ورد في كتاب ( المعجزات والكرامات ) عن العالم الجليل الزاهد الذي ليس له بديل السيد عزيز الله انه قال :
في زمان أقامتي في النجف الاشرف ذهبت مره يوم عيد الفطر المبارك إلى كربلاء المقدسة لزيارة أبي عبدالله الحسين ( صلوات الله عليه ) وهناك نزلت ضيفا على صديق لي في مدرسة الصدر فكنت انفق جل أوقاتي في الحرم الحسيني الطاهر .
ودخلت المدرسة في احد الأيام .. فرأيت جمعا من الأصدقاء يتهيئون لزيارة النجف الأشرف فسألوني عن الوقت الذي أروم فيه السفر إلى النجف .
قلت : اذهبوا انتم إلى النجف ، فأني عازم على السفر من هنا إلى بيت الله الحرام .
قالوا: وكيف ؟!
قلت لهم : دعوت تحت قبة سيد الشهداء (ع) أن أوفق للذهاب إلى حبيبي مشيا على الأقدام فأكون أيام الحج في حرم الله ..
فما كان من هؤلاء الأصدقاء إلا أن اخذوا يعنفوني ويلوموني قائلين يبدو عقلك قد تحجر من كثرة العبادة والرياضة ، وأصابك الجنون !
كيف تسافر بهذه البنية الضعيفة والبدن العليل وحدك عبر الصحراء العريضة ؟
سوف تقع في أول مرحله من مراحل الطريق بأيدي أعراب البادية وتكون نهايتك !
انكسر قلبي من هذا التأنيب والتعنيف ، وتضايقت كثيرا،
خرجت من الغرفة ابكي ومضيت من فوري إلى حرم سيد الشهداء (ع) زرت زيارة مختصره وانتبذت مكانا عند الرأس المقدس ... ورحت أدعو بدعاء التوسل في بكاء ونواح وفي تلك الحالة ... حدث أمر . أحسست دفعة واحده بكف يد الله الامام بقية الله روحي له الفداء تستقر على كتفي ثم قال
( صلوات الله عليه ) : أتود أن تذهب معي إلى بيت الله مشيا على الأقدام .
قلت : نعم
فقال (ع) : يكفيك مقدار من الخبز الجاف لمدة أسبوع وخذ معك ثياب الإحرام في يوم ( كذا ) وساعة كذا كن هنا ، وزر زيارة الوداع لنمضي معا من هذا المكان المقدس تلقاء المقصود .
قلت : على عيني أنا في رسم الخدمة ..
ذهب الامام (ع) وخرجت من الحرم الحسيني . ثم هيأت من الخبز الجاف مقدار الذي أوصى به الامام ، وحملت ثياب الإحرام ، وقصدت الحرم الطاهر وزرت زيارة الوداع في المكان المعين التقيت بالإمام (ع) خرجت من الحرم برفقة بقية الله ، وسرنا حيث غدونا خارج كربلاء مشينا ساعة ... لا الإمام يكلمني ولا أنا قادر على أن أحدثه واشغل وقته ، كان الوضع عاديا .. حتى بلغنا في الصحراء موضعا فيه ماء . عندها خط الإمام (ع) خطا على الأرض قال : هذه هي القبلة أمكث هنا صلي وأستريح . أعود إليك عصرا لنذهب إلى مكة ... سلمت لما أراد ، فمضى (ع) .. وعاد وقت العصر ، قال : هيا نذهب نهضت وحملت خرج الخبز ومقدار من الماء . ولدى الغروب بلغنا مكانا فيه ماء ، قال لي : اقض الليلة هنا . وخط خطا يعيّن اتجاه القبلة وقال : هذه هي القبلة وسآتيك صباح غد ، لنمضي تلقاء مكة المكرمة .
مر أسبوع على هذه الشاكلة . وفي صبيحة اليوم السابع قال لي الامام (ع) وقد كنا قرب ماء في الصحراء : اغتسل بهذا الماء وارتد ثياب الإحرام وافعل ما افعل ولبي معي كما ألبي ... فهاهنا ميقات .
كنت اردد ما يقول الإمام وافعل مثلما يفعل ... حتى إذا سرنا قليلا وصرنا على مقربه من جبل .. طرقت سمعي أصوات ؟
سألت ما هذه الأصوات ؟
أجاب الإمام (ع) : اصعد الجبل تر مدينه هناك ، فأدخل المدينة . قال الامام هذا ثم غاب عني صعدت الجبل ثم اتخذت طريقا انحدر فيه نحو المدينة ، وهناك سألت رجلا : ما اسم هذه المدينة ؟
قال : هذه مكة المكرمة وهذا بيت الله .
وفجأة تفطنت إلى حالي وأخذت ألوم على نفسي : سبعة أيام كنت برفقة إمام الزمان ولم استفد منه ؟
لماذا تعاملت مع هذا الموضوع الفائق الأهمية بكل هذه البساطة والعفوية؟! وعلى أي حال .. فقمت في مكة شهريّ شوال وذي القعدة وأيام من شهر ذي الحجة . ثم التقيت بأصدقائي الذين قد وصلوا إلى مكة بالسيارة . خلال هذه المدة كنت عاكفا على التعبد والزيارة والطواف . وتعرفت فيها على عدة أشخاص ولما رآني أصدقائي ومعارفي الذين جاءوا من بعدي إلى مكة وضعوا أيديهم في أفواههم من الدهشة وشاعت بينهم حكايتي ...( نقلا عن الكمالات الروحية ).ص132
* * * * *