الفصل الاول

209 10 1
                                    

 

_” أنت وَريثتِي الآن، لستِ فقط أميرَة، تلك الأيام ولت.. و عليكِ ادراك هذه الحقيقة يا رُوهان.. ايجاد الزوج المناسب و الصالح من أجلك مسؤولية كبيرة، و علي كوالدك، و كملك ان يكون اختياري موفقا، و اتمنى ان تفهمي ان الزواج واجبك لاستمرار نسل سلالتنا العظيم “
قال والدها بنبرة قاسية، تلك النبرة التي تتردد عليها منذ ان تم تعيينها كوريثة رسمية لعرش والدها، بعد ان فقدت اخاها في هجوم القراصنة على سفينته، العام الماضي، تغير قدرها... كان من المفترض ان يكون اخاها، داهلور، صاحب العيون المشرقة و الابتسامة الدافئة، هو الملك القادم، و ليست هي، لقد كان كل ما يمكن للملك ان يكون، فماذا تكون هي؟.
خفضت روهان رأسها و قالت بصوت مرتجف: ” اعذرني  يا والدي، أقصد يا مولاي... لكن، بالحديث عن الزواج، الم تكن، أقصد في العام الماضي.. كنت تنتوي تزويجي إلى الأمير.. ابن ذلك الملك في القارة الغربية؟ “
_” لم يكن اميرا، كان ابنا غير شرعيا لذلك الملك الاخرق، مخلوق قذر... انتجه الملك عبر انغماسه في شهواته مع عشيقاته، ذلك الملك البدين الاخرق، كان ينوي خداعي.. كان يريد الماسنا عبر تزويج لقيطه النجس باميرة مثلك..، لحسن حظنا، لقد مات قبل ان يتم هذا الزواج، او لنقل تلك المدعة، و تولى العرش ابنه، او ابن اخيه، لقد ترددت شائعات عن خيانة الملكة لزوجها مع اخيه، اعدمهما معا، لكن ابنه خلفه في النهاية، و ابنه الوقح كان صادقا.. لقد طلب يدك انت، الى لقيط ابيه، ذاكرا ذلك بالحرف الواحد في رسالته.. اللعنة عليهم، يظنوني ابلها، لقد نال مبعوثهم جزاءه... “
ارتعدت الاميرة و بصوت خفيض معتج بالألم قالت: ” جزاءه؟“
_” لقد اعدته اليهم بلا رأس.. “
رفعت روهان رأسها الى ابيها، و رمقته بعينيها الزمرديتين التي تلتمع فيهما دموع خفيفة..
المبعوث لم يفعل أي شيء خاطىء، لما قتله ابي؟.. لقد جاء كمرسول، و نفذ اوامر سيده... هل يدفع العبد ثمن أخطاء سيده؟
  قاطع والدها تفكيرها بصوته الحازم: ” عليهم ان يعرفوا مكانتهم، طلب يد أميرة شريفة و اصيلة للقيط اهانة كبرى، و ليحمدوا الههم اني لم اشن حربا عليهم!!، انسي ذلك يا ابنتي، كان ذلك جزء من اتفاق، قبل ان تكوني وريثتي، اما الآن، فانت في خط الخلافة، و خط الخلافة مهدد، و يجب عليك تأمينه!! “
_” مهدد؟ أ لأني امرأة؟ “
_” لطالما كنت صريحا معك يا رُوهان، نعم.. أنت امرأة، و لا احد من الذين من حولنا يحبذ ان تكون امرأة حاكمته.. لكنهم سيخضعون لارادتي، لا ذكر من صلبي الان، فقط انت و اختك ايسلا، و انت الكبرى، فلا حل لي الا توريثك.. و ليرحمنا الاله العظيم.. لا أعلم ان كان هذا القرار سيجلب مصيبة للبلاد.. “
مصيبة؟...
واصل ابوها كلامه: ” اسمعيني يا فتاة، أنت في السادسة عشرة، و هو سن مناسب الزواج.. ستتزوجين من رجل شريف ما، و تنجبين ابناء، ورثة جددا يليقون بحكم هذه البلاد.. “
و خفضت روهان رأسها، و توارت عيناها المكسورتان خلف خصلات شعرها، لم ترد ان تتزوج، ارادت ان تبق مع والدها، ان يضمها إلى صدره و يمسد شعرها كما كان يفعل عندما كانت طفلة، قبل ان يأخذه الواجب، و العرش، و السلطة بعيدا..
قبل عام، عندما كان والدها ينوي تزويجها للامير من البلاد المهجورة، سمعت ان ذلك الرجل كان وسيما لدرجة ان النساء يغمى عليهن عندما ينظر اليهن.. لكنها لم تهتم بذلك، و بقيت تدعو الاله في تلك الليلة ان لا يتم هذا الزواج.
كان اخوها قد ولج الغرفة اين كانت قد بللت الوسادة بدموعها، و بصوت ناعم قال داهلور بعد ان ضمها إلى صدره: ” لا تخافي يا حلوتي، كل الفتيات يمرن بهذه المرحلة، ستكونين زوجة صالحة و طيبة، و اما عظيمه، سيحبك زوجك بلا شك، من ذا الرجل الذي لا يقع في حب فتاة مثلك؟.. “
و كانت امنيتها الوحيدة في ذلك الوقت ان تمكث في حضن اخيها للأبد.
وضع ابوها يده على كتفها، و كم كان ذلك دافئا، و نظر في وجهها ببرود....و قال: ” اعلم اني قاس بعض الشيء يا ابنتي، لكن تأكدي، كل هذا يصب في مصحتك؟ “
_” لا اريد ان اكون وريثة، عين ابن عمي... “
و التمع الشرر الاحمر في عيون ابيها الزمرديتين: ” اعين داغار، الاحمق اللعين، مكانك؟؟  اين قانونا؟ اين الأعراف؟؟ داغار من الخط الثانوي، و من المستحيل ان يرث قبل ان نفنى، انا و انت و اختك.. لا تكرري ذلك “
_” حاضر“ قالت روهان بخنوع.
_” جيد، انت هنا في قصر الزمرد، و اتمنى ان تكوني امنة، القائد غوبهور سيحرص على ذلك، بعد ان اعود الى العاصمة، ساجد زوجا مناسبا لك يا رُوهان، و سيتم الزواج.. و ساكون جدا، و سيزدهر قصرنا باحفادي من اصحاب الدم المقدس “.

   كانت تلك اخر كلمات ابيها قبل ان يغادر المكان، كان القائد غوبهور، في العشرين من عمره، خلفها، خر راكعا على ركبته، كانت تعرف انه عبد اشتراه والدها منذ خمسة عشر عاما، و لذلك.. يبدو الأمر كما لو انه يعبده.
   عندما التفتت إليه، سألته راسمة ابتسامة لطيفه على وجهها: ” حضرة القائد، هل انت بخير؟ “

رفع غوبهور نفسه من الأرض و اجابها بصوت بارد: ” نعم يا مولاتي... “
  انه كتلة باردة، حكمت روهان، كان الدرج طويلا يؤدي الى غرفتها في اعلى قصر الزمرد، كان هناك اكثر من خمسة حراس حول الباب... و هذا اثار خوفها و استعجابها في ان واحد.
عندما فتح غوبهور الباب الذهبي المؤدي لغرفتها، وجدت نديمتاها، الأولى كان اسمها لولا، عبدة تبلغ من العمر  ثلاثة عشر عاما، و قد اشتروها قبل عام واحد  و الاخرى، مرضعتها و نديمة والدتها الراحلة، نورال، في الاربعين.
كانت نورال من استقبلتها بابتسامة جميلة جداً ابرزت خدودها المنتفخة الحمراء، اغلق غوبهور الباب...
_” مرحبا بك يا مولاتي... “
قالت نورال و انقضت عليها في عناق جعلها تشعر و كأنها ستختنق... ارادت ان تصرخ لتبتعد عنها لكنها خشيت ان ذلك سيجرح المرأة فاكتفت باحاطة ظهرها بذراعيها الضئيلتين، و استشعرت الدفىء هناك... هناك شعور يذكرها بحنان الام عندما تضمها نورال، ربما رائحة والدتها، تجدها في هذه المرأة..

   _” لقد كبرت كثيراً يا عزيزتي “ قالت نورال و قد ابتعدت عن روهان لتطالع وجهها، و تتحسس جسمها بيدها: ” لقد اصبحت عروسا يا حبيبتي، لقد برز ثديياك أيضاً “ كان التعليق صادما جداً لروهان، ثم ان خدودها احمرت، فقبلتها نورال على خدها و قالت: ” هل اتاك نزيفك؟ “
بوجه خجول اومأت بنعم، فضحكت المرأة الأكبر و التفتت الى الصغرى و قالت بصوت عالي: ” يا فتاة.. تعالي الى هنا، لنحمم الاميرة.. “
اقتربت لولا من روهان و انحنت امامها، كان هناك خوف و تردد ظاهرين على وجهها، ابتسمت روهان و اقتربت منها و اخذت يدها قائلة: ” حبيبتي لولا، كيف حالك؟ “
فاجابت لولا بصوت رهيف: ” بخير يا مولاتي.. “
_” اتمنى ان نكون صديقتان جيدتان يا لولا.. “
قالت روهان ثم ضمتها الى صدرها..

يتبع

 The Scarlet Phoenix|| العنقَاء القرمزيّة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن