ليلةٌ مُثلِجةٌ(1)

585 51 287
                                    

لَيلةٌ مُثلِجةٌ(1)

إنَها تُثلجٌ مِن جَديدٍ السَماءُ ذَاتهاَ لَم تَتغير،
الثَلجُ ذَاتهُ بِـ بياضهِ النَقي لَم يَتغير!
وَ وحدةُ قَلبي لَن تَتغير كَذلك...

حَادثَ نَفسهُ رِيستُوس سِيهون الرَجُلِ البَالغُ مِنَ العُمرالثلاثونَ عاماً!
أو ثلاثُونَ عاماً مِنَ الوِحدةِ كَما يُسميهُم هوَ

رَجُلٌ روتيني وَحيدٌ لَكن وَحدتهُ باتَ مُعتاداً عَليها بَل هِي رافقتهُ لِسنينَ برفقةِ تَخيُلاتِهِ التي تؤنسُ وَحدتهُ
ريستُوس سيهون الغارقِ بروَاياتِ وَ كِتاباتِ الحُبِ وَ الشِعرِ
وَ الذي يَتخيلُ نَفسهُ بَطل إحداهُم
هوَ يَستمتعُ بِخيالهِ لأنهُ لا يَجرؤ على تَقبُلِ الواقعِ،
هوَ إنطوائيٌ لِدرجةٍ أنهُ يَخشَى إلقاءِ التَحيةِ عَلى جِيرانهِ!

لَكن هَذا لا يَمنعُ كونهِ مُوظفٌ مُجتهدٌ بِعملهِ دقيقٌ بِمواعيدهِ وَ يَتلقى أجراً مُتوسطاً وَ هوَ راضي عَنهُ وَ يكفيهِ للعيش بشقةٍ بَسيطةٍ وَ رَفاهيةٍ مُتوسطةٍ برفقةِ جَروهِ ڤيڤي
وَ صديقهُ الوَحيدُ

يَسيرُ بِمدينةِ سَانت بَطرسبِورغِ بِتلكَ الليلةِ المُثلجةِ يَضع كَفهُ بِجيبِ مِعطفهِ الطَويل الذي يَصلُ لمُنتصفَ سَاقيهِ وَ بِكفهِ الآخرَ يَحملُ كِيساً بلَاستيكياً يَحتوي عَلى طَعاماً قَد إبتاعهُ لِجروهِ الأبيضِ اللطيفِ

سِيهون حَقاً لَم يُحبذ يوماً الخُروجَ بِساعاتٍ مُتأخرةً مِنَ الليلِ
لَكنهُ عِندمَا إكتَشفَ أنَ طَعامَ جَروهِ الصَغير قَد نَفذ أجبَر نَفسهِ عَلى الخُروجِ وَ إبتياعِ بَعضِ الطَعامِ لإجلهِ

"أنت!"

أستوقفهُ أحدهُم فَتاً شَاباً بِطولٍ مُتوسطٍ قَصيرٌ نوعاً مَا بهيئةِ ضئيلةً شَعرٌ بُنيِ اللونِ أقربُ للأشقرِ عَينانِ خَضراءَ تَبرقُ وَسطَ عَتمةِ مَدينةِ سَانتِ بَطرسبورغ،
وَ رُغم البرودةِ الشَديدةِ للطَقسِ لَم يَكُن يَرتديِ إيَ مِعطفٍ وَ كَانت مَلابسهُ خَفيفةً لدرجةِ أنَ جَسدهُ الضَئيلُ يَرتجفُ
وَ أسنانهُ تَصطكُ مِنَ البَردِ

"عُذراً هـ..هَل تُحادثني؟"

سألهُ سِيهون بينما يُعدلُ نَظارتهِ الطُبيةِ عَلى جِسر إنفهِ بإرتباكٍ

"وَ هَل يُوجدُ شَخصاً آخراً غَيرُكَ هُنا ياسيدي؟"

سألهُ الفَتى سَاخراً ليتَلفتَ سَيهون مِن حَولهِ قَبل أن يَنفي برأسهِ

Saint Petersburg Nightsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن