" الفصل الاول "

300 4 1
                                    


# عشق-العاصم

في إحدى الشركات الكبرى، كان بدر يجلس في مكتبه الضخم، مغمورًا في تفكيره المتعكر بسبب همومه العائلية. كان يبحث عن حل لإحدى أصعب المشكلات التي واجهته كأب، وهي رفض ابنته الوحيدة ميرا فكرة الزواج بشكل قاطع. نظر إلى أوراق العمل أمامه، لكنه كان غير قادر على التركيز. قطع أفكاره دخول صديقه القديم محمد، الذي كان شريكًا له في العديد من الأعمال التجارية، وأيضًا كان يعرف أسرار حياته الشخصية.

"والله يا محمد، مش عارف أعمل معاها إيه"، قال بدر وهو يتنهد بعمق، محاولًا إيجاد كلمات تعبر عن حيرته. "كل ما يتقدملها حد ترفضه بدون أي سبب مقنع."

ابتسم محمد بحنان، وهو يعرف مدى حب بدر لابنته الوحيدة. "بس ميرا بنت جميلة ومحترمة يا بدر، وأي حد يتمناها زوجة. ليه بترفض؟"

تراجع بدر في مقعده، ناظرًا إلى السقف وكأنه يحاول استرجاع كل المحادثات التي دارت بينه وبين ابنته.

"والله مش عارف يا محمد. ميرا عندها 24 سنة، خلصت دراستها الجامعية، لكن قاعده في البيت من غير ما تفكر في مستقبلها العاطفي. رافضة حاجة اسمها جواز من الأساس! وأنا كأب عايز أطمن عليها قبل ما ييجي يومي. هي بنتي الوحيدة... مش عارف هعمل إيه لو فضلت على الحال ده."

لم يستطع محمد إلا أن يشعر بالتعاطف مع صديقه. كان يعرف أن الحب الأبوي يمكن أن يتحول إلى عبء ثقيل عندما يتعلق الأمر بمستقبل الأولاد.

"ما تقولش كده يا بدر، إن شاء الله تتطمن عليها وتشيل أحفادك كمان.
" ثم تردد للحظة قبل أن يضيف بحذر: "مش يمكن في حياتها حد يا بدر؟ يمكن ده السبب اللي مخليها ترفض العرسان اللي بيتقدملها."

هز بدر رأسه بالنفي بسرعة، وكأن الفكرة كانت غير واردة تمامًا.
"مفتكرش. ميرا بنتي صريحة معايا في كل حاجة. عمرها ما خبّت عني حاجة، ودي رافضة أي راجل في حياتها. مكتفية بنفسها وبتقول إن الجواز مش على قائمة أولوياتها. أنا مبقتش فاهم هي دماغها فيها إيه."

ابتسم محمد، متفهمًا أن المشكلة ليست مقتصرة على ميرا وحدها. "والله يا بدر، ابني عاصم نفس القصة. عنده 27 سنة، وكل همّه في حياته الشغل. ماسك في الشركات وماشي فيها زي الصاروخ، لكن لما أجيب سيرة الجواز، يتهرب وكأن الموضوع ده ملوش مكان في دماغه. مش عارف أعمل معاه إيه."

بدر ضحك بهدوء، محاولًا تخفيف الضغط عن نفسه قليلاً. "هو كل حال ولاد اليومين دول كده ولا إيه؟"

محمد ضحك بدوره. "والله يا بدر، مفيش تفسير. لكن بصراحة، أنا نفسي أفرح بيه قبل ما الوقت يفوت."

توقف الحوار لبرهة، ثم لمح محمد فكرة وهو يرفع حاجبيه باهتمام. "بقولك إيه يا بدر؟"

بدر نظر إليه بفضول: "خير يا محمد؟"

عشق العاصمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن