الشيطان بيننا!

31 4 0
                                    

تنفس بثقة، ثم بدأ التحدث في مكبر الصوت بنبرة حماس:«كما قال أحدهم، ربما في يومًا ما، بعد أن تاهت بنا السُبل، ربما في طريق ما، بعد أن تبعثرت أحلامنا، ربما في وهلة عابرة، بعد إن سكنُنا الشجن، ربما نصل، والآن أنا وصلت واخيرًا، ونجح سر اختفائي في الفترة الأخيرة، والآن سأفصح عنه».

ابتسم وتحرك نحو طاولة، ونزع من عليها الغطاء، تحت تصفيق المشاهدين وتصفيرهم، تفوه وهو يمسك بالعلبة، التي تحوي تسع أساور:« هذا الاختراع سر اختفائي، تسع أساور كل اسورة تحمل قوة خارقة، إذا ارتديتها تنقلها إليك، لكن أحذر إذا ارتديت أكثر من ثلاثة؛ سيغيب عقلك عن الوعي مدى الحياة؛ بسبب ضعف قلبك».

بعدما أنهى حديثه صدح صوت تصفيق حار، ابتسم ووقف منتظرًا حكم اللجنة.

—«اختراعك جميل، لكن اعذرني، إنه خطر؛ يأثر على العقل والقلب بالسلب».
نبس بها أحد أعضاء لجنة التحكيم، بينما خاطر تنفس بتوتر، وهو يسبت بهدوء:«أنا أعلم خطره وحذرت منه، أنا من أهم المخترعين واشهرهم، لن اضر الناس بالطبع».

تشاورت لجنة التحكيم فيما بينهم ثم قرروا:«نحن موافقين لكن بشرط، إذا تأذى أحد أو توفى؛ ستكون أنت الثمن، وسيحكم عليك بالأعدام».
تنهد خاطر بخوف، وسكن لوهلة يفكر، ثم هدر بثقة:«انا أثق في اختراعي؛ لذا أنا أوافق».
______________

—«وكأني تحمست لتجربته».
قالتها وشاح وهي تطالع المارة، وترى الاسورة تحيط بيد جميعهم.
بينما الآخر عبست ملامحه ناطقًا:«وشاح، لا تهذي!»
تأففت قائلة بضجر:«حسنًا أعلم إني مريضة قلب؛ لكن اختراع اخوك مبهرًا».
تنفست الهواء تفوه، وقلبها شجي:«كنت أريد حياة يملأها الحبور، كنت أريد حلم يمكنني تحقيقه».
زفرت بحزن تبصر النافذة، بينما سفيان عانق كفيها بكفيه، ثم نبس بنظرة حالمة واثقة:«أنا أثق أنكِ ستصلين، أثق أنكِ ستتعافين، أقسم ستصلين».
التفتت له، وملامح وجهها لم تتغير، وكأن البؤس احتلها معلنًا عدم تراجعه.

—«عمر كالسكر، قضيته بجانبك، وأنا أهرب من العالم لاعيش بداخلك، أنتِ وتفاصيلك، وأحلامك، وهواكِ، متأكد أن الخذلان إن أتى من الجميع، سيتوقف عندك، فأنتِ صاحبة الأعين التي جعلت تعاستي تتبخر، أنا أثق أنك ستجتمعي مع ما تريدين».

ابتسمت له بحب، ثم انتشلت حقيبتها تستعد للرحيل، وهي تهمس له:«احبك».
________________________

وقفت تتأمل البحر، فهو يشبه حلمها، هائج، وغريب، ومستحيل التبخر.
قطع تأملها شابًا يقف أمامها، ثيابه تخفي وجهه، وعيناه تحمل كل معاني السوداوية، تناطقت شفتاه ويده تتحرك تزامنًا مع الحديث:«أنتِ بائسة؛ لأنك تريدين تجربة اختراع خاطر، تفكرين إنه لا يمكن، بينما الحل في يديك».
طالعته وشاح، وهي تغمغم باستنكار:«وكيف يمكنني ذلك يا...، ذو القبعة السوداء».
أنهت حديثها تطالع قبعته، بينما هو ابتسم من خلف القناع، مسترسلًا حديثه:«لقب لطيف، سأعتمده، ما رأيك في هذا».
أنهى حديثه يخرج مجموعة من الأسوار، وكبسولة، طالعتهم وشاح بحماس يلمع في عيناها، بينما هو اخفاهم خلف ظهره مردفًا:« يجب عليكِ توخي الحذر، الكبسولة تقوي قلبك لتحمل القوات الخارقة، لكن يجب إن تتناولينها قبل كل استخدام».
تحمست في بادئ الأمر، لكن الآن زارها الشك؛ فماذا سيستفيد هو، نطقت تسأله منتظرة إجابة مرضية:«وأنتَ يا ذو القبعة السوداء، ماذا ستسفيد؟»
ابتسم من خلف القناع، واستطرد قائلًا:« لاشيء سوا ابتسامتك».
في الحقيقة رد غير مقنع، لكن العرض مغري، لذا انتشلت وشاح الأسوار والكبسولات، وهي تبتسم هامسة:«شكرًا لك».
_______________________
في بقعة آخرى تقبع فيها قلوب واهية؛ لأنها هاوية.

أن تبوح حيث تعيش القصص. اكتشف الآن