى تلة شجرة السدر و إلى أماكن أخرى، وكل مكان يمتلك شيء يميزه عن المناطق الآخرى، إلا أن المكان الذي يهواه قلبي أكثر هو بيكو
صحيح انه لا يوجد به سوى الصخور الكبيرة والمنحدرات..أجل تلك المنحدرات هي أحد أسباب تفضليلي لبيكو. تلك المنحدرات الثلاثة التي إعتدنا أنا وإخوتي اللعب عليها حين ننتهي من تناول وجبة الغداء، فتتجه أمي وأخواتي الكبار وزوجة أخي لتناول التمر وشرب أقداح من القهوة تحت ظل الصخرة الكبيرة.. بينما نحن نتسلل نحو المخزن
هكذا نحن نسميه ولكنه مجرد أعمدة خشبية مثبتة في الأرض، تكسو سقفها صفائح ألمنيوم قديمة، أما جدرانها فهي عبارة عن سجاد طويل صنعته أمي وأخواتي من صوف الغنم المقصوص أيام الصيف الحارةنرفع طرف السجاد وندخل لنحضر القنينات البلاستيكية القديمة ونقوم بتسطيحها حتى تصبح كاللوح، ثم نتجه نحو أحد المنحدرات القريبة من عزبتنا، و كالعادة نحن فقط نلعب على المنحدر الصغير، فالبقية شديدة الإنحدار والتزلج عليها سيكون أكثر صعوبة
طريقة لعبنا سهلة جدا، ومع الممارسة تصبح أسهل وأسهل، كل ما عليك فعله هو وضع رجلك اليمنى في الأمام والأخرى في الخلف بطريقة متساوية حيث لا تأخذ قدم مساحة أكثر من الآخرى...بينما توضع اليد اليمنى على مقدمة القنينة حتى تتحكم بمسار تحرك القنينة أثناء التزحلق على المنحدر، بينما اليد اليسرى ضعها بالقرب من خصرك متأهبه في حين أنك تريد الإنعطاف المفاجئ، وبهذه الطريقة نستمر أنا وأخي خالد بالتسابق بالنزول والصعود نحو المنحدر مجددا طالما أننا لا نملك مهام في تلك الفترة كرعي قطيع الغنم أو الذهاب لجلب الماء وقطع الخشب لإطعام النار فبيكو يصبح قارص البرد في الليل وهذه أحد الأسباب الذي تجعل أمي تكره القدوم لبيكو فلطالما أحبت البقاء قي تلة شجرة السدر لأنها أكثر خضرة وأقرب منطقة لتصلنا بالبشر الأخرين، وبالرغم من أسباب أمي المنطقية حول سوء الحال في بيكو إلا أنه لا يزال أفضل منطقة بالنسبة لي
...

أنت تقرأ
بيكو
Ficción Generalفتى عاش نصف عمره بين الجبال وسفوحه، ولكن رغم فساحة الجبال و وساعتها إلا أنها ضاقت عليه فلم يطق البقاء في أرجائه..فهل سيتخلى الجبل عن مستوطنه أم أنه سيحبسه بين جدرانه