الفصل الثالث: بدايةُ صِراعي..

24 1 0
                                    

الشيء المرعب في ذلك الموقف لم تكن الجملة ذاتها وانما صاحب الجملة ان يكون مصدر هذا الكلام من لسان طفل لم يتجاوز سن العاشرة بعد لهوَ أمرٌ مرعب جداً
لم أقل هذا الكلام عندما كنت في قلب الحدث ولكنني اقوله كشخصٍ بالغ بالفعل ولديه ابناء بالغين كذلك،
على كل حال.. لنعد..
'انا لم أقتلها' جملة كانت كالصدى في رأسي أنذاك
لم أكن افهم ما تعني حقاً ولكن ماأعنيه ان هناك شخصاً غادر الحياة.

كانت الغرفة في صمتٍ مُهيب..حقاً كانت قاَتلة خاصتاً بعد جملته التي أردف بها رُعبه وكأن عاشَ كابوس الواقع للتوّ
تدليت على باب الغرفة بتماطل وانا أحاول استجماع ما بقي لي من طاقة مردفاً تعبيراً من الدهشة والصدمة ..كنت أحاول ان استوعب الكمّ الهائل من الصدمات التي طُعنت بها هذا اليوم
وتمنيت..وتمنيتُ لو أن ذاك اليوم لم يكن سوى حُلم..

كان جوزيف يُتمتم بصوتٍ مُرتجف ومُرتعب..لم أرى تعابيره ولم ارى شكله .. ما رأيته للأن سوى الظلام لأنه لم يُوجد للغرفة نُور...متمتماً:

"لم...لم...لم..."

ثم بدأ بالبكاء بصوت عميق لم استطع فهمه حتى الأن..مزيج من الحزن والخيّبة..مزيجاً مـن الألم وفقدان الأمل...

لم استطع البكاء ولم استطع الوقوف ولم استطع التحدث معه لقد كنت مُنهار... يالَ بُؤس ذلك اليوم، يالَ خيبة ذلك اليوم،

ذلك اليوم أسميتُه بِالصراعْ.....


أشرقت الشمسُ وتسللت أشعتها عبر نافذة تلك الغرفة منيرة للعتمة ..

كنت لا ازال مسنداً ظهري على الباب...كان جوزيف يجلس في الزاوية وهو يضم أرجله الى صدره وعينيه مفتوحتان كجثةٍ هامدة..نعم لم يستطع ألبرت وجُوزيف النوم

كسر صوتُ الصمت أنذاك رنين سيارة الشرطة مُبشرةً بقدومها نحو منزلنا...لم أقوى على النهوض ولكن ذلك الصوت جعلني أرتجف بشكل مُرعب وكأن شيئا خطيراً حَدث..توجهت بسرعة وبخطواتٍ متثاقلة متمايلة نحو نافذة الغرفة لأجد على مصرعيَّ مجموعة من الشرطة مُسلحة بالكامل تحاصر القصر بأكمله..اغلقت النافذة برعب وارتطمت على الأرض ونظري بعدهاَ صوّبته نحو جوزيف...

قلت في نفسي انذاكَ
" جُوزيف...ما الأمر؟"

توقف تفكيري وتسارعت نبضات قلبي بشكل قوي وعيناي اتسعت من الصدمة عندما رّن صوت جملته في عقلي

" انا لم اقتلها"

لنتوقف للحظة.... بدأ ألبرت بالضحك على حادثة ذلك اليوم قائلا بصوت شجي..

" اهٍ منك يا جوزيف "

لنكمل..

تردد صدى جملته في ذهني وفي كل مرة يأتيني تفكير اخر محاولاً ربط الأحداث ببعضها البعض

اقتربت منه بخطوات متثاقلة...لقد انهزم ألبرت انذاك ولم يعد له طاقة في فهم ما يدور..تمنيت حينها لو ان لدي القدرة لتخطي الأيام...

صراعُ  ألبرت.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن