أما عصفور المنجم، فما أن تركت الجارية الدينار في يده وانصرفت، حتى جمع الدفاتر والسجادة، وانطلق يجري هارباً حتى وصل إلى البيت، وبحث عن زوجته وقال لها: " لقد أخذت اليوم ديناراً، لكنني كذبت على زوجة السلطان. غداً ينكسف كذبي، ويشنقونني. خذي هذا الدينار، وإذا جاء أحد يطلبني، قولي إنني لست هنا وأعطيهم دينارهم ليذهبوا عناً ".
وبات عصفور مهموماً حزيناً، يفكر فيما يمكن أن يحدث له في الغد.
فلما طلع الصباح، أقبل خدم السلطانة يسألون عند الباب: " أين بيت المنجم الجديد؟ " . فسمعهم عصفور وامتلأ قلبه رعباً، وقال لامرأته: " انظري.. هذه نتيجة مشورتك ! تقولين لي اعمل منجماً .. اعمل منجماً، ولا تتدبرين العواقب ؟! اذهبي قابليهم إذن، وخذي أنتي الصفع والركل !! قولي لهم إنني رجل مجنون، لا أدري ما أقول". ثم أسرع، واختبأ داخل الدار.
فتحت الزوجة الباب، فقالوا لها : " زوجة السلطان تطلب المنجم عصفوراً " . فأسرعت الزوجة تقول، متظاهرة بالمسكنة والمذلة: " هو يا مولاي رجل مسكين مجنون، لم يكن يدري ما يقول، خذوا الدينار وسامحوه ! ". فقال رئيس الخدم، وهو لا يفهم معنى قولها: " إنك أنتي المجنونة يا امرأة !! السلطانة ترسل إليه معنا ألف دينار وبغلة وملابس غالية، دعيه يخرج ليذهب معنا".
وكأنما أصاب المرأة مس من الجنون، فانطلقت تبحث عن زوجها في أرجاء المنزل وهي تصرخ: " الثروة وصلت يا عصفور .... السعد والسعادة يا عصفور .. السلطانة أرسلت إليك ألف دينار وبغلة يا عصفور ! ".
قال عصفور من مخبئه: " سأكون أنا البغل إذا صدقت هذا الكلام ! ".
لكن الزوجة أسرعت فأمسكت زوجها من ملابسه، وجرته جراً إلى الباب وهي تقول لخدم السلطانة: " هذا هو المنجم الشيخ عصفور".
وسرعان ما أخذه الخدم إلى الحمام ثم ألبسوه ملابسه الجديدة، وأركبوه البغلة، وأعطوه الألف دينار في كيس كبير، وضعه أمامه على ظهر بغلته.
وسار المنجم الشيخ عصفور وخلفه جمع كبير، يغنون ويرقصون ...
وهكذا، بين يوم وليلة، أصبح الشيخ عصفور أشهر منجم في المدينة !!**************************
أنت تقرأ
جرادة وعصفور
Short Storyيحكى أن إسكافياً فقيراً اسمه" عصفور "، كان يعيش في مدينة بغداد القديمة. وكانت له زوجة اسمها " جرادة " , تذكره كل يوم بفقره وعجزه عن توفير حياة أكثر راحة لها. هل سترضى جرادة عن زوجها عصفور؟.... كتابة وتأليف: (JAFARAMAD) رواية خفيفة التصنيف :(دراما ،...