الفصل الاول

134 2 0
                                    

الفصل الأول

رفعت يديها تلوح بها لعائلتها من بعيد ... شعور الفخر و الزهو تتجلى معالمه عليها بأبهى طلاتها ...

صعدت امل درجات المنصة بشموخ لتستلم شهادة التخرج الجامعية .... بعد أن ملأ هُتاف اسمها الأصداء
" أمل عز الدين "
فتسربل إليها نشوة الاعتزاز بالنفس .... وتعاظم الأمل لصقل ذاتها أكثر !
واخيرا وصلت بعد تعب لأول خطوة بعالم مكلل بالنجاح..
لعالم وفير بفرص العمل ...

************
بعد سنوات

يبدو أن الحماس بعد سنوات بدأ يخفت .... ويتوزع تدريجيا مع تعدد المسؤوليات
اليد ذاتها التي لوحت بها منذ سنوات مع قرع موسيقى التخرج ، كملكة متوجة….
أصبّح في بنصرها خاتمّا يذكرها أن النجاح بينهما مشترك ...
والكد بالعمل أصبح قائما على كليهما ؛ لأجل أولادهما مستقبلا ...
بينما اصبحت شهادة الهندسة التي استلمتها بيدها اليسرى بعد عدة سنوات من التخرج مبروزه بإطار زجاجي جميل معلق على جدران غرفة الإستقبال بالمكتب الهندسي الذي انشأته هي وزوجها !
اليوم وبعد شهور أخرى امل أنجبت بنتًا أسمتها
" روفان"
أصبح تواجدها معها هوسًا ... شعور الأمومة وواجباته المجانية المهلكة كانت متعة عظيمة أعظم من أي مرتبْ كبير كانت تتقاضاه مسبقا ..برفاهية !

تغيرت الأهداف والأولويات بحياتها ..
حتى ترتيب مَنزّلتها ... انخفض درجة ودرجتين وربما انعدم...!
جلست بالصالة ... وضعت ألعاب عديدة حول روفان المشاكسة حتى تلتهي بها ...
نظرت امل للساعة فوجدتها الثالثة مساءً ، إنه وقت رجوع محمد ...
أغلق محمد باب المنزل ...
فهمهمت بكلمات مثقلة ... متجاهلة النظر إليه ...و تجاوزته دون أن تسلم عليه بلهفة كل يوم
قالت امل بهدوء خفي يخالف ما فيها
" سأضع لك طعام الغداء حالا "

كان محمد يشعر بما يختلج بنفس زوجته ....
وكيف لا... وهو من حظي بحبها أثناء الدراسة الجامعية طوال الخمس سنوات .....
يعرف مقصدها بكل بنسه وهمسة....
" امل عز الدين "
فتاة مدللة .. طموحة جدا.. فجأة أصبحت بين ليلة وضحاها امرأة مسؤولة عن تدبير امور المنزل بنفسها ... والاهتمام بزوجها وطفلتها ...

بالإضافة بأن عليها أن تهتم بالمناسبات الخاصة بالعائلة والأصدقاء والجيران... والقيام بالواجب على اتم وجه وأرقى صورة تليق بزوجة المهندس !.

ضحكت باستهزاء وهي تنظر لكفها الجاف من الأعمال المنزلية ... ومواد التنظيف ...
هل هذه الكف نفسها التي استلمت شهادة التخرج ولوحت بها ، وصممت مشاريعًا عديدة لم ترى النور كفايةً بعد ... !

الآن أصبحت تعمل بوظيفة اخرى ...لا تعرف سوى الطبخ... وتلميع أسطح البلور ... وغسل الأواني ... وتنظيف الجدران و الكي.... ناهيك عن غسل ملابس الطفلة على يديها ... نظرت لكفها ساهمة
هذه الكف التي تعودت على الدلال ..... والعناية ... و الأظافر الطويلة المنمقة
باتت جافة.. مهملة ... مقصوفة الأظافر .... !!

أديم الامل لكاتبة داليا بسامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن