التفت ثلاث صديقات بعد انتهاء يومهن الدراسى استعدادا لقضاء عطلة نهاية الاسبوع فى منزل احداهن كما اتفقن قبلها بعدة أيام .ركبت المجموعة الحافلة وجلسن بعضهن مع بعض فى المقاعد الخلفية فى انتظار وصولهن لمنزل (منى) وتناقشن بحماس فيما بينهن عن الانشطة التى سيقمن بها خلاص فترة بقائهن معا.
(منى) لإحدى صديقتيها : لم أتوقع أن توافق خالتى على قدومك معنا يا (سمر)؟
(سمر):كان ذلك بشق الأنفس!..فقد مانعت لآخر لحظة خاصة أن الامتحانات النهائية على الأبواب وهذه آخر سنة لنا فى الثانوية وتريد أن أركز فى مذاكرتى للحصول على مجموع يؤهلنى لدخول جامعة مرموقة .
(منى):وما الذى غير رأيها ؟
(سمر):عندما علمت أننى سأكون معك وافقت فى الحال لثقتها الكبيرة بأمك وحزمها فى التعامل معنا والتى فيما يبدو أنها تفوق ثقتى بى .
(منى) ضاحكة :وماذا عنك يا نجوى ؟!. .هل واجهت الصعوبة نفسها فى إقناع أهلك بالحضور معنا والمبيت عندى نهاية هذا الأسبوع .
(نجوى):لا أبدًا.. اعتقد أنهم حتى لم يسألوا أين نحن ذاهبات فهم مكتفون كالعادة برقمك للتواصل معك فى حال احتاجوا لذلك ولا أظن أن ذلك سيحدث.
(سمر):أحسدك على ثقة أهلك بك .
(نجوى):لا أستطيع تسميتها ثقة بقدر ما هى لامبالاة .
(سمر):أيا كان فهى افضل من السجن الذى أعيش فيه .. ألا تتفقين معى يا (منى)؟..فأمك لا تختلف كثيرًا عن والدتى فى حزمها وحرصها المبالغ فيه .
(منى): لا أعرف .. لم أشعر يومًا بأن حرص أمى مزعج لى بل على العكس تمامًا كنت أراه نوعًا من المحبة .
(سمر) واضعة يديها على عنق (منى) ساخرة :حب خانق.
(نجوى)ممازحة:فلنتقايض الأمهات إذًا!.. أسلوب أمك يعجبنى!
(سمر):موافقة!..أين عقد التنازل لأوقع عليه؟!
ضحك الثلاث وأكملن نقاشهن عن مخططاتهن حتى توقفت الحافلة عند بيت (منى) ليترجلن منها سائرات نحو عتبة الباب وقبل دخولهن قالت (نجوى):
ما رأيكما أن نتوجه للمطعم القريب من هنا ونتناول الغداء قبل أن ندخل المعتقل؟
(منى)ضاحكة :عن أى معتقل تتحدثين يا حمقاء؟!
(سمر):معها حق فأمك لن تسمح لنا بالخروج حتى انقضاء اليومين ولن نرى نور الشارع إلا للذهاب للمدرسة.
(منى):لا تقلقا لقد وعدتنى أمى بأن تسمح لنا بالخروج مرتين وقد اتفقت معها على ذلك لكن ليس الآن لأنها أعدت لكما وليمة غداء للترحيب بكما.
(نجوى)ل(سمر):هذه الوليمة تبد كالطعم الذى يوضع فى المصيدة .
(سمر):نعم..قبل أن يطبق الباب علينا ويقفل .
(منى):كفا عن المشاكسة وهيا ادخلا !
(نجوى):بشئ من التردد و الخجل :هل (رجب) سيكون موجودًا فى الداخل؟
(سمر)ساخرة:انظرى لوجهها كيف تبدل وهى تسألك؟.. احذرى منها فهى مفرمة بأخيك وقد تتسبب لكم بفضيحة.
(نجوى)بتجهم:اخرسى أنت ولا تتدخلى!
(منى)ضاحكة:دعيها فى (رجب)وقد طار من يديها..أمى تنوى الذهاب غدًا لتخطب له فتاة أخرى.
(نجوى)بإحباط:تخطب له؟
(منى):نعم.. أخى لم يعد ذلك الشاب الذى كان يتودد لك عندما كنت فى الاعدادية فقد كبر وتخرج وأصبح موظفًا ويريد الزواج ثم إنه لم يعد يقيم معنا منذ أن تعين خارج المدينة وقد ترك مهمة اختيار زوجته المستقبلية لأمى.
(نجوى):سيتزوج بفتاة لم يرها من قبل؟
(سمر):ولم تتحدثين وكأن الأمر شئ غريب وغير مألوف؟
(نجوى):لكنه لا يحبها .
ضحكت الاثنتان على صديقتهما التى من الواضح أنها أصيبت بالغيرة وبدأتا تسخران منها..
بعد دخولهن للمنزل ووضع حقابئهن على معاليق الملابس عند المدخل سار الثلاث لغرفة المعيشة حيث كانت(أم رجب) تجلس على إحدى الأرائك وهى سيدة ممتلئة الجسد وبوجه قمرى مشرق محجبة بحجاب أبيض وتلبس رداءً زهريًا غطى جسدها بالكامل يشبه فى تصميمه الرداء المخصص للصلاة .
جلست بجانبها امرأة فى الثلاثين من عمرها لم تتعرف عليها صديقتا (منى) ولم ترياها من قبل وقد بدت لهم غريبة للوهلةالأولى فقد كانت سيدة بملامح حادة وعيناها مكتحلتان بكثافة فخطوط كحلتها العريضة خرجت عن حدود محاجرها بعض الشئ ومعاصمها وأصابعها التى حاولت إخفائها على الفتيات عند رؤيهن امتلأت بالأساور والخواتم العريضة ذات الفصوص الكبيرة ووشمت عليها بعض الرسومات البسيطة برموز غريبة وأنفها خرم بفص أبيض لامع وعنقها تزين بعقد ذهبى ضخم مزكرش بمجموعة من الفسافس الكرستالية بألوان زاهية بعكس أظافرها الطويلة بعض الشئ والمبرية كالمخالب والتى صبغت بلون غامق غير مألوف مال لخليط بين اللونين الأسود والأزرق.
تقدمت (منى)نحو أمها وقبلت رأسها ويدها ثم مدت كفها الأيمن نحو المرأة وسلمت عليها ببرود وقالت:كيف حالك يا خالة( أم حسن)؟
تبسمت (أم حسن) وعيناها على الفتاتين عند مدخل الغرفة:بخير يا أميرة ..ألن تعرفينا بصاحبتيك؟
سارت الفتاتان وسلمتا على والدك (منى)وقبلتا رأسها فقامت هى بالتعريف بهما وقالت:هاتان هما أعز صديقات ابنتى (منى) ..(سمر)و(نجوى)..يعرفن بعضهن بعضًا منذ المرحلة الاعدادية ولم يفترقن من حينها .
(أم حسن)وهى تمعن النظر إليهما وبابتسامة مريبة:الصداقة الوطيدة شئ جميل ..
(منى)لأمها وقد بدا عليها عدم الارتياح :
سوف نصعد لغرفتى يا أمى ..هل تريدين شيئا منى؟
(أم رجب):لا يا حبيبتى..سوف يكون الغداء جاهزًا بعد ساعة .
(منى)وهى تشد صديقتيها معها قبل رحيلها رامقة (أم حسن)بنظرة:حسنًا يا أمى سنكون فى غرفتى .
خرجت الفتايات من غرفة المعيشة وخلال صعودهن السلالم قالت (سمر):من تلك المرأة الغريبة؟
(منى)بضجر:جارتنا (أم حسن)!
(نجوى):تبدو مريبة ..لم أرتح لها أو لنظراتها .
(منى):لا أحد يرتاح لها سوى أمى.
(سمر):ولم تصاحب خالتى امرأة مثلها؟
(منى) وهى تدير مقبض غرفتها :صدقى أو لا تصرقى فأمى تحبها .
يتبع .....
YOU ARE READING
شبكة العنكبوت
Short Storyعالمنا عالم اسود والشر متأصل فيه.. وأى نور يشع فهو من دواخل الأخيار فقط.. وسيطفأ و يخمد ذلك الضوء مع اول مواجهة مع ظلام ظالم.. لنعود للعتمة..فى انتظار وهج جديد يحيينا.. ويجدد أملنا فى وهم النقاء ..