اقتبـاس

589 20 9
                                    

تسير هائمةً على وجهها دمعها ينساب من مُقلتيها بألم وحسرة، لا تُعير اهتماماً لتلك النظرات التي ترمقها منها المتعجب ومنها المشفق عليها، وصلت أمام ذلك السور تاركةً حقيبتها ملقاة بإهمال تنظر بشرود للمياه المنسابة أمامها تترأىٰ برأسها عدة لقطات أليمة جعلت تلك الدموع تزداد وكأنها أضحت شلالات، أُغلقت جميع الأبواب بوجهها لم تعد تملك شئ لا أهل ولا مال أصبحت كالشريدة ، يأسها تملك منها وشيطانها سيطر على عقلها مسحت بأكمام قميصها وجهها وهي تنظر للماء بعزم على تحقيق ما وُسوس لها وهي تردد بتمتمة خافتة لا يسمعها غيرها :

_ مشوا كلهم مشوا، لازم أروح لهم هم اللي بيحبوني بس معدش ليا حد إلا هم مليش حد

صعدت أعلى السور تنظر أمامها وقد تعالت شهقاتها وارتجفت أوصالها مرّ شريط عمرها أمام ناظريها في لحظات كيف كانت وكيف أضحت، تدمرت حياتها رحل جميع أحبتها نُبذت من أقرب الناس لها، أغمضت عينيها بقوة وفتحت ذراعها مُرحبةً بحياة جديدة بعيداً عن تلك الدنيا بأُناسها الظالمين لا تدرك نهاية ذلك الطريق المعوجّ الذي اتخدته في لحظة تملك منها الشيطان

لم يتدخل أحد فقد الجميع يراقب ويحمل هاتفه مسجلاً اللحظة المفجعة لتلك الفتاة وهي تُشيع ذاتها للهلاك، إذا نظرت إلى الأمر من بعيد لنفرت منهم ومن تلك القلوب التي لا تعرف مسمى الرحمة ولا الشفقة فقد يسيطر عليهم تحصيل المشاهدات والحصول على التفاعل ولكن الشخص ذاته لا يهم ، في لحظة ما خرج من ذاك الجمع شخصاً يصرخ بالجميع  بغضب يندفع صوبها بسرعة البرق قابضاً علي ملابسها من الخلف ساحباً إياها من تلك الهاوية التي كادت تبتلعها لويلات لم تفقها وهي تُقبل علي فعلتها الشنيعة

لم تشعر بذاتها إلا وهي تُسحب مصطدمة بشئ صلب فتحت أعينها ولكنها لم ترَ فقد رؤية ضبابية بسبب دموعها التي لم تتوقف حتي الآن، وهنا تناهى لمسمعها أصوات من حولها وكأن الجميع  وَكّل ذاته بأنه القاضي والجلاد لم يرحمها أحد وهم يصدرون الأحكام دون وجه حق

" حسرة علي شبابك يا بنتي، روحك رخيصة كدة، حسبي الله ونعم الوكيل فيكم هو احنا اللي فيه ده من شوية"

عند ذلك لم تتحمل أكثر من ذلك واستسلمت لتلك الفوهة تسحبها لتلك البؤرة السوداء تتمنى من داخلها ألا تستيقظ مرة أخرى

إنْ اعــوجَّ الطـريق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن